رو 13:5 فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم…

 

فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. (رو 13:5)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

” فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس” (رو5: 13).

لقد تصور البعض أن عبارة ” فإنه حتى الناموس” (أي حتى أعطي الناموس)، تعني ذلك الزمن الذي يسبق إعطاء الناموس، أي زمن هابيل، وزمن نوح، وزمن إبراهيم، وحتى ولادة موسى، غير أنه لابد وأن نسأل ما هي الخطية التي وجدت في ذلك الزمان؟ يقول البعض إن الرسول بولس يشير إلى الخطية التي حدثت في الفردوس، طالما أنها لم تكن قد بطلت بعد، بل أن ثمرها قد أينع، حيث أن هذه الخطية قد حملت الموت للجميع، وقد ساد الموت واستبد. لكن لأي سبب أضاف ” على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس” لقد أضاف ذلك، لمواجهة اليهود، فإذا لم تكن هناك خطية ، عندما لم يكن هناك ناموس، فكيف ساد الموت على جميع الذين عاشوا قبل الناموس؟ يبدو لي أن هذه العبارة لها علاقة بالأكثر بما كان في فكر الرسول بولس، وما كان يريد قوله. وما هو هذا الذي كان يريد قوله؟ أراد أن يقول إن الخطية وجدت في العالم حتى ذلك الحين الذي أعطي فيه الناموس، من الواضح أن هذا هو ما يقصده، فبعدما أعطي الناموس، سادت الخطية أتت من المعصية، لأنه يقول إن “الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس”. فلو أن هذه الخطية قد جلبت الموت بسبب مخالفة الناموس فكيف مات كل الذين عاشوا قبل الناموس؟ لأنه إن كان الموت يأتي من الخطية، وإذا كانت الخطية لا تُحسب إن لم يكن ناموس، فكيف ساد الموت قبل إعطاء الناموس؟

وبناء عليه يكون من الواضح أن الخطية لم تأت بسبب مخالفة الناموس، لكن بسبب خطية آدم، وهذه الخطية هي التي أدت إلى هلاك كل شيء. وما هو الدليل على ذلك؟ الدليل أن الجميع ماتوا قبل الناموس، لأنه يقول:

” ولكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم الذي هو مثال الآتي ” (رو5: 14).

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم،

وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس

إذ أخطأ الجميع.

فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم،

على أن الخطية لا تحسب، إذ لم يكن ناموس.

لكن قد ملك الموت من آدم إلي موسى،

وذلك علي الذين لم يخطئوا علي شبه تعدي آدم الذي هو مثال الآتي ” [12-14].

في هذا الحديث أوضح الرسول الآتي:

أولاً: فضح علة دخول الموت إلي البشرية وسلطانه عليها لكي يبرز بعد ذلك قوة تبريرنا بالسيد المسيح غالب الموت. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [كما يبذل أفضل الأطباء كل الجهد لاكتشاف مصدر الأمراض ويبلغون أصل الداء عينه هكذا فعل الطوباوي بولس أيضًا، فعندما قال أننا قد تبررنا، مؤكدًا ذلك خلال البطريرك (إبراهيم)، والروح (القدس)، وموت المسيح (لأنه ما كان ليموت إلا ليبرر)، أخذ بعد ذلك يؤكد ما سبق أن أوضحه بإسهاب خلال مصادر أخرى، محققًا هدفه ببرهان آخر مضاد، أي الموت والخطية.]

كأن الرسول يسأل: متى دخل الموت؟ وكيف غلب؟، فيجيب: “من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس، إذ أخطأ الجميع” [12]. لقد أظهر أن الخطية بدأت بالإنسان الأول، وتملّك الموت غالبًا إياه، وقد صار الكل مخطئين وإن لم يسقطوا في ذات المعصية. صارت الخطية منتشرة في الطبيعة البشرية لكنها غير مُكتشفة حتى جاء الناموس، فظهرت بعصيان الإنسان لوصايا معينة: “فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تُحسب إن لم يكن ناموس” [13].

دبت بذار الموت مع الخطية منذ آدم، لكن الموت لم يكن ثمرة عصيان للناموس بل ثمرة عصيان أبينا آدم. ملك الموت علي الذين لم يخطئوا بعصيان الناموس إنما خلال شبه تعدي آدم الذي هو مثال الآتي [14].

v في آدم سقطت أنا، وفيه طُردت من الفردوس، وفيه مت، فكيف يردني الرب إلا بأن يجدني في آدم مذنباً، إذ كنت هكذا، أما الآن ففي المسيح أتبرر أنا.

القديس أمبروسيوس

v لذلك يقول: ” افرحوا، أنا قد غلبت العالم” (يو 16: 33).

هذا قاله كمصارع لائق ليس بكونه الله فحسب، وإنما بإظهار جسدنا (الذي التحف به) كغالبٍ للألم والموت والفساد.

لقد دخلت الخطية إلي العالم بالجسد، وملك الموت بالخطية علي جميع الناس، لكن دينت الخطية بذات الجسد في شبه (شبه جسد الخطية)، فقد غُلبت الخطية، وطرد الموت من سلطانه، ونُزع الفساد بدفن الجسد وظهور بكر القيامة، وبدأ أساس البرّ في العالم بالإيمان، والكرازة بملكوت المسوات بين البشر، وقيام الصداقة بين الله والناس.

