إبراهيم أبو الآباء

 

 بدأ عصر الآباء كطريق تمهيدى لدخول الله مع البشرية في عهود متتالية, تختم بالعهد الذي يقيمه الله مع الإنسان في المسيح يسوع , من خلال الدم الذكي الذي سُفك على عود الصليب.

كان الآباء في العهد القديم ينتظرون المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها الله، ويريدون وطناً أفضل أي سماوياً. فأبونا إبراهيم هو رجل الإيمان، هو أب تلك العائلة المقدسة التي دعاها الله لكي يجعلها شعبأ له،إبراهيم أبو الاباءوتصير عائلة للإيمان والتسليم والطاعة، ونستطيع أن نقول إن إبراهيم يمثل بداية متميزة من بدايات علاقة الإنسان مع وعود الله.

إن حياة أبونا إبراهيم تعتبر مدرسة في الإيمان بمراحله؛ وكيف ينمو الإنسان في علاقته مع الإله الحقيقي.

دعوة الله لأبونا إبراهيم 

تبدأ قصة دعوة إبراهيم في (تك 12) ويرى “أونجر” أن إبراهيم ولد في 1261ق.م، في عصر الملك “أورنامو” مؤسس أسرة أور الثالثة. ويرى أطلس “وستمنستر” التاريخي، أن إبراهيم عاش ما بين عام ۲۰۰۰ ق.م – ۱۷۰۰ ق.م.، وفي نهاية هذه المدة ولد “حمورابي سادس ملوك بابل.

ويرى البعض أن “أمرافل” ملك شعار الذي حارب إبراهيم هو حمورابي نفسه، أو على الأقل فيما يرى آخرون ومنهم Jack Finegan أن إبراهيم كان يعيش في نفس زمن حمورابي في بابل،ويرى الدكتور نجيب ميخائيل أن إبراهيم قد عاصر حمورابي، وسنوسرت الأول ثم أمنمحات الثاني.

عاش إبراهيم مع أبيه تارح وإخوته في أور الكلدانيين، وقد خرج هو وزوجته و إبن أخيه لوط تحت قيادة أبيه تارح، متجهين نحو كنعان، فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك، حيث مات تارح في حاران.

لقد كان الهدف من أرض الميعاد التي أعطاها الله لإبراهيم هو أن يخرجه من أرض العبادة الوثنية, التي تربى فيها وسط عشيرته، فينشأ نسله في أرض غريبة بعيداً عن تقاليد و عبادات الأوثان, حتى يعيش ويعبد الله الحي خالق السماء والأرض.

تأمل: هذه الدعوة موجهة إلى كل نفس بشرية, لا لكي تنطلق من مكان معين أو عشيرة أو بیت، إنما تنطلق بالقلب خارج محبة العالم والذات (الأنا) حتی تلتقي بالرب يسوع وتعيش معه في أحضانه. إنها دعوة للأجيال كلها، وقد سحرت قلوب العديد من الآباء مدركين أنها دعوة إلهية تمس حياتهم الشخصية.

جاءت الدعوة الإلهية لإبرام “وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ” (تك 1:12) لقد كان أبونا إبراهيم يسلك بالإيمان, وكان يعمل في حياته ويقول له: “یا رب ماذا تريد أن أفعل؟” (أع 6:9 ) هناك إنسان يتعامل مع الله ويريد أن الله ينفذ له طلباته الخاصة سواء كانت صالحة أو خاطئة، أما أبونا إبراهيم فكان يعيش حياة التسليم مع الله، ويسلم حياته كلها لله؛ وكان يشترك معه الله بطريقة إلهية فتتحول حياته إلى سلسلة من المعجزات كل يوم. 

الإيمان في حياة أبونا إبراهيم

إن بداية الطريق والحياة مع الله هي حياة التسليم بثقة الإيمان. فيجب أن نتكل على الله في حياة تسليم كامل له, ونعيش بطريقة روحية, والله يتصرف في حياتنا بطريقته الإلهية. وبذلك يمكن للإنسان أن يبتعد عن كثير من الخطايا منها: الإدانة، كما يقول الكتاب عن السيد المسيح: “إذ شتم لم يكن يشتم عوضأ وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يُسلم لمن يقضي بعدل” (1 بط 2: 23) وهذا معناه أن نبتعد عن الشتيمة وعن الإدانة، وأن نكون واثقين أنه يوجد إله عادل ضابط الكل يرى كل شیء, ويسمع كل شيء, ويعطي ويجازی حسب عمل كل واحد.

و أيضا إن حياة الطاعة هي طاعة الإيمان من  أجل ذلك “بالإيمان إبراهيم لما دُعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدا أن يأخذه ميراثا، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي” (عب 8:11). 

لأنه كان يؤمن أن وعد الله صادق, ولذلك خرج وهو لا يعلم إلى أين يذهب، لذلك فالطاعة هي برج حصین, وهي سياج يحمى الإنسان من كل العثرات، فيعيش مطمئناً, ويشعر أنه في حماية إله السماء وملك الملوك ورب الأرباب.

