في ستر العلي
ما هو الوعد الإلهي اليومي لنا؟ ألم يقل الله كل يوم لا تخف. حيث نجد 366 وعد من الله لنا “لا تخف”.
وقد وردت كلمة لا تخف ومشتقاتها 366 مرة في الكتاب المقدس، فكأن الله يعد برعايتك كل يوم، فثق بايمان كامل، في وعوده لتفرح وتستريح.
جزيرة جاميكا
ارض الناظرين إلى الخلف, وذلك للخوف الدائم من تجار العبيد, حيث كانوا يمسكوهم ويبيعونهم كعبيد.. ينظرون أمامهم بعين، وبالعين الأخرى ينظرون خلفهم ليتمكنوا من الهروب وقت الخطر.
ونحن أيضا دائماً ما نشعر بالخوف.. الخوف من المستقبل.. من الامتحانات.. من الموت.. من الآخرين أو على الآخرين
الخوف دائماً ما يجعلنا لا ننظر إلى الأمام، ولا نفكر في المبادرة ولا في الأحلام، دائماً نخشى الإحراج و الفشل، وهناك بعض الأمراض النفسية التي تتعلق بالخوف مثل الفوبيا، وهو الخوف غير الطبيعي، تصاحبه نوبات الهلع والذعر الشديد، ويعرف هذا المرض على أنه خوف کامن مزمن و غير مبرر (غير منطقي) من شيء أو مكان أو سلوك معين. وهكذا نحن… بداخل كل شخص منا ما يشبه الفوبيا (نخاف أي شيء وكل شيء).
أولا: مخاطر الخوف
هناك تقليد خاص يتبعه الهنود الذين نزحوا إلى أمريكا.. وهذا التقليد خاص بتدريب شبابها الصغار على الشجاعة، ففي عيد الميلاد الثالث عشر، بعد تدريبه على مهارات الصيد والقتال، يؤخذ الولد معصوب العينين إلى غابة بعيدة، ليؤدي فيها اختباراً للشجاعة وهزيمة الخوف… وهناك، وبعد حلول الظلام ترفع العُصابة عن عينيه، ويترك وحيداً ليمضي الليل كله وحيداً وسط الغابة الموحشة الرهيبة.. ليلة كاملة من الرعب يقضيها متوقعاً هجوم الحيوانات المفترسة القاتلة، والثعابين السامة، والحشرات المميتة.. وبعد ليلة تعبر كأنها الدهر، وعند خيوط أول ضوء للشمس، يكتشف الولد الصغير شخصاً واقفاً قريباً منه، قضى الليل كله معه دون أن يدري.
هل تعرف من هو هذا الشخص؟
إنه والده الذي سهر الليل بطوله ليحرس أبنه الوحيد من الخطر، ويدفع عنه كل سوء،، ولكن ليتأكد من شجاعته، ويقلده وسام النصر والقوة، وكل هذا دون أن يراه ابنه أو يشعر بوجوده.
هذه هي قصة الخوف في حياتنا…
تمضي الحياة بأكملها في مخاوف متتالية، بسبب عيوننا المغلقة عن رؤية إلهنا الحنون، وهو يحرسنا لحظة بلحظة (اش 3:27 ) ليل الشك يعمينا، والخوف يسدل ستائره على عقولنا، فلا نرى أبونا الغالي يقف بجوارنا، أقرب إلينا من أنفسنا، يؤمن حياتنا بالكامل، ويحتضنا العمر كله.
كيف نهزم الخوف
والآن نأتي إلى خطوات عملية لهزيمة الخوف:
1- إن الأغلبية العظمى من مخاوفنا مصدرها كاذب:
في أبحاث للعلماء وجدوا أن هناك 7000 نوع من الخوف لدى الناس !! فهل تعلم كم نوع ولدنا به؟ نوعان فقط: الخوف من السقوط، والخوف من الأصوات المزعجة.. خوفان طبيعيان يولدان معنا وراثياً، وباقى 7000 أي 6988 نوع من الخوف نكتسبه عبر حياتنا!!