القديس غريغوريوس صانع العجائب

v حتى الأطفال الذين لا يخطئون في حياتهم الشخصية إنما حسب الجنس البشري العالم يكسرون عهد الله، إذ أخطأ الكل في واحد.

القديس أغسطينوس

ثانيا: يري القديس إيريناؤس أنه بالخطية “ملك الموت من آدم إلي موسى” [14]،أما وقد جاء الناموس في العصر الموسوي، انفضحت الخطية، وظهرت أنها خاطئة، وأُعلن أن الموت ليس ملكًا حقيقيًا إنما هو مُغتصب ومجرم يمثل ثقلاً علي الإنسان.

ثالثا: ماذا يقصد بعبارة “آدم الذي هو مثال الآتي” [14]؟ يجيب القديس يوحنا الذهبي الفم أنه كما بواحدٍ صار الحكم علي الكل بواحدٍ أيضًا صار البرّ لكل المؤمنين. كما سقط الكل تحت الموت مع أنهم لم يأكلوا مع آدم من الشجرة، هكذا قُدم الخلاص للعالم دون فضل من جانبهم، إنما يرجع الفضل لبرّ المسيح الذي يهبه خلال شجرة الصليب.

يؤكد القديس الذهبي الفم أنه لا يفهم من هذا أن الخطية والنعمة متساويان، ولا الموت والحياة عديلان، لأن الشيطان والله ليسا متساويين.

رابعا: إن كان الموت قد ملك علي البشرية بسبب آدم، فقد جاء كلمة الله متجسدًا كآدم الثاني لينزع عن الإنسان هذا السلطان القاتل:

v من آدم إلي موسى ملك الموت، لكن حضور الكلمة حطّم الموت (2 تي 1: 10). لم يعد بعد في آدم يموت جميعنا (1كو 15: 22)، إنما صرنا في المسيح نحيا جميعنا.

القديس البابا أثناسيوس

v منذ القديم: “تسلط الموت من آدم إلي موسى”، أما الآن فالصوت الإلهي يقول: اليوم تكون معي في الفردوس (لو 23: 43). إذ يشعر القديس بهذه النعمة يقول: لولا ان الرب كان معي لهلكت نفسي في الهاوية(مز 94: 17) .

القديس البابا أثناسيوس

v إذ أخطأ الإنسان وسقط صار كل شيء في ارتباك بسقوطه، وتسلط الموت من آدم إلي موسى، ولعنت الأرض، وانفتح الجحيم، وأُغلق الفردوس، وتكدرت السماء، وأخيرًا فسد الإنسان وتوّحش (مز 49: 12) بينما تعظم الشيطان ضدنا. لذلك فإن الله في حبه الحاني لم يرد للإنسان الذي خُلق علي صورته أن يُهلك، فقال: “من أرسل؟ ومن يذهب من أجلنا؟” (إش 6: 8). وإذ صمت الكل قال الابن: هأنذا أرسلنى”، عندئذ قيل له: اذهبوسُلم إليه الإنسان، حتى إذ صار الكلمة جسدًا، فبأخذه الجسد أصلح الإنسان بكليته. لقد أُسلم إليه الإنسان كما إلي طبيب ليشفيه من لدغة الحية، فيهبه الحياة، ويقيمه من الموت، ويضئ عليه، وينير الظلمة. إذ صار جسدًا جدّد الطبيعة العاقلة… وردّ كل الأشياء إلي الصلاح والكمال.

القديس البابا أثناسيوس

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

آية (13): “فأنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تُحسب إن لم يكن ناموس.”

قبل الناموس كانت الخطية موجودة وقاتلة، ولكن كان يمكن للإنسان أن يعتذر بأنه لا يعرفولكن بعد الناموس صارت الخطية تعدي، فصارت تميت:      [1] لكونها خطية.      [2] أنها تعدي علي ناموس الله.

كانت الخطية في العالم علي أن الخطية لا تُحسَب أي لا تحسب أنها تعدي، قبل الناموس كانت الخطية منتشرة لكنها غير معروفة أو محددة بناموس مكتوب وجاء الناموس ليحاصرهاولكن حتى قبل الناموس كان الموت يسري علي الجميع بسبب خطية آدم وأخطاء الجميعفالموت هو نتيجة طبيعية للخطية، ولكن بعد الناموس صارت العقوبة أكبر بسبب الخطية + التعدي، لهذا قيل عمن يرفض دعوة التلاميذ “ستكون لسدوم وعمورة حالاً أكثر إحتمالاً يوم الدين” (مت15:10). كمثالربما يأتي إبني بتصرفات خاطئة تنشئ غضباً ولكن إذا قلت له يوماً لا تفعل كذا ثم خالف سيكون الغضب أكثر جداًأو السيجارة كانت خطأ (أن يحرق إنسان أمواله علي لا شئ)، ولكن الآن بعد أن عرف أن السجائر تسبب السرطان فصار من يدخن ليس فقط يحرق أمواله، بل أيضاً صحته، صار كمن ينتحروإكتشاف الطب لضرر السجائر مشابه لعمل الناموس الذي شخص الخطية وحددها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى