رؤ21: 1 ثم رايت سماء جديدة و ارضا جديدة …
“ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. ” (رؤ21: 1)
+++
تفسير أنبا بولس البوشي
قال يوحنا الرائي : « ورأيت سماء جديدة وأرضا جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى قد زالتا والبحر لم يوجد »
وقد قال الرب : «طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض» ، وقال أيضا « السماء والأرض تزولان» وذلك عند هجوع الخلايق يوم السبت يكون زوالهم إلى الليل المقبل . ثم يقومون سحرا ، وهو وقت قيامة الرب له المجد من بين الأموت سحر جدا يوم الأحد.
وعند زوالهم ، تذهب هذه الأنوار المحسوسة ، الشمس واقمر والنجوم ، كما يقول الرب : الشمس تظلم والقمر لا يعطى ضوءه والكواكب تتساقط من السماء»، فإذا ذهب هؤلاء ، حينئذ النور الغير محسوس المشرق على القوات الروحانية يتصل إلى الأرض الجديدة . ذلك الذي لا يناله بعد ليل ولا ظلمة ، لتعلم الخليقة أن لها ابتداء ثم بعد ذلك يكون لها انتهاء.
فأما الدهر العتيد فليس له انتهاء ، بل ملك مع الله إلى الأبد ، وهكذا يكون نور دائم.
فإذا اتصل ذلك النور بالأرض الجديدة ، حينئذ يضرب بوق الله من السماء ، وتضطرب أساسات الأرض عند ذهابها ، ويصرخ رئيس الملائكة في البوق الأخير بقوة عظيمة كما يقول بولس الرسول، ويأمر الرب وتموج الأرض كمثل البحر الأعظم إذا اشتدت به قوة الرياح ، حينئذ يسمع الأموات صوت ابن الله ، ويأمر أن يقوموا أحياء ، لأن الكلمة الذي خلقهم أولا من لا شيء ، هو الكلمة الذي يبعثهم من ترابهم ويقيمهم أحياء ، كما يقول السيد له المجد : «فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته ، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة»
وقد بين ذلك القديس باسيليوس ، فقال : انظر أيها الإنسان إلى قوة وسرعة اقتداره وكيف يقيم الأموات بصوته وكلمته ، الخالق بها الأشياء منذ الأبد . فإذا انذهلت متعجبا من ذلك ، فقد جعل عندك ههنا أمرا مستعملا دائما يظهر لك هذا النوع.
تأمل البحر المالح وكيف أن جميع الأنهار الحلوة التي في أقصى الدنيا مع الينابيع تصب فيه ليلا ونهارا ، وهو لا يزداد ولا يتغير طعمه المالح . ولم ذلك ؟ لأنه يصعدها منه بخارا ، فتصير ماء حلوا طيبا ، ويوزع ذلك على كل الدنيا ، فيروي الجبال الشامخة من علاليها كما يقول داود النبي. فلو لم تجذب إليه الأنهار دائما لكانت تفرغ رطوبته ويعود علقما.
فتأمل كيف مزج ماء الأنهار الحلوة والينابيع الطيبة مع البحر المالح ، ثم أصعدها إلى الجو خارجا عن طباعها ، لأن المياه تطلب الأسفل ، فأصعدها أبخرة خفيفة ، وعقدها في الجو سحبا ، وفرقها في الأماكن البعيدة على رؤوس الجبال الشاهقة ، وأروى بها المواضع التي لا تقدر الأنهار أن تبلغ إليها لعلوها ، ثم حسنها وأرقها وحلاها أكثر من مياه الأنهار والينابيع.
وهكذا تصنع قوته وقدرته الإلهية في قيامة الأموات ، يجمع أجسادهم من أقاصى الأرض ، ومن التراب الذي قد اختلط بها ، ويقيمها بلا فساد أفضل مما كانت أولا ، كما يقول بولس الرسول : « يزرع في هوان ويقام في مجد . يزرع في ضعف ويقام في قوة . يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا »، وهذا حال أولياء الله ، فأما الخطاة والغير مؤمنين فبالضد من ذلك ، لأن الله كما يتمجد في أصفيائه ، كذلك الشيطان يخزى هو وأصدقاؤه والعلملون هواه . وكما يقوم هؤلاء بالمجد ، كذلك يقوم أولئك بالخزى.
فخف الآن أيها الإنسان ، واحذر من حكم الله المرهوب ، وتأمل قول الرب أن الأموات يسمعون صوته ويقومون ؛ ولم يسكت بعد ذلك ، بل قال : «الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة» .
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“ثم رأيت سماء جديدة وأرضًا جديدة،
لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا”.
لقد أوضح لنا الرب يسوع أن الخمر الجديدة لا توضع في زقاق قديمة، بل في زقاق جديد، هكذا نحن خمر ملكوته إذ نخلع هذا الجسد الفاسد لنلبسه في عدم فساد، وهذا المائت في عدم موت. نقوم في مجد وقوة، لنا أجسام روحانية (1 كو 15: 42-44) لهذا يضعنا الرب في سماء جديدة.
يليق بنا كأبناء ملكوت جديد ألا نعود بعد إلى هذه الأرض، لأنه كما أكد لنا ربنا يسوع: “السماء والأرض تزولان”. وقد طمأننا الرسول بطرس أنه بمجيء يوم الرب “تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب، ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها البرّ” (2 بط 3: 12-13). نسكن في “أرض الأحياء” مع كافة القديسين الأحياء بالروح.
