2كو 4:1 الذي يعزينا في كل ضيقتنا
الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“الذي يعزينا في كل ضيقتنا،
حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة
بالتعزية التي نتعزى نحن بها من اللَّه” [4].
يفيض قلب الرسول بولس بالشكر الدائم للَّه واهب التعزيات وسط الضيقات. يشير الرسول بولس في هذه الرسالة إلى تعزيات اللَّه الفائقة في كل الظروف. فيتحدث عن تعزية اللَّه للمتألمين ظلمًا من أجل إيمانهم بالسيد المسيح، وعن تعزية الخطاة الراجعين إلى اللَّه بالتوبة ليتمتعوا بالشركة معه.
ربما وجَّههم الرسول إلى التعزيات فيدركوا أنهم نافعون للآخرين حتى في وسط آلامهم، فلا يقف الأمر عند تمتعهم بالتعزيات بل يفيضون بها على إخوتهم المتألمين مثلهم. ولعله كتب هذا لكي يرفعهم من حالة الإحباط التي حلّت بهم بسبب عدم زيارته لهم.
v كان الكورنثيون محبطين جدًا لأن الرسول لم يأتِ إليهم بالرغم من وعده لهم بذلك. فقد قضى كل الوقت في مكدونية، فظنوا أنه فضّلهم عنهم. لذلك يهيئ بولس نفوسهم ويعالج هذه المشاعر التي كانت ضده بإعلانه عن سبب غيابه دون الحديث عن ذلك مباشرة.
v الإنسان المحب الملتصق باللَّه على الدوام لا تؤذيه الأمواج مهما كثرت، بل على العكس يخرج منها بقوةٍ جديدةٍ. أما الإنسان الضعيف المتخاذل فإنه يسقط كثيرًا حتى ولو لم يوجد ما يضايقه
ذكرهم أيضًا بتعزيات اللَّه لهم حتى يشتاقوا ألا يُحرم أحد منها، مقدمين الفرصة للساقط التائب أن يختبرها فلا يسقط في اليأس.
v كتب بولس ذلك مقدمًا لأنه سيتحدث عن الإنسان الذي أُدين بسبب خطيته بأنه يجب أن يتصالح مع قوة اللَّه المعزّية.
سفيريان أسقف جبالة
يرى القديس غريغوريوس أسقف نيصص أن هذه التعزيات هي عربون بهجة الحياة الأبدية، نختبرها في أعماقنا هنا لننعم بكمالها في الأبدية.
v ماذا يعني القول بأن ملكوت اللَّه داخلنا؟ سوى البهجة الصادرة من الأعالي للنفوس بالروح؟ فإن هذا يشبه صورة أو وديعة أو نموذجًا للنعمة الأبدية التي تتمتع بها نفوس القديسين في الحياة العتيدة. هكذا يدعونا اللَّه بعمل الروح للخلاص خلال آلامنا للشركة في صلاح الروح ونعمه.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 4 :- الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله.
لاحظ أن الرسول لا يكتب ونفسه مملوءة مراراً منهم بسبب اتهاماتهم وتشكيكهم في صدق رسوليته، وذلك بسبب كثرة تعزياته، فالله لم يتركه وسط هذه الضيقات وحيداً، بل دخلت به الآلام لمزيد من التعزيات. ونفهم من الآية أن من أختبر نوعاً من الضيق وتعزى يستطيع أن يعزى أولئك الذين هم في نفس الضيقة. وهو إختبر هذه التعزيات، ويبشرهم بها حتى يطلبوها من الله وسط ضيقاتهم. بل أن الله يسمح لخدامه أن يدخلوا بعض الضيقات ليختبروا التعزيات فيعزوا المتضايقين. والخادم الذي تألم حاملاً صليبه يصير خادماً كاملاً مثل ما حدث مع المسيح الذي تكمل بالآلام (عب 2 : 10) فإن كان المسيح قد تكمل بالآلام فكم وكم ينبغي علينا نحن أن نتكمل بالآلام. أضف لهذا أن الخادم المتألم يكون حنوناً في معاملة الناس. والتعزية ليست هي الخلاص من الألم ولكنها عون يهبه الله لنا في الضيقة. أي الخلاص مما يمكن أن ينتج عن الآلام والضيقات من شعور باليأس والفشل.