تك 1:1 في البدء خلق الله السموات والأرض

 

فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. (تك 1:1)

+++

تفسير العلامة أوريجانوس

“في البدء”

1“في البدء خلق الله السماء والأرض”. ما هو بدء كل شيء إلا يسوع المسيح ربنا و”مخلص جميع الناس” “بكر كل خليقة“؟ إذاً في هذا البدء، بمعنى في “كلمته” “خلق الله السموات والأرض، كما يقول يوحنا البشير في بداية إنجيله: “في البدء كان الكلمة وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة الله. كان هذا في البدء عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان.” وهو لا يتكلم هنا عن بدء زمني ولكنه يقول إن السماء والأرض وكل ما خلق قد خلق “في البدء” أي في المخلص.

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

بدأ سفر التكوين بهذه الافتتاحية البسيطة: “في البدء خلق الله السموات والأرض“ [١].

إن كان التعبير “في البدء” لا يعني زمنًا معينًا، إذ لم يكن الزمن قد أوجد بعد، حيث لم تكن توجد الكواكب بنظمها الدقيقة، لكنه يعني أن العالم المادي له بداية وليس كما أدعي بعض الفلاسفة أنه أزلي، يشارك الله أزليته. هذا ما أكده القديس باسيليوس في كتابه “الهكساميرون” أي “ستة أيام الخليقة“، إذ يقول أن تعبير “في البدء” لا يعني زمنًا وإلاَّ كان للبدء بداية ونهاية، وهكذا تكون لهذه البداية بداية وندخل في سلسلة لانهائية من البدايات، لكن “البدء” هنا يعني حركة أولي لا كّمًا زمنيًا، وذلك كالقول: “بدء الحكمة مخافة الله” (أم 9: 10)[21]. كما يقول: [لا تظن يا إنسان أن العالم المنظور بلا بداية لمجرد أن الأجسام السماوية تتحرك في فلك دائري ويصعب علي حواسنا تحديد نقطة البداية، أي متي تبدأ الحركة الدائرية، فتظن أنها بطبيعتها بلا بداية[22]]، ويقول: [الذي بدأ بزمن ينتهي أيضًا في زمن[23]]. هنا لا يعني وجود زمن في بداية الحركة للعمل إنما يؤكد انتزاع فكرة الأزلية، فمع عدم وجود زمن لكنه وجدت بداية قبلها إذ كان العالم عدمًا. وقد جاء العلم يؤكد عدم أزلية المادة[24].

ويأخذ كثير من الآباء بجانب هذا التفسير الحرفي أو التاريخي “في البدء” التفسير الرمزي أو الروحي، فيرون أنه يعني “في المسيح يسوع” أو “في كلمة الله” خُلقت السموات والأرض، وفيما يلي بعض كلمات الآباء في هذا الشأن:

v     الابن نفسه هو البدء. فعندما سأله اليهود: من أنت؟ أجابهم: “أنا هو البدء” (يو 8: 25). هكذا في البدء خلق الله السموات والأرض.                

القديس أغسطينوس

v     من هو بدء كل شيء إلاَّ ربنا ومخلص جميع الناس (1 تي 4: 10) يسوع المسيح، “بكر كل الخليقة” (كو 1: 15)؟ ففي هذا البدء، أي في كلمته “خلق الله السموات والأرض“، وكما يقول الإنجيلي يوحنا في بداية إنجيله: “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله، هذا كان في البدء عند الله، كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان” (يو 1: 1-3). فالكتاب لا يتحدث عن بداية زمنية، إنما عن هذه البداية التي هي المخلص، إذ به صُنعت السموات والأرض.           

العلامة أوريجينوس

v      يفكر البعض أن “البدء” هو زمن، لكن من يتعمق في كلمة “البدء” يجد أنها لا تحمل معني واحدًا بل أكثر من معنى. فأحيانًا تعني العلة، فيكون المعنى هنا  أن السموات والأرض متواجدة في العلة… بالحقيقة كل شيء صنعها الكلمة؛ ففي المسيح يسوع خُلق كل ما علي الأرض وما في السماء، الأمور المنظورة وغير المنظورة.           

 القديس ديديموس الضرير

في اختصار نقول أن الله خلق العالم في بداية معينة ولم يكن العالم شريكًا معه في الأزلية، ومن جانب آخر فإن كلمة الله هو البدء الذي بلا بداية خالق الكل!

في البدء خلق ألوهيم السموات والأرض” [١].

جاءت كلمة “ألوهيم” بالجمع، أما الفعل “خلق” فمفرد، فالخالق هو الثالوث القدوس، الواحد في جوهره وطبيعته ولاهوته.

أكّد موسى النبي أن الله هو الخالق، نازعًا عن شعبه الأساطير الكثيرة التي ملأت العالم في ذلك الحين حول موضوع الخلق، كما نزع عنهم فكرة بعض الفلاسفة القائلين بأن العالم وليد ذاته جاء محض الصدفة، وقد تحدث الأستاذ الدكتور يوسف رياض في هذا الشأن[28].

أخيرًا فإنه يقول “خلق ألوهيم السموات والأرض“، إذ خلقْ السمائيين أولاً بكل طغماتهم وبعد ذلك الأرض وكل ما يخصها.