الله يدخل في عهد مع أبونا إبراهيم 

وعندما بلغ إبراهيم 79 عاما، دُعى للرحيل إلى كنعان (تك 1:12). وقد إجتاز طريق دمشق لأن الطريق بين الأرض ما بين النهرين وكنعان خلال دمشق كان طريقاً ممهداً، ويبدو أنه لم يتوقف كثيراً في الطريق.
أقام أولاً في شكيم ( 6:12) ثم ذهب إلى بيت إيل (12-8) و إتجه جنوباً؛ وإذ حدث جوع إرتحل إلى مصر وقال عن ساراي أنها أخته خوفاً من فرعون ( 10:12 – 20) ثم عاد إلى أرض الجنوب فی فلسطين (13-1) وذهب إلى بيت إيل (13-2) حيث إفترق عن لوط.

وذهب إلى بلوطات ممرا حبرون (13 :1- 16) وفي عودته باركه ملكي صادق ملك شكيم (14 :7-24) هناك ظهر له الرب، وثبت له الوعد أنه يرث الأرض (15-7) وولدت هاجر إسماعيل.

 اسحق ابن الموعد

وإذ بلغ إبراهيم 99 عام ظهر له الرب ودخل معه في عهد الختان وأكد ولادة إسحق من سارة ويبارك نسله فيكون كرمل البحر في العدد. هناك أيضا دخل في حوار مع الله بسبب هلاك سدوم وعمورة.ذبح إسحق

إمتحن الله إبراهيم وسأله أن يذبح إبنه إسحق على جبل المرايا. لقد كان عهد الختان مرتبط بولادة سارة لإسحق، وعهد الختان هو عهد الدم لأن العهد بين الله وبين إبراهيم هو عهد خلاص, كإشارة للخلاص بدم المسيح “وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة!”(عب 22:9 ) ولكن الله لم يسمح لإبراهيم أن يذبح إسحق ابن الموعد ولكن كان مجرد إمتحان لإبراهيم نجح فيه وصار مثلا في طاعة الإيمان.

ثم عاد مع إبنه إسحق ثم رحلا إلى بئر سبع (22:1 -19).

نهاية رحلة أبونا إبراهيم 

رجع إبراهيم إلى حبرون, وهناك ماتت سارة ودفنت في مغارة المكفيلة (تك 23). إذ بلغ إبراهيم 140 عامة (تك24 :67) (تك 25 :20) أرسل إلى أرض ما بين النهرين ليحضر زوجة لإسحاق أبنه (تك24) إتخذ قطورة زوجة. ومات وعمره 175 عام، ودفن في مغارة المكفيلة مع سارة زوجته ( 1:25 – 9)

ما أعجب هذا الرجل العظيم وقوته الروحية العجيبة التي إستحق بها أن يدعى أب الآباء، وهي متمثلة في: –

  1.  طاعته: لربنا وتنفيذه لأمره حتى وإن بدى الأمر غير منطقی  فلم يعترض كيف يعده الرب أن من نسل إسحق تتبارك جميع قبائل الأرض, وأن نسله سيكون كثير العدد, ثم يطلب أن يذبح إسحق؟
  2.  قوة صلاته: نجا لوط بفضل صلاة إبراهيم، “هل تُميت البار مع الأثيم فيكون البار كالأثيم” (تك 25:18 ).
  3.  مذبحه وخيمته: الذي إرتبط به مع كل خطوات حياته، فهو رجل الخيمة والمذبح “ظهر الرب لإبرام وقال : لنسلك أعطى هذه الأرض. فبنى هناك مذبحة للرب الذي ظهر له” (تك 7:12)، وصار المذبح ليس فقط لتقديم الذبيحة، ولكنه شاهداً مستمراً على العلاقة الدائمة بين الله والإنسان، وكان المذبح هو الرباط الذي يربط الإنسان بالله.
  4. رؤيته للمسيح قبل تجسده: متمثلاً في تقديم إبنه إسحق وإرسال الله خروف موثقاً كالمسيح الباسط ذراعيه على الصليب فرأى يوم المسيح فتهلل.
  5. عفته: لقد تعفف أن يأخذ شيئاً بعد عودته من كسرة الملوك (كدرلعومر)، لأن الله أغناه (عب 21:7 ) حتى لوط إبن أخيه ترك له أن يختار الأرض التي يريد أن ينزل ليسكن فيها.

فقد عاش أبونا إبراهيم حقاً حياة التغيير حينما أطاع الله في كل شئ فباركه الله ونسله من بعده، فهل تبدأ بنفسك في الغيير للأفضل

فاصل

من مسابقات سمعان الشيخ – مهرجان الكرازة 2012

 

فاصل

تارح تاريخ العهد القديم إسحق
عصر الآباء البطاركة
تاريخ الكنيسة

 

زر الذهاب إلى الأعلى