هل عرفت أن الخوف أغلبه مرضی؟
آلاف من المخاوف تشغل بال الناس، وكلها أوهام استقرت في عقولهم، حرمتهم من طاقة الانطلاق و الإبداع.. قصة مثل هذه حدثت مع داود.. “قال داود في قلبه: إني سأهلك يوماً بيد شاول, فلا شيء خير لي من أن أفلت إلى أرض الفلسطينيين (اصم 1:27) لقد سيطر الخوف على داود فخاف أن يهلك على يد شاول: وهنا يتبادر إلى الذهن سؤالين:
أ- هل الخوف قاد داود إلى حسن التصرف؟
ب- هل فعلا هلك داود بید شاول؟
عاش داود … وهلك شاول!!
الإجابة على السؤال عجيبة: قاد الخوف المرضى داود للاحتماء بالفلسطينيين أعداء شعب الله، وارتمي في حضن الأعداء 16 شهراً (1صم 7:27) وكاد أن ينضم إليهم ليحارب شعب الله ، بل كاد أن يهلك على أيديهم (إقرأ القصة في 1صم 30).
الإجابة على السؤال الثاني أعجب: فقد عاش داود شیخاً وقد شبع أياماً وغنى وكرامة (1 أخ 29: 28).. أما شاول الذي كان داود يخشى أن يهلك على يديه؛ فقد مات قتيلاً في الحرب.. وهل تعلم من الذي قتله؟.. فقد قتل شاول نفسه بنفسه “فأخذ شاول السيف وسقط عليه” (اصم 4:31) و هذه هي قصة مخاوفنا: مجرد أوهام تطاردنا، تؤرق حياتنا، ثم نكتشف بعد عمر ضاع في القلق والهم.. أن الخوف خیال جعلنا نصرخ الليل كله (مت 14: 26)
غريق البحر الميت
كان زائر من الخارج يتجول بمنطقة البحر الميت لمهمة خاصة، وفيما هو يسير على شاطئه زلت قدماه فسقط في الماء… ارتعب الرجل فقد كان يجهل السباحة. كما كان يعلم أن هذه المنطقة ذات مياه عميقة… أصابه الذعر، ولعجزه عن التفكير، و بدا يضرب المياه بكلتا يديه، فلما أصيب بالإعياء توقف عن الحركة مستسلماً.. | ويا للعجب، فقد وجد المياه تدفعه إلى أعلى آمنا..
هل تعلم؟ البحر الميت، مياهه ذات كثافة عالية جداً، بسبب ما بها من أملاح كثيرة ومعادن، لذا لا يمكن أن يغرق شخص يقع فيها ويستسلم لقوة دفعها إلى أعلى….
2- معركة الخوف تبدأ من الذهن :
عليك أن تواجه الخوف في ذهنك أولا.. إن الخوف فكرة، والإيمان فكرة وفكرة الإيمان قادرة بنعمة المسيح أن تطرد فكرة الخوف. هذه النظرة تسمى نظرية الإحلال والإبدال، حيث تزيح فكرة بفكرة أقوى، ونرددها حتى تصير جزء من كياننا الداخلي..
لا تسمح إذن لفكرة الخوف أن تستقر كفكرة في عقلك، تتحول إلى مشاعر في قلبك، ثم إلى إرادة، ثم سلوك.. اهزمه، اطرده، إفتح له الباب وأصدر له أمرا بالخروج..
کلم جبل الخوف الذي يقف أمامك بأيمان، وقل لهذا الجبل أن ينتقل وهذا يقودنا إلى النقطة التالية وهي.. .
3- الكلمة … سر النصرة على الخوف :
يقول الحكيم في الأمثال: “أما المستمع لي فيسكن آمناً ويستريح من خوف الشر” (ام 33:1 ) هل تعلم لماذا ؟
لأن الكلمة تغير فكرك وتجدد ذهنك (رو 2:12 ) وتملأه بالإيجابية، وتستبدل هواجس الخوف التي تحتل عقلك بالثقة والقوة. الخوف احتلال للعقل، و عليك ألا تسمح لهذا الاحتلال بالبقاء،، مهمتك إن هي عملية السماح لكلمة الله بالاحتلال الإيجابي لذهنك، وهذا ما قصده معلمنا بولس الرسول عندما قال: “هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأثرين كل فكر إلى طاعة المسيح” (2كو 5:10 ). انظر الكلمة الهامة “هادمین ظنوناً”: الخوف هو الظن، والشك في قدراتك التي أعطاها الله لك، وعليك بنعمة المسيح أن تهدم هذا الظن.. مستأسرين (أي تحضره أسيرا) كل فكر إلى طاعة المسيح.
