رؤ2: 8 و اكتب الى ملاك كنيسة سميرنا…
“وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا:«هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ:” (رؤ2: 8)
+++
تفسير أنبا بولس البوشي
من الرؤيا: قال: «اكتب إلى ملاك كنيسة اسمرنا، هكذا يقول الأول والآخر، الذي صار ميتاً وعاش، إني أعرف حزنك ومسكنتك، وغناك، ولم أجد أحداً من الذين يقولون إنهم يهود، وليس هم كذلك، بل مجمع الشيطان. فلا تخف من الأحزان، الذين يأتون عليك، لأن الشيطان سوف يلقي قوماً منكم في الحبس، ليجربكم ويضيق عليكم عشرة أيام، فكن أميناً إلى الموت، وأنا أعطيك إكليل الحياة. من له أذنان سامعتان فتسمع ما يقوله الروح للكنائس. والذي يغلب لا يقهره الموت الثاني» (رؤ2: 8-11).
التفسير: ذكر رئيس كنيسة اسمرنا، ونواحيها قائلاً: «هكذا يقول الأول والآخر»، يعني أنه الإله بالحقيقة، الذي ليس له ابتداء ولا انتهاء. وإذا سمعت الألفاظ المتنازلة لأجل التدبير البشري وكيفية التجسد، فلا تدع من قلبك هذه الألفاظ العالية التي تليق بالألوهية، وهو هذا (أن) الواحد فاعل العجائب (هو نفسه) القابل الآلام.
وقوله: «الذي صار ميتاً وعاش»، يعني أنه قبل الآلام والموت بالجسد، من غير خيال). وهو الحياة الحي المحيي بقوة لاهوته، الغير متألم في طبعه، غير المائت، كما قال الكبير كيرلس رئيس أساقفة الإسكندرية:
[إذ (أن) الرب غير منظور ولا محسوس في جوهر لاهوته، اتحد بجسد بشري ليقبل به الآلام والموت عنا، ولم يتحد به خلواً من النفس العقلية، بل بنفس عاقلة ناطقة، التي لها قبول الآلام، وملاقاة الموت، فتألم بالجسد، والجسد فهو له بالاتحاد، فلهذا حسبت له الآلام من حيث الاتحاد، لا من حيث الاستحالة].
وقوله: «إني عارف حزنك» وما يتلوه، يعني أنه عالم بكل شيء كما تقدم القول في التفسير. وأما قوله: «لم أجد أحداً من الذين يقولون إنهم يهود وليس هم يهوداً، بل مجمع الشيطان»، لأن اليهود كانوا يسمون أطهاراً من أجل الختان، الذي يسمونه طهارة، كما تجد الأمم يسمونه بهذا (الاسم) إلى اليوم، وهو بالضد من ذلك، بل إنما هي رمز على تطهير المعمودية المقدسة، كما كتب الرسل الأفاضل أن الرب أعطانا المعمودية عوض الختان، وجسده ودمه عوضاً من لحم الخراف. والرسول الإلهي بولس يعلم قوة ذلك، فقال: «ليس من انتحل اليهودية هو يهودي، بل اليهودي من كان يهودي السريرة، والختان فهو ختان القلب من تلقاء الروح». عني الرسول باليهودية النقاوة، ليس بالاسم ولا بالختان، بل نقاوة القلب وطهارته، من تلقاء الروح القدس بالمعمودية. فلهذا قال في الأبوغالمسيس: «ليس هم كذلك بل مجمع الشيطان»، لأنهم تمسكوا بالظل وتركوا الحقّ، فلهذا استولى عليهم الشيطان، لما خذلهم الله من عنايته، لكفرهم.