إن كانت السموات تشير للنفس البشرية التي يتقبلها الله مسكنًا له، أو سموات له، والجسد بتقديسه يكون أرضًا مقدسة، ففي المسيح يسوع نتمتع بهذه السموات والأرض، أي ننعم بنفس هي هيكل للرب وجسد مقدس لحساب مملكته.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية 1 “في البدء خلق الله السماوات والأرض “

في البدء :

هى كلمة تشير لمعنيان:

  1. تشير للوقت الذي بدأ الله فيه خلقة الأشياء، أى حينما بدأت تدور عقارب ساعة الزمان فالله أزلى أبدى، غير زمنى. ولكن الخليقة زمنية تقاس بالزمن فحينما بدأت الخليقة بدأ معها الزمان. وكلمة فى البدء تعنى الحركة الأولى للخلقة وبداية الزمن.
  2. نضع أمامنا هذه الآيات ” أنا من البدء…” (يو25:8)

“به كان كل شئ…” (يو3:1)

“في البدء كان الكلمة” (يو1:1)

“بكر كل خليقة…” (كو 15:1)       

“هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل” (كو 17:1)

“الذى كان من البدء…” (1يو1:1 + 1يو2: 14،13)

“الذى هو البداءة…” (كو 18:1)

لذلك رأى كثير من الآباء أن فى البدء = فى المسيح يسوع ويكون المعنى أن فى المسيح يسوع خلق الله السموات والأرض. أو فى كلمة الله خلق الله

خلق :

هذا يثبت أن الله هو الذى خلق العالم. وهذا الكلام موجه لليهود الذين عاشوا وسط الجو الوثني فى مصر وسمعوا عن آلهة كثيرة وبهذا يعلموا أن إلههم الواحد هو خالق السموات والأرض فلا يعبدوا هذه المخلوقات (الملائكة أو الشمس أو النار…) وهي تعنى أن العالم مخلوق وليس أزلى وهذا ثابت علمياً الآن:-

  1. قانون إضمحلال الطاقة : فالشمس تزداد فيها البقع المظلمة حسب قانون.
  2. العناصر المشعة : تفقد إشعاعيتها مع الوقت ثم تتحول الى رصاص.
  3. إستمرار تغير الكون.

فلو كان العالم أزلى لكانت الشمس قد إنتهت والعناصر المشعة كلها تحولت لرصاص ولأخذ العالم شكل ثابت لا يتغير.

وكلمة خلق بالعبرية كما بالعربية برأ ومنها خالق = بارى وخليقة = برية وهي تعنى إيجاد الشئ من العدم. والله خلق من عدم كل شئ فى اليوم الأول ثم بدأ عبر الأيام الستة يستعمل ما خلقه فى أن يصنع كل شئ مما خلقه من العدم والكلمة جاءت هنا بصيغة المفرد.

الله :

جاء بصيغة الجمع فكأنه يقول ” فى البدء خلق الألهة السموات والأرض وبالعبرية فالمفرد آل أو آلوه والمعنى الواجب التعظيم والخشوع والإحترام والجمع بالعبرية آلوهيم. وهذا يشير للثالوث الأقدس الذى خلق :-

الآب :   يريد وهو الذات الذى يلد الإبن وينبثق منه الروح القدس.

 

الإبن :   هو فى البدء الذى يصنع كل شئ ويُكَون كل شئ.

الروح القدس :    كان يرف على المياه ليبعث حياة (اية 2).

السموات :

يشير بولس الرسول أنه أختطف للسماء الثالثة. والسموات الثلاث:-

  1. الأولى: سماء العصافير ويوجد بها طبقة الهواء.
  2. الثانية: سماء الكواكب. وكلا السماء الأولى والثانية سموات مادية.
  3. الثالثة: السماء الروحية التى يستعلن فيها مجد الله وفيها مساكن الملائكة وفيها عرش الله وميراث القديسين حيث يسكنون مع الله.

وكلمة سماء عموماً تشير لكل ما سما وعلا. والسماء الأولى والثانية الماديتان هما اللذان سيزولان مع الأرض لتوجد سماء جديدة وأرض جديدة وبالطبع فلن تزول السماء الثالثة الروحية. ولكن لماذا صمت الكتاب عن خلقة السماوات:-

  1. الكلام فى الكتاب موجه للبشر وهم لن يفهموا ما هو خاص بالسموات. وهذا ماعناه المسيح فى كلامه مع نيقوديموس (يو 12:3).
  2. بولس نفسه لم يستطع أن يصف ما فى السماء فقال “ما لم تره عين ولم تسمع به أذن” لأن لغة السماء مختلفة تماماً عن لغة البشر على الأرض.

والله خلق السماء قبل أن يخلق الأرض:

  1. ذكرت السماء قبل الأرض فى هذه الآية.
  2. راجع أى 1:38-7 فالملائكة كواكب الصبح رنموا حين خلقت الأرض.
  3. وكلمة السموات هنا تشير لخلقة الملائكة ثم الكواكب في مساراتها.

الأرض :

كلمة أرض هنا تشير أنها كانت في حالة جنينية. والكلمة المستخدمة هنا تشمل أول حرف وأخر حرف في العبرية ( ما يناظر الألف والياء) وهذا ما دعا العلماء لأن يقولوا أن الكلمة هنا تعنى أن الله خلق كل المواد أولاً والتى سوف يستخدمها فى الأيام الستة فى خلقة العالم.

وعبارة “فى البدء خلق السموات والأرض” تحتمل معنيين:

  1. هي عبارة موجزة تعلن أن الله خلق السموات والأرض وباقى الإصحاح يشرح التفاصيل.
  2. أن هذه العبارة تشير لأن الله خلق المواد الأولية في صورة غير كاملة ثم تأتى باقى آيات الإصحاح لتشرح كيف إستخدم الله هذه المواد الأولية (المشار لها هنا بكلمة الأرض) ليصنع منها أرضنا الجميلة. وهذا الرأى هو الأرجح. وتصبح كلمة الأرض هنا بمعنى المواد الأولية التى سيصنع الله منها الأرض.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى