الصعود إلى القمة

 

“إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني (نح 20:2).

على أي أساس؟!

أرادت الأمم المتحدة أن تصنف الدول ، لتعرف مدى نجاح هذه الدول .. فقررت أن تصنفها حسب الدخل القومي وميزانية حكوماتها .. وكانت المفاجأة .. إذ كانت الدولة رقم 1 هي المملكة العربية السعودية .. إحدى دول العالم الثالث .. فبالطبع أيقن رجال الأمم المتحدة أن تصنيف النجاح لا يمكن أن يتم بناء على هذا الشرط .. فقاموا بالتصنيف بناء على متوسط الدخل السنوي للأفراد في البلاد .. وكانت المفاجأة الثانية .. إذ كانت الدولة رقم 1 هي الإمارات العربية المتحدة .. وللمرة الثانية تم رفض هذا النوع من التصنيف.. فقررت الأمم المتحدة أن تصنف الدول حسب عدد براءات الاختراع التي يتم تسجيلها سنويا .. فكانت الدولة رقم 1 هي اليابان ، حيث يتم تسجيل 365 ألف براءة اختراع سنوياً, أي ما يعادل 1000 براءة اختراع يومياً.
وقد تم اعتماد هذا التصنيف . لأن النجاح يقاس بمستوى التقدم العلمي والتكنولوجي والإبداع وليس بمستوى التقدم المادی ۔
والآن دعونا نناقش موضوع النجاح معا في ضوء ما عرفناه.

تعريف النجاح و مفاهیم مغلطة 

+ النجاح هو القدرة على التقدم والتطور والإنجاز , وبلوغ الأهداف المرجوة بفاعلية وكفاءة. أي أن الشخص الناجح هو الشخص الذي يستطيع أن يُسخر إمكاناته وطاقاته لتحقيق ذاته ، والوصول إلى أهدافه السامية وتحقيق أمنياته وأحلامه ليشعر بالسعادة.

+ وقد يظن البعض أن للنجاح مفاهيم أخرى مثلاً:
1- الثروة : امتلاك الأموال والسيارات والقصور.
لكن وُجد أن أكبر عدد حالات الانتحار في العالم توجد في السويد . والسويد بلد غني جداً لا يوجد فيه فقراء, ويعد متوسط دخل الفرد فيها من أعلى الدخول في العالم .. فما الذي فعلته الثروة ؟! إنها لم تستطع أن تمنع هؤلاء الناس من الياس والانتحار.
2- القوة : قوة بنيان الجسم , وأن يهابني الآخرون ويخشونی . ولكن هذه القوة لا تحمي من الأمراض مثل الشلل الذي أصاب أحد أشهر الملاكمين في العالم.
3- الشهرة : ولكن تذكر مشاهير النجوم التي لم تحقق لهم الشهرة السعادة , فكثير منهم ينهون حياتهم بالانتحار.

وهكذا الكثير من المفاهيم المغلوطة عن النجاح , وبالرغم من أهمية الأشياء سابقا لكن السؤال المهم هو : هل هذه هي السعادة ؟ وهل هذا هو النجاح الحقيقي ؟ لا أظن . فقد قدم لنا سليمان الحكيم خبرته العميقة في الحياة إذ يقول : “عَمِلْتُ لِنَفْسِي جَنَّاتٍ وَفَرَادِيسَ… عَمِلْتُ لِنَفْسِي بِرَكَ مِيَاهٍ …قَنَيْتُ عَبِيدًا وَجَوَارِيَ… جَمَعْتُ لِنَفْسِي أَيْضًا فِضَّةً وَذَهَبًا … فَعَظُمْتُ وَازْدَدْتُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلِي .. وَبَقِيَتْ أَيْضًا حِكْمَتِي مَعِي… ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ، وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ، فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ، وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ.” (جا5:2-11).

والقديس اغسطينوس جرب كل هذه الخبرات. ولم يجد فيها السعادة والنجاح فقال : “ستظل نفوسنا حائرة إلى أن تجد راحتها فيك”.

إذن المفهوم المسيحي للنجاح ليس في الغني والثروة والشهرة والجاه, إنما في معرفة الله الذي هو مصدر كل نجاح وبركة, كما قال الكتاب : “وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً” (تك2:39) ۔

والنجاح المسيحى لا يبنى على عطايا و هبات أرضية زمنية, يمكن أن تفنى وتزول، لكن النجاح المسيحي هو عطية الله لأبنائهم “الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون” (1تي4:2).