ثم شجع الجماعة أن لا تخف من الأحزان المترادفة عليهم، من أجل فعل الصلاح. ثم عرّفهم أن الشيطان يجرب قوماً منهم وهم الأقوياء الذين فيهم، ويضايقهم عشرة أيام، لأن العشرة هي عقد العدد، ومنها يبتدئ، فعني (بالرقم عشرة) إلى الوفاة. فبين ذلك قائلاً: «فكن أميناً إلى الموت، وأنا أعطيك إكليلاً». كما قال: «الذي يصبر إلى المنتهى يخلص». ثم أعلمنا الكافة ما هذا الإكليل والخلاص، فقال: «الذي يغلب لا يقهره الموت الثاني»، كما شهد في الإنجيل أن المؤمنين به العاملين وصاياه لا يذوقون الموت، بل ينتقلون من الموت إلى الحياة.
تفسير ابن كاتب قيصر
12- (8) واكتب إلى ملاك كنيسة اسمرنا هذا يقوله الأول والآخر الذي مات وعاش (9) أنا أعرف شدتك ومسكنتك ولكنك غنى ولم أجد واحدا من الذين يقال لهم إنهم قوم يهود وليس هم قوم بل جماعة الشيطان (10) فلا تخف من الآلام التي تقبلها هوذا إبليس يطرح قوما منكم في السجن کی تحزنوا وتضطهدوا عشرة أيام كن مؤمنا حتى الموت وأنا أعطيك إكليل الحياة (11) من له أذنان أن يسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس لأن من يغلب فلا يقهره الموت الثاني .
هو ملاك كنيسة اسمرنا[2] أسقفها فيلفاريوس تلميذ الرسول والأول والآخر الذي مات وعاش قد مضى تفسيره . قوله : « أنا أعرف شدتك ومسكنتك ولكنك غنى» ، شدته هي مجاهدته على الإيمان لأنه استشهد أخيرا ومسكنته لأنه كان فقيرا لا يملك من حطام الدنيا شيئا وغناه ثروته بالفضائل ، وثباته في الشدائد.
وقوله : « ولم أجد واحدا من الذين يقال لهم إنهم قوم يهود » لفظة یهودی تطلق على خمس معان بالاشتراك ، أولها : اليهودي بالنسب ، وهو أحد بني يهوذا ابن يعقوب إذا نُسب إلى يهوذا والثاني : اليهودي باللحوق ، وهو من كان من أحد بقية الأسباط ، فإنه يطلق عليه بالقول العام یهودی ، وإن لم يكن ابنا ليهوذا . والثالث : بالمجاز ، وهو الدخيل في بني إسرائيل ، فإنه يطلق عليه یهودی الرابع : اليهودي بالوضع الشرعي وهو المؤمن بالله ونبوة موسى والعامل بوصايا التوراة والخامس : اليهودي بالاسم، وهو المنتسب إلى مذهب اليهودية وليس بعامل به سواء كان من بنى إسرائيل أو من غيرهم . وإذ بان هذا ، فيكون تقدير قوله ولم أجد واحدا يهوديا بالمعنى الرابع الوضعي ، أو من الذين يقال لهم يهود بالمعنى الخامس الإسمى ؛ وإلى هذين المعنيين أشار بولس الرسول بقوله : « لأنه ليس اليهودي الذي في الظاهر هو اليهودي بل اليهودي في الباطن هو اليهودي. أي يهودي بالوضع الشرعي» . وقوله : «وليس هم قوم» ، إن من الناس من ينغمس في استعمال القوة الشهوانية فتقوى فيه حتى يكون أشبه بالحمير والخنازير ، ومن الناس من يتجه إلى استعمال القوة الغضبية فتقوي فيه حتى يكون أشبه بالسباع والبغاث؛ وأما من استولت نفسه الناطقة على قوتيه الشهوانية والغضبية ، واستعملهما فيما يجب كما يجب حيث يجب ، فهذا هو الإنسان الفاضل بالحقيقة . ومن كان من الصنفين الأولين فهو أميل إلى البهيمية من الإنسانية وإليه الإشارة بقوله : «وليس هم قوم» ، أي ليس فيهم إنسانية يعتد بها وفي العرف ، إذا مدح إنسان فاضل ، قيل : هذا إنسان بالحقيقة ، وإذا ذم إنسان شرير ، قبل : ليس هذا إنسان أصلا . فبهذا الاعتبار قال : «وليس هم قوم »
