رو9،8:15 يسوع المسيح قد صار خادم الختان من أجل صدق الله
8وَأَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ، مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ، حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ. 9وَأَمَّا الأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«مِنْ أَجْلِ ذلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِي الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاسْمِكَ» (رو9،8:15)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
الآن إذ يوصينا باحتمال الضعفاء خلال الحب الحقيقي، واهب الوحدة في المسيح يسوع، يقدّم لنا تطبيقًا عمليًا في حياة السيد المسيح كما في حياتنا نحن أيضًا، فبالحب ضمّ السيد المسيح أهل الخِتان والأمم معًا فيه، حاملاً ضعفات الكل، وبذات الحب يليق باليهود المتنصّرين أن يفتحوا قلبهم لإخوتهم الراجعين من الأمم لله، لتتحقق فيهم إرادة الله التي سبق فأعلنها في العهد القديم من جهة قبول الأمم للإيمان بالله.
وأقول أن يسوع المسيح قد صار خادم الخِتان،
من أجل صدق الله،
حتى يثبت مواعيد الآباء،
وأمّا الأمم فمجّدوا الله من أجل الرحمة،
كما هو مكتوب: من أجل ذلك سأحمدك في الأمم وأرتل لاسمك” [8-9].
ماذا يقصد الرسول بهذا؟ يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم [أن إبراهيم نال وعدًا أن بنسله تتبارك جميع الأمم (تك 12: 7، 22: 18). وما حدث أن نسل إبراهيم وإن كان قد مارس الخِتان لكنه كسر الناموس وحُسب متعدّيًا فسقط بالناموس تحت اللعنة، لهذا جاء السيد المسيح خادمًا للختان، إذ أكمل الناموس ولم يكسره، حتى متى ارتفع على الصليب ينزع لعنة الناموس التي للعصيان. تألّم لكي لا يسقط الوعد المُعطَى لإبراهيم، حاملاً الغضب عن الساقطين فيتحرّروا عن العداوة والتغرّب عن الله… بهذا رفعهم السيد المسيح عن اللعنة، وأقامهم من سلطان الناموس، ليتحقّق فيهم الوعد الإلهي الذي أُعطيَ لآبائهم. هذا من جانب أهل الخِتان، أما من جانب الأمم فقد انفتح لهم أيضًا باب المراحم الإلهية لينعموا مع أهل الختان بالعمل الخلاصي جنبًا إلى جنب، فيشترك الاثنان – اليهودي والأممي – خلال نعمة الله في تقديم الحمد لله والتسبيح لاسمه، كما سبق فأنبأ المرتّل: “لذلك أحمدك يا رب في الأمم وأرنم لك” (مز 18: 49)، وما أعلنه موسى النبي: “تهلّلوا أيها الأمم شعبه” (تث 32: 43)، وداود النبي: “سبحوا الرب يا كل الأمم” (مز 117: 1)، وأيضًا إشعياء النبي: “ويخرج قضيب من جزع يسّى وينبت غصن من أصوله… ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسّى القائم راية للشعوب إيّاه تطلب الأمم“ (إش 11: 1، 10).]
[كل هذه المقتطفات قدمت لكي يظهر أنه يجب أن نتحد ونمجد الله، ولكي يتواضع اليهودي ولا ينتفخ على هذه الشعوب، وفي نفس الوقت يحث الأممي على التواضع إذ يظهر له أنه قد نال نعمة عظمى.]
إن كان الله منذ القدم قد خطّط لخلاص كل الشعوب والأمم حتى أنبأ بذلك رجال العهد القديم، فكيف يمكن لليهودي أن يغلق قلبه عن قبول أخيه الأممي معه في الإيمان، والتهليل والتسبيح لله؟
ليفتح اليهودي قلبه بالحب ليضم إلى صدره الأممي، وليفتح الأممي قلبه شاكرًا الله الذي رفعه عن ضعفه ليدخل بين صفوف المؤمنين!
إذ فتح أبواب الرجاء لليهود كما للأمم. لهذا يقدّم الرسول أشبه بصلاة أو شفاعة لدي الله ليزيدهم في هذا الرجاء بدخولهم إلى الإيمان بقوّة الروح القدس مملوئين سرورًا وسلامًا، إذ يقول: “وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان، لتزدادوا في الرجاء، بقوّة الروح القدس” [13].
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (8): “وأقول أن يسوع المسيح قد صار خادم الختان من أجل صدق الله حتى يثبت مواعيد الآباء.”
خادم= المسيح أتى ليَخِدم لا ليُخدَم. خادم الختان= أي أن المسيح أكمل الناموس ونفذه وإختتن هو نفسه، وهو كان من اليهود الذين يختتنوا (هو جاء لخاصته ولكن خاصته لم تقبله) فكيف يُحْتَقَرْ اليهود والمسيح منهم وهو التزم بناموسهم. من أجل صدق الله= الله أعطي وعداً لإبراهيم وكان مجيء المسيح ليكمل هذا الوعد، وليحمل الغضب عن الساقطين الذين خانوا العهد من أولاد إبراهيم. في هذه الآية نري المسيح يقبل اليهود وفي الآيات القادمة نجده يقبل الأمم، إذاً إن كان المسيح قبل اليهود والأمم، وصار الجميع في المسيح فليقبل كل واحد الآخر.
آية (9): “وأما الأمم فمجدوا الله من أجل الرحمة كما هو مكتوب من أجل ذلك سأحمدك في الأمم وأرتل لاسمك.”
هنا نري الله يقبل الأمم. وأما الأمم فمجدوا الله= بإيمانهم بالمسيح. هم مجدوه من أجل مراحمه لهم إذ قبلهم= من أجل الرحمة= وهذا أيضاً سبق وأشار إليه سفر المزامير (18: 49) فهذا المزمور نبوة بأن الإنجيل سيكرز به وسط الأمم وسيسبح الأمم المسيح علي رحمته. سأحمدك= هنا المسيح كرأس لكنيسته يتكلم باسم كنيسته من الأمم ويوجه شعبه لتسبيح وشكر الآب.