فالله إن أعطاك موهبة أو بركة, أو حجب عنك أخرى . فهدفه هو نجاحك لأن “گل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده” (رو28:8). 

مقومات النجاح

هل تجد في نفسك إمكانيات ومواهب تؤهلك للنجاح؟
هل يوجد شخص ليس لديه أي موهبة أو أي إمكانية أو قدرة أو مهارة؟

لا يوجد شخص لديه كل القدرات والمواهب , ولا يوجد شخص بدون قدرة أو مهارة أو موهبة واحدة .. ولكن المهم هو :

1- إكتشف نفسك وابحث عن مواهبك وقدراتك التي قد تكون مختبئة داخلك وأنت لا تعرفها ولم ترى مواهبك النور بعد.

2- اقبل ذاتك وارضى بما أعطاه الله لك من إمكانيات , حتى ولو كانت بسيطة , بل اسعی التطوير هذه الإمكانيات القليلة , واستخدامها لتحقيق أحلامك وأهدافك .

3- استقبل مواهبك الصغيرة , بصورة مميزة … فالتميز هو وسيلة النجاح في عصرنا هذا .

4- تكيف مع المفاجأت والظروف غير المتوقعة . يقول علماء النفس : ” انظر لكل مشكلة على أنها تحدي وبداية نجاح جديد ” فيحكي عن نجار بسيط في الولايات المتحدة تم طرده من المصنع الذي كان يعمل به .. وقال : إن الله سمح لي بهذه المشكلة لكي أتحدى الواقع و أصل إلى نجاح كبير … فبدأ في بيع بيته وسكن في شقة صغيرة : وأنشأ مشروع استراحة للسائقين في أحد الطرق السريعة … وسرعان ما تطور المشروع ونجح , حتى أصبح هذا النجار البسيط صاحب سلسلة فنادق شهيرة.

5- ثق في نفسك وطور قدرتك في التعبير عما بداخلك . فجزء كبير من نجاحك في حياتك هو قدرتك على اقناع الأخرين . لذلك يقول الإنجيل : “مستعدين دائماً لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم” (1بط15:3).

6- تصالح مع نفسك ومع الله وعش في سلام داخلی. فالنجاح لا يمكن أن يتحقق وسط المشاحنات , والصراعات النفسية , لذلك يقول الإنجيل : “لا تشمتي بي ياعدوتي ، إذا سقطت أقوم” (مي8:7).

معطلات النجاح

لكي يقوم الإنسان بإتمام عمل ما … يجب أن يتوافر لديه أمران هامان هما:
أ- القدرة : المعرفة والمهارة اللازمين لهذا العمل .
ب- الرغبة : الدافع والحافز والثقة في النفس . 
ويقسم العلماء البشر حسب قدرتهم إلى أربعة أقسام. 
فإن كنت:

1- قادر وراغب: فأنت بلاشك ستنجح فيما تعمله, وكل ما عليك فقط هو أن تبدأ في العمل.

2- راغب وغير قادر: فأنت تحتاج إلى التدريب والمعرفة . و إنتقال قدراتك لتتعلم وتستطيع أن تنجح .

3- قادر وغير راغب: فأنت تحتاج إلى التشجيع والتحفيز , ومعرفة أهمية ما ستفعله وحلاوة النجاح واثبات الذات.

4- غير قادر وغير راغب: فأنت تحتاج إلى وقفة مع ذاتك, فقد يكون ما تفعله غير مناسب لك وتحتاج لأن تتخذ قرار جرئ لتغيير مسار حياتك.

قبل قيامك بأي عمل حدد مكانك في الشكل السابق الخاص بالقدرة والرغبة.

احذر الآتي:

1- الكسل والتراخي وعدم السعي والتطلع إلى المستقبل. وإدراك مستوى أفضل.
2- الأنانية وحب الظهور ، والتعالي على الآخرين.
3- التذمر وعدم قبول الذات , والإمكانات التي رتبها الله للإنسان .
4- الخصام والعداءات والتحزبات التي تفقد الإنسان سلامة وعلاقته مع الآخرين. فتعيق طريق نجاحه.
5- التشتت وعدم التركيز في عمل معين , والقيام بعدة أعمال في وقت واحد دون الإنتهاء من أي منها.
6- عدم استغلال الوقت بكفاءة. 

كيف أجد طريق النجاح

النجاح يشبه سيارة تمضي في طريقها من مكان معین بهدف الوصول إلى مكان آخر . ولكي تجد طريقها وتصل إلى هدفها اسال نفسك الآتي :
1- ما هو الطريق الذي سأسلكه ؟ وما هي المحطات التي سأعبر عليها حتى أجد طریقی و هدفی؟
2- هل ملأت خزانك بالوقود ؟ هل إمتلأت بالثقة في الله وبنفسك وقدراتك وحفزت نفسك التي تصل إلى هدفك؟
3- هل ستتراجع إذا وقفت في أول إشارة أم ستكمل طريقك ؟ هل ستعطلك المشاكل أم ستتحداها وتكمل طريقك ؟
4- هل ستنتبه للسائقين من حولك لتتفادى أخطاءهم, والإصطدام بهم ؟ هل نتعلم من الأخطاء مع الآخرين ، وتسعى للسلام مع من هم حولك؟
5- إذا سلكت طريق خطأ هل ستيأس أم تحاول مرة أخرى؟ النجاح يقبل الخسارة والمحاولة مرة أخرى .

عزیزی الشاب

لكي تجد طريق النجاح يتطلب منك الأمر أن تسعى دائماً, وتجتهد , ولكن تذكر أن النجاح الحقيقي مصدره الله … ويوسف هو أكبر دليل على هذا, فالوحي المقدس يحدثنا عن يوسف وسر نجاحه في الحياة رغم كل الآلام والضيقات التي تعرض لها. لقد كانت حياة الصديق يوسف ممتلئة من أولها بالكثير من الاضطرابات والضيقات، التي ربما يصعب على أي بشر أحتمالها، فما بين حقد إخوته عليه وغيرتهم، ومحاولتهم التخلص منه ، إلى افتراء زوجة فوطيفار عليه لرفضه ممارسة الرذيلة معها، والتي تسببت في سجنه … إلخ ، نال ما ناله من العذابات والقهر ، لكن نهايته كانت عظيمة ومجيدة ومباركة ، أي كانت ناجحة بكل ما للكلمة من معنى. وان كانت قصة كهذه يمكن أن نمر نحن عليها بأسف وأسي ، إلا أنني أعتقد أن الأمر ليوسف نفسه كان أمراً صعباً جداً، ولو لم تكن قوة الله معه لما كان قد استطاع أن ينجح هكذا ، وهذا هو سر النجاح : “وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً” (تك2:39). كما يعرفنا داود النبي : “وكل ما يصنعه ينجح”( مز1: 3 ) .

والنجاح عزيزي الشاب لا يأتي مرة واحدة . ولكنه عبارة عن خطوات ومراحل صغيرة يجب أن تجتازها كلها, تسلق السلم درجة درجة ، فحتى القرارات البسيطة تصنع مصيرك فإنتبه لكل خطواتك مهما كانت صغيرة … وتحدى المشاكل التي تواجهك.

آیات تدعم النجاح

1- افتح عينيك : “لا تحب النوم لئلا تفتقر. افتح عينيك تشبع خبزاً” (أم13:20).
2- اسمع للمشورة : “إسمع المشورة واقبل التأديب لكي تكون حكيماً في آخرتك” ( ام20:19) ۔
3 – انتبه لكلامك: “الموت والحياة في يد اللسان وأحباؤه يأكلون ثمرة” (أم21:18).
4- اخلص لعملك : “من يحمي تينة يأكل ثمرتها وحافظ سيده يُكرم” (ام18:27).
5- اعمل باجتهاد : “العامل بيد رخوة يفتقر ، أما يد المجتهدين فتغني” (أم10:4).

أقوال حول النجاح

  • يُقسم الفشل إلى قسمين .. الذين يعملون دون أن يفكروا، والذين يفكرون دون أن يعملوا.    الكاتب جون شارلز سالاك
  • تعلم درساً من البعوضة, إنها لاتنتظر أبداً فتحة تنفذ منها بل تصنع واحدة.    كيرك كيركباتريك
  • عادة ماتختفى الفرص في شكل عمل شاق , لذلك لايتعرف عليها معظم الناس.    آن لانررز 
  • لكي تحقق المستطاع لابد وأن تجرب المستحيل.   كارين رافن

فاصل

من المسابقة الدراسية – المرحلة الجامعية مهرجان 2011

زر الذهاب إلى الأعلى