وقوله : «بل جماعة الشيطان»، أي هم آلة يحركها الشيطان في الفساد والشرور ، ولذلك أضيفوا إليه إضافة اختصاص . وقوله : «لا تخف من الآلام التي تقبلها » ، هذه نبوة على استشهاد هذا الأسقف المذكور وتشجيع له على قبولها وقوله : «هوذا إبليس يطرح قوما منكم في السجن کی تحزنوا وتضطهدوا عشرة أيام» ، هذه نبوة ثانية عليه واعلم أن تجربة الأبرار وامتحانهم قد تطلق لإبليس ليظهر بها الجوهر الخالص من المدلس والصابر من الجازع كما في قصة أيوب الصديق ، وكما مثل الإنجيل بالزرع الذي وقع على الصفاء ، فقال: «وعند المضائق يشكون لأنهم لا أصل لهم ولا ثرى».
وكما قال أيضا : «هوذا الشيطان يغربلكم كالحنطة» . وقال: « ويضل كثيرا من المختارين» . وقال(: «ومن يصبر إلى المنتهى يخلص »
وهذا الأسقف فيلفاروس اعتقل وجماعة معه بتحريك من الشيطان وأخيرا خلصوا وأحرق الأسقف ، فلهذا قال له الوحي : «كن مؤمنا حتى الموت وأنا أعطيك إكليل الحياة» ، فاإكليل إنذار بشهادته وعلامة لمنزلته ، لأن سيدنا قال : «المنازل في بيت أبي كثيرة» ، ولذلك كان الإكليل علامة لشرف منزلة الشهداء في ملك السماء . وإضافته الإكليل إلى الحياة إضافة تعريف ، والحياة سعادة الأبرار وبهجتهم الدائمة في الآخرة ، وأيضا لأن لفظتا التاج والإكليل معناهما واحد . وقد أتى ذلك علامة ورمز على سبعة أشياء أولها الملك ، والثاني الحكم ، والثالث الشهادة ، والرابع النبوة ، والخامس الرسالة ، والسادس الكهنوت ، كما قالت التوراة في السفر الثاني ) : « وشدوا إكليل القدس فوق العمامة» ، والسابع المدح ، كما قال أرميا : «قد رفع عن رؤوسكم إكليل مدحكم» وسيأتي كل منهم في مكانه . وقد مضى تفسير : «من له أذنان أن يسمع فليسمع» وما يليه . وكذلك قوله : «من يغلب » فأما «الموت الثاني» فإنه عذاب الأشرار في الآخرة لشدته ودوامه ، سماه موتا بدليل ما بينه في الفص المائة والعشرين من هذه الرؤيا بقوله إن جميع الخطاة يكون نصيبهم في البحيرة النار والكبريت في الموت الثاني.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
إلى ملاك كنيسة سميرنا 8 – 11.
- من هو؟
“واكتب إلى ملاك كنيسة سميرنا”. وقد قيل إنه الأسقف بوليكربس. ويرى ابن العسالأنه الأسقف فليغاريوس تلميذ الرسول يوحنا.
- وصف الرب
“هذا يقوله الأول والآخر، الذي كان ميتًا فعاش” [8].
إذ يكتب إلى كنيسة سميرنا المتألمة والتي كانت على أهُبًّة اضطهاد مرّ للغاية، أراد الرب أن يطمئنها أنه هو الأول والآخر الذي يضم خليقته فيه فلا يصيبها شيء بغير سماح منه، ولا يسمح لهم بشيء إلاّ ما هو لخيرهم. كما يذكرها أنه “كان ميتًا فعاش“، فإن كان قد مات من أجلها، كيف لا تحتمل الموت من أجله؟ إنه قَبِل الموت ليدوس الموت، واهبًا الحياة لمن يموت معه!
