كو 24:1 و اكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي لاجل جسده الذي هو الكنيسة
الَّذِي الآنَ أَفْرَحُ فِي آلاَمِي لأَجْلِكُمْ، وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ، الَّذِي هُوَ الْكَنِيسَةُ،
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“الذي الآن افرح في آلامي لأجلكم،
وأكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي،
لأجل جسده الذي هو الكنيسة” [24].
يعلن القدّيس بولس شوقه نحو تكميل آلام المسيح، ليست آلامه الكفّاريّة هذه التي لا يشاركه فيها كائن ما، إذ اجتاز المعصرة وحده، هذه التي لا يمكن أن يقدّمها إلا من كان بلا خطية ما، قادر أن يقدّمها ذبيحة كفّاريّة عن العالم كله. إنّما هي آلام لامتداد ملكوت الله، يحتملها السيد المسيح الساكن في حياة خدّامه وشعبه بكونها آلام هو. هذا ما أوضحه السيد المسيح نفسه لشاول الطرسوسي، حين قال له: “لماذا تضطهدني؟” (أع9: 4). فما وُجّه من اضطهاد ضد المؤمنين حسبه السيد موجّه ضدّه شخصيًّا.
كان الرسول بولس يتهلّل بالآلام لأنها شركة في آلام المسيح، وأيضًا لأنها ضروريّة لبنيان الكنيسة. إنها هبة إلهيّة تقدّم للخدّام كما للشعب: “لأنه قد وُهب لكم… لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضًا أن تتألّموا لأجله، إذ لكم الجهاد عينه الذي رأيتموه فيّ، والآن تسمعون فيَّ” (في1: 29-30).
لم يشعر في آلامه من أجل الكنيسة أنه متفضّل على الشعب بهذا، إنّما يحسبها أمرًا لازمًا وضرورة يلتزم بها إذ يحسب نفسه عبدًا لمؤمنين: “فإنّنا لسنا نكرز بأنفسنا، بل بالمسيح يسوع ربًا، ولكن بأنفسنا عبيدًا لكم من أجل يسوع” (2كو4: 5).
* جسده الآن هو الكنيسة، وقليلون الذين يلمسونها، وكثيرون يضيقون عليها ويزحمونها (لو 8: 45)، فبكونكم أبناء لها قد سمعتم أن جسد المسيح هو الكنيسة، وأيضًا: “وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفرادًا” (1 كو 12: 27). إن كنا جسده فإن ما يتحمّله جسده في الزحام تتحمّله الكنيسة الآن. كثيرون يضيقون عليها ويزحمونها، وقليلون هم الذين يلمسونها. الجسد يضغط عليها، والإيمان يلمسها. أنصحكم أن ترفعوا أعينكم، يا من لكم العيون التي ترون بها، لأن أمامكم أمورًا تُرى. ارفعوا أعين الإيمان. المسوا هدب ثوبه، فإن هذا يكفي ليهبكم الصحة[99].
* إني أومن هكذا أن ما أتألم به فهو من أجله، وليس فقط أتألم، وإنما أفرح في الألم، متطلعًا إلى الرجاء العتيد، وأنا لا أتألم من أجل نفسي وإنما من أجلكم[100].
* كيف هذا؟ لأنه لكي أكرز لكم يلزمني أن أتألم. حيث أن المسيح هو رأس الجسد، تتولّد المتاعب خلال كلمة الحق للذين هم في الكنيسة. هذه تُدعى طبيعيًا آلام المسيح.
الأب سفيريان أسقف جبالة
* يملأ (يكمل) بولس آلام المسيح بمعنى أنه يحتمل الآلام لكي يكرز بالخلاص للأمم.
الأب ثيؤدورت أسقف قورش
* يعترف بولس أنه يفرح في الآلام التي يحتملها، لأنه يرى نموًا في إيمان المؤمنين. هكذا آلامه ليست فراغًا، حيث بما يتألم به يُضاف إلى حياته. إنه يحسب تلك الآلام مرتبطة بآلام المسيح، للذين يتبعون تعليمه.
أمبروسياستر
تفسير القمص أنطونيوس فكري
أيات 24 –27:- الذي الان افرح في الامي لاجلكم و اكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي لاجل جسده الذي هو الكنيسة. التي صرت انا خادما لها حسب تدبير الله المعطى لي لاجلكم لتتميم كلمة الله. السر المكتوم منذ الدهور و منذ الاجيال لكنه الان قد اظهر لقديسيه. الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد.
