غل 6:5 لإنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة
لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ. غل 6:5
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
الإيمان العامل بالمحبة
الإيمان بالمسيح المحرر العامل بالمحبة [6]. ربما كان في ذهن القديس بولس هنا (المحبة) المتبادلة بين اللَّه والإنسان. حب اللَّه يحرك الإنسان فيستجيب له، مطيعًا الوصية كتعبيرٍ عن الحب.
v لاحظ جرأته العظيمة في مواجهتهم، إذ يقول إن الذي لبس المسيح يلتزم ألا يهتم بهذه الأمور (حفظ الطقس الناموس الحرفي) [6]…
ما هو معنى “العامل بالمحبة”؟ إنه يصفعهم هنا بقوة، مظهرًا لهم أن هذا الخطأ قد زحف إليهم لأن محبة المسيح لم تتأصل في داخلهم. الإيمان ليس هو كل ما يُطلب، إنما يجب أن يثبتوا في المحبة. كأنه يقول: أتحبون المسيح كما ينبغي؟ لا ترتدوا إلى العبودية، وتتخلوا عن ذاك الذي خلصكم؛ لا تزدروا بمن منحكم الحرية.
لقد أراد بهذه الكلمات أيضًا أن يصحح مسار حياتهم.
v هذا الإيمان يميزنا عن إيمان الشياطين ( يع2: 19)، وعن سلوك الدنسين الفاسدين…
انزع الإيمان يتبدد كل ما تعتقد به! انزع الحب، تتبدد كل أعمالك! فإن عمل الإيمان أن تعتقد والمحبة أن تعمل!
v ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند اللَّه، بل الذين يعملون بالناموس هم يتبررون (رو 2: 13)، “الإيمان العامل بالمحبة”، “سلام عظيم لمحبي ناموسكم، ولا شيء يسيء إليهم!”
v لست أحثكم على الإيمان بل على الحب. فإنكم لا تقدرون أن تقتنوا الحب بدون الإيمان؛ أقصد حب اللَّه والقريب؛ إذ كيف يوجد دون الإيمان؟ كيف يمكن لإنسان أن يحب اللَّه ما لم يؤمن به؟ كيف يمكن للجاهل أن يحب اللَّه، الذي يقول في قلبه ليس إله (مز 53: 1). يمكنك أن تؤمن بأن المسيح جاء دون أن تحبه، لكن لا يمكنك أن تحبه وأنت تقول بأنه لم يأتِ!.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
غل6:5: ” لإنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة”.
كانت الختانة هى علامة العلاقة مع الله فى العهد القديم. والناموس وضع للتهذيب. أما فى العهد الجديد فقد صارت هناك علاقة مباشرة مع الله لا تعتمد على الجسد ولا النسب، بل على العلاقة القلبية مع الله، ولا يمكن أن توجد علاقة قلبية قوية مع الله إلا بالثقة فيه أى الإيمان به بأنه إله قوى قادر على حمايتى وخلاصى، هو يحبنى وهو صانع خيرات، ويدبر كل الأمور للخير. بهذا نرتبط بالله برباط سماوى، فكل ما يدبره للخير والخير هو خلاصنا ووصولنا للسماء فكل ما يسمح به هو طريقنا للسماء. إذن الفرق الحقيقى بين الناس ليس فى الختان أو الغرلة بل فى الإيمان. والختان لم ينفع اليهود إذ وهم مختونين صلبوا المسيح. والإيمان كما قلنا هو الطريق للخليقة الجديدة التى بها نخلص لذلك كرر الرسول نفس الآية فى (غل15:6) ولكنه فى الأخيرة أشار للخليقة الجديدة.
الإيمان العامل بالمحبة: الإيمان ليس فكرة أو أقوال تصدر من الفم، ليس هو أن أؤمن بأن الله هو واحد مثلث الأقانيم، فهذا النوع من الإيمان تعرفه الشياطين (يع 19:2) إنما الإيمان هو الإيمان الحى، فيه أؤمن بأن الله محبة، وكل ما يسمح به هو للخير، مهما حدث من أمور صعبة لا يهتز إيمانى به ولا ثقتى فيه، ولا تهتز محبتى له، فأنا أحبه أكثر من أبى وأمى.. هذا الإيمان العامل بالمحبة يجعلنى أموت عن العالم وأترك شهواته وخطاياه، فأنا أحب الله أكثر من كل العالم. هذا الإيمان يجعلنى أقف للصلاة وجسدى منهك، فكيف لا أقف لأتكلم مع من أحبه. هذا الإيمان يدعونى أن أقدم خدمات لكل الناس باذلاً نفسى بمحبة فهو إيمان عامل بمحبة. أما الإيمان بدون أعمال فهو إيمان ميت (يع20:2). الإيمان العامل بمحبة هو شكل محبة الله الباذلة التى ظهرت على الصليب. إيمان عامل بمحبة تجعلنى أطيع وصايا الله لأننى أحبه (يو21:14، 23) وفى هذه الآية تأنيب للغلاطيين، كأن الرسول يقول لهم ” لو أحببتم المسيح لما حدث لكم هذا الإرتداد“. والإيمان يأتى أولاً ثم الحب، فنحن يمكن أن نؤمن أن المسيح قد جاء دون أن نحبه والعكس ليس صحيحًا.