- حال الكنيسة
إذ اتسمت الكنيسة بشدة الضيق الذي حلّ بها، لهذا يصفها قائلاً:
أ. “أنا أعرف أعمالك“، إن عيني لا تفارقانك وذلك كالفخاري الذي لا يُحوِّل عينيه عن الآنية التي في داخل الفرن حتى لا تحترق، وكالأب الذي يترك كل عمله لكي يلازم ابنه المتألم ساعة آلامه. فكلما اشتدّ الألم أعلن لنا الرب فيض اهتمامه بنا.
ب. “وضيقتك“: إنني أعرف درجة الحرارة التي تناسبك، فلا أسمح بالضيقة إلاّ بالقدر الذي يناسبك لأجل خلاصك وبنيانك.
ج. “وفقرك“: وربما كان الفقر بسبب مصادرة الدولة الرومانيّة ممتلكات المسيحيين. فالرب يعلم ما يحدث لأولاده حتى ولو صاروا في أشد حالات الفقر.
د. “مع أنك غني. وتجديف القائلين أنهم يهود وليسوا يهودًا، بل هم مجمع شيطان” [9]. وكما يقول ابن العسال: [أنه يعرف غناه بسبب ثروته بالفضائل وثباته في الشدائد.] ويقول القديس إيرونيموس: [من يفتقر مع المسيح يصير غنيًا.] ويرى الأسقف فيكتورينوس أن الغِنى هنا يكمن في وجود أولاد للأسقف يرفضون “تجديف القائلين إنهم يهود”… فغِنى الأسقف هو استقامة إيمان أولاده واستقامة حياتهم، هذا الغِنى يريد الشيطان أن يسلبه عن طريق جماعة اليهود الأشرار الذين هم “مجمع الشيطان”.
- النصائح والإرشادات
“لا تخف مما أنت عتيد أن تتألم به.
هوذا إبليس مزمع أن يلقي بعضًا منكم في السجن لكي تجربوا،
ويكون لكم ضيق عشرة أيام” [10].
إذ غلبوا في حرب إبليس التي آثارها خلال اليهود الأشرار، يشجعهم الرب لقبول الضيق الذي تجتازه الكنيسة “عشرة أيام” أي العشرة اضطهادات الرومانيّة التي سجلها لنا التاريخ. كما أن رقم 10 يشير إلى الكثرة وعدم التحديد، كقول أيوب البار: “وهذه عشر مرات أخزيتموني” (أي 19: 3).
بماذا يشجعهم؟ “كن أمينًا إلى الموت، فسأعطيك إكليل الحياة” [10]. من أجل إكليل الحياة يقبل المؤمن كل ألم وضيق محتملاً أن يموت كل النهار ليبلغ “الحياة الأبدية” حيث لا يكون هناك موت!
“من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس.
من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني” [11].
هذه هي وصية الروح أن يقبل الإنسان موت الجسد لكي لا يغلبه الموت الثاني، لأن موت الجسد فيه حياة الروح التي ستأخذ جسدها ممجدًا إلى الأبد.
يقول الأب أفراحات: [إنه يحق لنا أن نخشى الموت الثاني (رؤ 20: 14) المملوء بكاء وصرير الأسنان وتنهدات وبؤسًا، الأمور التي تخص الظلمة الخارجية.]