عانى الرسول من إضطهاد الكل لهُ،يهوداً وأمم. ومع كل آلامه كان فى فرح، فلا يستطيع أحد أن ينزع فرحنا منا (يو22:16) = الذى الآن أفرح فى آلامى = يقول أفرح فى آلامى ولم يقل بسبب آلامى، فالآلام ليست سبب الفرح، بل الفرح يكون بسبب التعزية التى يعطيها الله له وسط آلامه.ولاحظ أن الرسول يكتب هذه الرسالة وهو مسجون ومربوط بسلاسل.
لأجلكم = هذا السجن كان بسبب كرازته للأمم (أف1:3). والمسيح أخبرنا أننا سنواجه إضطهاداً من العالم. فالبغضة ضد المسيح ينبوع عميق لم يفرغ فى السيد فقط بل ظل ممتلئاً لأجل تلاميذه وكل المؤمنين به. والآلام التى تقع على الكنيسة تقع على جسد المسيح “شاول شاول لماذا تضطهدنى” (أع 4:9) = أكمل نقائص شدائد المسيح = آلام المسيح كاملة وقد حققت الخلاص، لكن على شعبه أن يشترك معه فى صليبه لا لتحقيق الخلاص لكن للكرازة والشهادة لهُ. المسيح كان كمن أودع رصيداً ضخماً فى بنك وأعطانا شيكات على بياض ما لم نكتبها لن نحصل على شىء، ولكن الرصيد رصيده هو وليس رصيدى أنا.
فالمسيح حقق الكفارة بدمه الثمين وعلينا بالإيمان والجهاد ودموع التوبة وإحتمال الألم وإعلان قبول الصليب، ومشاركة المسيح آلامه أن نكتب الشيكات التى تعطينا رصيداً ندخل به للسماء. بل فى قبولنا للآلم يكون هذا شهادة للآخرين فيقبلونه. فلإنتشار الإنجيل كان لابد أن يتألم المسيح وتتألم الكنيسة. وآلام أى عضو هى آلام تقع على الجسد، جسد المسيح، آلام أى عضو فى أى جسد هى آلام لكل الجسد وبالذات الرأس الذى يزود الكل بالأحاسيس. وجسد المسيح لم يكتمل بعد فأولادى وأولاد أولادى وأولادهم سيكملون هذا الجسد، ولذلك ولأن هناك أجيال آتيه، فإن الآلام المفروض أن تقع على جسد المسيح لم تكمل بعد، وحينما يكتمل جسد المسيح مع آخر مولود يؤمن بالمسيح، تكمل آلام وشدائد المسيح. وبولس بما أنه عضو فى جسد المسيح فالآلام التى تقع عليه تكمل جزءً من آلام جسد المسيح. وبنفس المفهوم فمن يطعم فقيراً يطعم المسيح (مت 25: 34-40). وقارن آية 23، 24 فنفهم أن بولس يحتمل هذه الآلام بفرح لأجل رجاء الإنجيل. التى صرت أنا بولس خادماً لها = الكنيسة حسب تدبير الله المعطَى لى = هى وكالة أعطاها الله، أو ثروة أعطاها الله بغرض توزيعها على الآخرين، والمقصود أن الله إختار بولس كرسول للأمم.
لأجلكم= لأجل الأمم (أع21:22). وذهب بولس للأمم لتتميم كلمة الله السر المكتوم = (أف2:3). السر الذى كان مخفياً ولكنه صار ظاهراً الآن هو إنضمام الأمم لليهود ليكونوا كنيسة واحدة لها مجد وميراث. أعدها المسيح للكل، لكل من يؤمن به. أظهر لقديسيه = كما رأى بطرس رؤيا الملاءة.
السر هو المسيح فيكم رجاء المجد = فكل المؤمنين بالمسيح، الذين صار المسيح فيهم أى ثابتاً فيهم، وهم ثابتون فيه، صاروا يترجون هذا المجد الذى فيه المسيح الآن، إذ هم ثابتين فيه، ففى المسيح مذخر لنا كل مجد وميراث، بل كل بركة فى هذا العالم وفى الدهر الآت.