1كو3:1 نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح
نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
+++
تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم
« بولس[1] المدعو رسولاً ليسوع المسيح بمشيئة الله و سوستانیس[2] الأخ . إلى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا . نعمة لكم و سلام من الله ابينا و الرب يسوع المسيح (ع ۱ – ۳) .
انظر كيف أن بولس الرسول من البداية أطلق على نفسه مدعواً ، وكأنه يقول : أنني لم أجد ما تعلمته وأدركته بحکمتی ، ولكني دُعيت ، إذ كنت مضطهدًا الكنيسة وهادمها ، كمن يقول إن الأمر كله صدر من الداعي ، وأما عن المدعوين ما صار لهم هذا سوى طاعتهم فقط.
ونرى تواضع بولس الرسول هنا إذ قال : “وسوستانیس الأخ “حيث رتب ذاته مع من هو أصغر منه كثيرًا ، لأن الفرق عظيم بينه وبين سوستانیس وسماها ” کنیسة الله “، موضحًا أنه يجب أن تكون متحدة ، ليس في كورنثوس فقط بل في المسكونة كلها ، لأن اسم الكنيسة ليس هو اسم التفرقة ولا الاختلاف بل الألفة والاتحاد.
وقول بولس الرسول “نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح” حيث إن النعمة الحقيقية والسلام الصادق فهما من الله والذي تكون له النعمة من الله لا يخاف شيئاً ولو صادفته شدائد كثيرة.
انظر بإمعان كيف أن داود النبی کانت له النعمة من الله وأبشالوم كانت له من الناس ، فأي منهما نجح ؟ وانظر أيضًا لقد كانت النعمة لإبراهيم من الله وكانت النعمة لفرعون عند الناس ، فمن منهما ظهر سعيدًا مشرفًا ؟ انظر أيضاً كان للإسرائيليين النعمة من الله وكانوا مبغوضين من الناس المصريين ، إلا أنهم استولوا على مبغضيهم بكل افتخار كما هو معلوم للكل .
لذلك سبيلنا أن نحظى بالنعمة من الله.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
البركة الرسولية
“نعمة لكم وسلام من اللَّه أبينا والرب يسوع المسيح” [3].
جاءت البركة الرسولية في كل رسالة تكشف عن قلب بولس الرسول الملتهب حبًا، فيطلب لكل كنيسة كما لكل مؤمنٍ بركة إلهية وعطية تتناسب مع احتياجاته. في نفس الوقت هيأت هذه البركة الجو لقبول ما ورد في صُلب الرسالة.
يبدأ الرسول بالنعمة ثم السلام، إذ لا يمكننا أن نتمتع بالسلام ما لم يقدم لنا الرب نعمته المجانية الغافرة لخطايانا هذه التي تسبب العداوة مع اللَّه والناس. لاق برسول السلام أن يُعلن شهوة قلبه نحو الكنيسة التي في كورنثوس، وهو أن يمنحها اللَّه الآب والرب يسوعالنعمة الإلهية التي تملأ النفس سلامًا عميقًا، كما يطلب لها السلام حتى لا يجد روح الانشقاق له موضعًا فيها.
حقًا إن كل بركة تنبع عن نعمة اللَّه الغنية في النفس وسلامها أو مصالحتها مع اللَّه. لقد طلب اللَّه من هرون وبنيه أن يباركوا الشعب قائلين: “يباركك الرب ويحرسك. يًضيء الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلامًا، فيجعلون اسمي على بني إسرائيل، وأنا أباركهم” (عد24:6-27). هذه البركة تحققت بالحق خلال إنجيل السلام في العهد الجديد، إذ لا يمكن أن يتحقق سلامنا إلا بالمسيح المصلوب.
v إن كان سلامنا مصدره نعمة اللَّه، فلماذا تفتخرون مادمتم تخلصون بالنعمة؟ كيف يمكن لأحدٍ أن يجد نعمة لدى اللَّه إلا بالتواضع؟
v إن كان لكم سلام مع اللَّه فلماذا تميزون أنفسكم عن الآخرين؟ فإن هذا هو ما يفعله الانشقاق… مرة أخرى لا نستفيد شيئًا إن كان كل الناس يمدحوننا والرب يقاومنا، ولا يوجد خطر ما إن رفضنا الكل وأبغضونا ما دام اللَّه يقبلنا ويحبنا.
يعلن الرسول أن النعمة الإلهية والسلام السماوي هما من قبل اللَّه الآب والرب يسوع المسيح ليؤكد لنا أنهما لاهوت واحد. يقول ثيؤدورت أسقف قورش: [يقول بولس بأن المسيح واهب النعم مثله مثل الآب، موضحًا بجلاء أن الاثنين واحد.]
تفسير القمص أنطونيوس فكري
النعمة أولاً ثم السلام، فالنعمة هي التي تملأ القلب سلاماً. والرسول ينسبها لله الآب والإبن يسوع دليل وحدة الجوهر والتساوى بين يسوع والله. والنعمة هي كل هبات الله للإنسان (الفداء، الروح القدس الساكن فينا..) وتسمى خاريزما أي عطية مجانية ليست بسبب إستحقاق الإنسان.