لكن طوبى للمؤمنين والأبرار في تلك القيامة إذ هم يتوقعون أن يستيقظوا ويتقبلوا المواعيد الصالحة التي جعلت لهم.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
كنيسة سميرنا
مشكلة هذه الكنيسة أنها تعانى من إضطهاد حالى ومقبلة على فترة إضطهاد طويلة. إضطهدها اليهود أولاً = وتجديف القائلين أنهم يهود ويضطهدها الرومان بدأ هذا على يد نيرون والآن على يد دومتيانوس. والله يخبرهم أن هذا الإضطهاد سيمتد لفترة طويلة على يد عشرة أباطرة. ولكن قالها لهم بأسلوب شفرى = يكون لكم ضيق عشرة أيام = فاليوم هنا هو فترة حكم أحد الأباطرة العشرة. وهذا ما حدث تاريخياً. فلقد بدأ الإضطهاد الرومانى ضد الكنيسة المسيحية على يد نيرون وإنتهى على يد دقلديانوس وتولى بينهما عدد من الأباطرة الذين إضطهدوا المسيحية، وكان عددهم عشرة.
ومن محبة الله وفضله أنه يعرفنا ما سيحدث لنا فالله يود لو كشف أسراره لأولاده (تك17:18). وهكذا فسفر الرؤيا ملىء بالرموز التى بكشف فيها الله لنا أموراً كثيرة ولكننا سنعرفها فى حينه، بحيث لن يعرف أحد تفسيرها قبل أن تبدأ فى الحدوث. إذاً مشكلة هذه الكنيسة أنهم يموتون وسيموتون فى المستقبل خلال فترات إضطهاد عنيفة.
الصورة التى ظهر بها المسيح لهذه الكنيسة:- الأول والآخر والحى الذى كان ميتاً فعاش وهذه الصورة تناسب هذه الكنيسة المقبلة على الموت. فما يعزيهم أن الله وهو الأول والآخر إذ تجسد قد واجه الموت. لكن كان ذلك لحسابهم فهو عاش أى قام بعد أن كان ميتاً ليقيمنا معه….. القيامة الأولى هنا من موت الخطية. ومن يغلب له وعد أن لا يؤذيه الموت الثانى = أى تكون له القيامة الثانية. إذاً فالوعد هو إمتداد للصورة التى ظهر بها السيد المسيح. وهذا تنفيذاً لما قاله السيد المسيح فى (يو 25:5-29) وقوله الأول والآخر = تعنى أنه يضم خليقته كلها سواء أحياء بالجسد على الأرض أو كأرواح تحيا وتنعم فى الفردوس وهو الأول والآخر الذى لا يسمح بشىء إلا ما فيه الخير لأحبائه. وكان ميتاً فعاش فإن كان قد مات لأجلنا فكيف
لا نحتمل الموت لأجله.
المسيح يريد أن يقول : هل أنت خائف من الموت المجهول بالنسبة لك….. لا تخف فأنا جزت فيه قبلك وأعرفه.
إن المسيحى الحقيقى لا يخاف الموت أبداً بل يشتهيه لأنه بداية الحياة الحقيقية فى أفراح السماء. وحتى إذا جاء عصر إستشهاد فلقد قال السيد المسيح “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد بل خافوا من الذى له سلطان أن يلقى فى جهنم “.
فالذهاب إلى جهنم هو الموت الثانى. فيجب أن أحيا خائفاً من أن أغضب الله وليس خائفاً من الموت الأول، ومن يعيش خائفاً الله يكون له إكليل حياة.
والسيد المسيح غير مفهوم الموت، فقال عن الموت الجسدى أنه نوم إذ تعقبه قيامة ” لعازر حبيبنا قد نام ” فبعد كل نوم هناك إستيقاظ. وهكذا قال عن إبنة يايرس أنها نائمة. ولكنه فى مثل الإبن الضال فقد إعتبر أن رجوعه وتوبته هى أنه كان ميتاً فعاش. فنفهم أن الموت هو حياة الخطية.
ولنتأمل فيما قاله بولس الرسول ” إنى محصور بين الإثنين لى إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً ولكن أن أبقى فى الجسد الزم من أجلكم (فى 24،23:1). فالإنسان المسيحى مخلوق من أجل أعمال صالحة ليؤديها أف 10:2 ومن ينهى أعماله ينطلق لمكان الراحة. ولنأخذ مثالاً على هذا :-
فهيرودس قتل يعقوب بالسيف (أع 2،1:12) وأراد قتل بطرس ليرضى اليهود فأنقذ الملاك بطرس (أع 17،3:12) فلماذا أرسل الله ملاكاً لبطرس ولم يرسل ملاكاً ليعقوب ؟! هذا لأن يعقوب كان قد أنهى عمله أما بطرس فكان لا يزال أمامه أعمال يجب أن يتممها. وكما أن الله ظل يعمل ستة أيام ثم إستراح هكذا كل منا يعمل فى فترة حياته التى تناظر الستة أيام ثم يذهب إلى الراحة. فنحن إذاً غرباء فى هذه الأرض جئنا لنتمم رسالة ثم نذهب للراحة، وذلك بواسطة الموت. وقد يكون الموت موتاً طبيعياً أو إستشهاد فالموت وسيلة أياً كانت طريقته للذهاب إلى الراحة.
ولنلاحظ أننا لا يمكن لنا أن نحدد الوقت المناسب لكى ننطلق للراحة:-
- نحن لا نعلم متى نتمم العمل الذى خلقنا لأجله… الله وحده يعلم.
- لو أخترنا أن نموت الآن فربما كان الأفضل أن نعيش فترة أخرى نتوب فيها.
- ولو إخترنا أن نؤجل موتنا فلربما نخطىء أكثر وتضيع أبديتنا.
ولا يمكن لنا أن نحدد الطريقة التى نموت بها فهناك من ينتقل فجأة وهناك من ينتقل بعد مرض طويل خطير يكون عالماً فيه بمصيره المحتوم. وهذا الأخير تكون له فرصة تقديم توبة أما من يموت فجأة فليس له نفس الفرصة. لكن هناك من لو أصابتهم أمراض خطيرة يتذمرون على الله ويخسرون بسبب المرض خلاص نفوسهم، هؤلاء يكون الموت الفجائى أفضل لهم.
هناك من يموت شاباً وهناك من يموت شيخاً… ماذا نختار؟
الخلاصة نحن لا نعلم متى ننهى عملنا الذى خلقنا لأجله، ولا نعلم الوقت الذى نكون مستعدين فيه ولا الطريقة التى نغادر بها هذا العالم.
الله وحده يعلم فلنسلم له الأمر. حزقيال الملك أطال الله عمره 15 سنة ولكنه فى هذه الفترة أنجب أشر ملوك إسرائيل وهو منسى بل خلال هذه الفترة أخطأ هو خطأ جسيماً وما يعزينا أننا نثق أن الله فى محبته لأولاده ينقلهم فى أحسن حالاتهم فهو فاحص القلوب والكلى.
إن كانت كنيسة أفسس تشير لكنيسة الرسل التى نشرت الكرازة فى العالم فصارت محبوبة لذى المسيح فكنيسة سميرنا بمعنى المر تشير لعصر الإستشهاد.
ونلاحظ أن هذه الكنيسة هى الكنيسة الوحيدة التى لا يعاقبها المسيح فالضيق والإستشهاد ينقيان الكنيسة، وتاريخياً فعصور الإستشهاد هى أزهى عصور الكنيسة التى إمتدت فيها الكنيسة و نمت. و كما يقول بطرس الرسول من تألم فى الجسد كف عن الخطية (1بط1:4) لذلك لا عتاب هنا لا للرعية ولا للأسقف.
أنا عارف أعمالك = الله يطمئنهم بأنه عارف ثمر إيمانهم المتكاثر لحساب مجد الله
وضيقتك = التى عانى منها بسبب الإضطهاد. وفقرك = لأنهم صادروا أموالكم فالله يطمئمنهم أنه مهتم بألامهم ويعرف كل شىء. وأعمالك = تشير لخدمة الأسقف ورعايته واليهود بدأوا بمصادرة أموالهم ثم عملت الدولة الرومانية نفس الشىء بعد ذلك مع أنك غنى = فى إيمانك وفضائلك (راجع (عب24:10) + (يع5:2) + (2كو10:6)).