ولعل قوله “سماء جديدة وأرض جديدة” يحمل معنى آخر أيضًا، هو أنه مع زوال كل ما هو قائم حاليًا سنعود إلى سماء جديدة، أي نلتقي مع “الرب إله السماء”، ومع السمائيين في شركة مبدعة جديدة في كمالها وتمامها.
ونلتقي أيضًا مع إخوتنا الذين كانوا معنا على الأرض في “أرض جديدة“، أي في لقاء حب من صنف جديد، في وحدة تامة وكاملة في شخص الرب يسوع. إنه لقاء كنيسة واحدة تذوق الوحدة الأبدية في صورة ليس لها مثيل، لهذا يقول “والبحر لا يوجد فيما بعد” [1]. ليس للبحر موضع هناك، إذ يشير البحر إلى الانقسام والانشقاق حيث يفصل البلدان أو الدول أو القارات، أما في السماء فالكنيسة ليس فيها ما يفصل أعضاءها عن بعضهم البعض. والبحر يشير إلى الاضطراب والقلق، إذ يقول الكتاب: “أما الأشرار فكالبحر المضطرب لأنه لا يستطيع أن يهدأ ويقذف حمأة وطينًا” (إش 57: 20). فالكنيسة السماوية لا يختفي فيها شرير واحد، بل مع كمال وحدتها يسودها سلام داخلي وخارجي.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 1 “ثم رايت سماء جديدة و ارضا جديدة لان السماء الاولى و الارض الاولى مضتا و البحر لا يوجد فيما بعد”.
هذا نفس ما قيل فى (إش17:65) + (إش22:66) + (مت35:24) سماء جديدة وأرض جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا.
- السماء الجديدة والأرض الجديدة هى ما قيل عنها ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان…(1كو9:2) وعن أن الأرض تزول والسماء تزول ” تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب. ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة ” (2بط13،12:3).
- راجع (رو19:8-22) ومنها نفهم أن الأرض والسماء (ما نراه حاليا من سماء الكواكب) هى فى حالة مؤقتة بسبب لعنة الخطية (تك17:3) ولكن سيعاد تكوين الكون وسيكون فى حالة مجد تتناسب مع ما حصل عليه الإنسان من حالة مجد وحرية من الشر. ستكون هناك أرض جديدة تنتهى منها صورة اللعنة وهكذا سماء جديدة لا تغضب على الأرض، أى تختفى الظواهر الطبيعية المدمرة. ويكون الكل فى حالة جمال فائق.
- السماء الجديدة هى لقاء مع الرب على مستوى جديد وشركة جديدة لم نختبر مثلها ونحن فى الجسد الترابى. والأرض الجديدة هى علاقتنا مع البشر إخوتنا فى محبة كاملة. والسماء الجديدة هى علاقة محبة وأخوة مع السمائيين من الملائكة (رؤ10:12) والكل متحد مع الرب يسوع فى وحدة أبدية.
والبحر لا يوجد فيما بعد = البحر بمياهه المالحة يشير لشهوات العالم الخاطئة والبحر بإضطراباته وأمواجه يشير للحياة المضطربة على الأرض ويشير للموت، فمن يحيا فى البحر لابد أنها وسيموت. وكل هذا قد إنتهى فى السماء فالسماء هى سلام عجيب دائم وإرتواء دائم وشبع دائم وبلا قلق (إش20:57). والبحر يشير أيضا للفواصل بين الناس. وهذا لا يوجد فى السماء.
تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
ع1: سماءً جديدة وأرضًا جديدة : أي منظر لخليقة جديدة لم يعرفها البشر من قبل ولم ترد حتى على خيالنا.
يلاحظ أنه في بدء الكتاب المقدس (تك1) كان الكلام عن خلقة السماء والأرض، وإذ ينتهى الكتاب المقدس، يكون الكلام أيضًا على “سماء جديدة وأرض جديدة“، وللتأكيد على هذه الصورة الجديدة للسماء والأرض، يضيف لنا ويؤِّكد زوال الأرض المادية وسماء النجوم التي اعتاد البشر الحياة عليها وتحتها.
أما سبب وجود سماء جديدة وأرض جديدة فهو كناية عن حياة جديدة لا علاقة لها بقوانين الحياة القديمة ولعل أهم معالمها هو وجود الله الدائم فيها، كما سنفهم من الأعداد التالية، فهي إذًا السماء والأرض الروحيتان واللتان تليقان بوجود الله.
البحر لا يوجد فيما بعد : البحر يشير للإنقسام والإضطراب، فهو الذي كان يقسم اليابسة، وأمواجه العالية رمز للإضطراب والهياج وعدم السلام.. والمعنى المراد أنه في الملكوت لا يوجد شيء من الصراعات أو الإنقسام البشرى.
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 21 للأنبا بولس البوشي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 21 لابن كاتب قيصر
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 21 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 21 للقمص أنطونيوس فكري
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 21 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
رؤ20: 15 | سفر الرؤيا | رؤ21: 2 | |
الرؤيا – أصحاح 21 | |||
تفسير رؤيا 21 | تفاسير سفر الرؤيا |