وليسوا يهود = يقال أن يهود سميرنا عبدوا الإمبراطور فى الظاهر ليظهروا ولاءهم له فيضرب المسيحيين إذ حرض هؤلاء اليهود الإمبراطور ضد المسيحيين. وهؤلاء ليسوا يهود. فاليهود هم أبناء إبراهيم ليس فقط بالجسد بل بحسب الإيمان. وهم لم يفهموا لكبريائهم نبوات كتبهم عن المسيح فصلبوا المسيح، ومازالوا حتى الآن يرفضونه ويجدفون عليه.
بل هم مجمع الشيطان = الله لا يوجد فى مجمعهم يقودهم ويرشدهم بل الشيطان يقود عقولهم لكبرياء قلوبهم.
لا تخف = ولم يقل له لن تتألم بل أنت تألمت وستتألم حتى لا يفاجئه الألم الآتى.
لكى تجربوا = التجربة تعطى للمؤمن تزكية أى تنقية.
ما يقوله الروح = الروح يدعو للتوبة ويشجع على إحتمال الضيقات.
من يغلب = يغلب تخويف الشيطان بدفعنا لنحب الحياة فنهرب من الإستشهاد.
الموت الثانى = الهلاك الأبدى فى إنفصال نهائى عن الله.
بوليكربوس :- هو أشهر أساقفة سميرنا وربما كان هو الأسقف المقصود هنا. وكان تلميذاً للقديس يوحنا الحبيب. عذبوه وهو شيخ. هو سلم نفسه للإستشهاد وإذ أرادوا حرقه دخل النار بإرادته دون أن يقيدوه فأطفأ الله النار وخرجت روائح عطرة من النار فضربه أحد الجنود بسيفه فإستشهد. له قول جميل: فإذ طلب إليه تلاميذه أن ينكر إيمانه حتى لا يستشهد قال “المسيح الذى عاشرته 86 سنة ولم أرى منه شيئاً ردياً كيف أتركه الآن”.
تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
ع8: سميرنا: هي مدينة تقع شمال أفسس وهي ميناء على بحر إيجة واشتهرت بالتجارة والغنى، أما اليوم فتعرف بإسم مدينة (أزمير) التركية … وأسقفها هو الشهيد “بوليكاربوس” تلميذ القديس يوحنا الرسول، وكنيسة سميرنا هي الكنيسة الوحيدة التي لم يعاتبها السيد المسيح على خطأ واضح كباقى الكنائس ولكن رسالته لها كانت رسالة تشجيعية بالأكثر.
الأول والآخر … ميتا فعاش: راجع شرح (رؤ 1: 11، 17، 18).
لما كانت كنيسة سميرنا كنيسة متألمة من الاضطهاد والعذابات حتى الموت، يقدم السيد هنا نفسه الإله الأزلي الأبدي لتستهين بالآلام الوقتية لأن إلهها يرفعها فوق الآلام الزمنية ويعطيها الحياة الأبدية، وهو أيضًا منتصر إجتاز الموت وهزمه بالقيامة ليعطى الكنيسة عزاءً في أنه تألم قبلًا كما تتألم هي الآن فهو يشاركها وهي تتمثل به؛ كذلك يعطيها رجاءً بأن بعد الموت حياة وبعد الاضطهاد سعادة أبدية.
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 2 للأنبا بولس البوشي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 2 لابن كاتب قيصر
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 2 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 2 للقمص أنطونيوس فكري
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 2 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
رؤ2: 7 | سفر الرؤيا | ||
الرؤيا – أصحاح 2 | |||
تفسير رؤيا 2 | تفاسير سفر الرؤيا |