استبدل فكرة بفكرة، والآن عليك أن تفرغ ذهنك من الأفكار السلبية، قم بوضع مكانها كلمات الثقة من كلمات الله:
احفظ الآيات من الإنجيل بإستمرار، واكتبها وضعها أمامك دائما لكي تحفظها، من هذه الآيات:
- “لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي” (اش 43: 1)
- “ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله (رو8 :28 )
4- الصلاة تهدم حصون الخوف
نأتي إلى نقطة عملية أخرى لهزيمة الخوف وهي الصلاة..
داود صلي قائلا: طلبت إلى الرب فاستجاب لي ومن كل مخاوفي أنقذني” (مز 4:34) لم يصلي من أجل حل مشكلته، إنما طلب من الله أن ينصره على الخوف من المجهول، ومن احتمالات الشر، من ظنون الشر، من احتمالات الفشل.. وقد استجاب له الله فحرره من الخوف، أدخل يا صديقي إلى مخدعك تحدث مع الله بحرية، وأحكي له كل ما يدور بذهنك بكل تفصيل.. فالله في كل مجده يشتاق أن يسمعك: “ولما رجع الرسل أخبروه بجميع ما فعلوا” هل تعلم ماذا فعل لهم؟ “فأخذهم وانصرف منفرداً إلى موضع خلاء” (لو9 :10 و11)
فن إلقاء الخوف عند قدمي الله هو أحد المهارات الهامة التي يجب أن تتعلمها من الصلاة.
5- تصالح مع الماضي :
في مواجهة الخوف، هناك خطة عمل هامة عليك أن تنظر إلى ماضيك لتنقيه، لكي تنطلق نحو المستقبل بدون أحمال او هموم أو ض عفات تعيق مسيرتك…
قد يكون في ماضيك خطية تحتاج إلى مواجهة وتوبة، عليك أن تهدأ و تستجمع إيمانك لتحمل آثامك إلى محضر الله، حيث تلقيها هناك، وتدفنها إلى الأبد بالاعتراف…
قد يكون في ماضيك الم محدد، أو صدمة عاطفية، أو خوف إستقر في عقلك الباطن وأغلق عليه، ومن ثم أصبح منطقة تلوث.. أجلس مسترخياً، وتجول في رحلة عبر الماضي،، ثم احمل هذه الآلام بلطف وانزع شوكته وألقه عند قدمي الرب في الصلاة.
6- تحدث عن مخاوفك مع أب اعترافك :
وهنا يجب أن تتحدث معه عن خوفك بالكامل،، وهي فرصة للاعتراف وأخذ الحل عن الخطايا، فقد تكون أحد أسباب الخوف.
7- صمم على خطة عمل :
الخوف يقتات على الخوف، ويدخلك في دائرة مفرغة من القلق.. فكرة تؤدي إلى سلسلة من الأفكار وفي النهاية تجد نفسك منهكاً و مسلوب الإرادة و مشوش الذهن.
الأفضل من هذا أن تضع لنفسك خطة تعمل بموجبها لتهاجم الخوف…
ابدأ ولو بخطوة أو خطوات قليلة… فالذهن يرتبك عندما تأمره بطلبات كثيرة متتالية.. صفاء الذهن هو سلاح هام في معركتك ضد الخوف،،
اكتب إذن أمامك هدفك البعيد ثم هدفك القريب ثم ض ع أمامك خطوات اللتفية متتابعة وبسيطة.
واهتم بتأدية دورك، ولو كان بسيطاً بشكل صحيح، وستجد أن النتائج ستتبعك من نجاح إلى نجاح.
لحظة من فصلك
عندما تشعر بالخوف … ثق أن
1- الخطية لن تسودكم، لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة (رو 14:6 )
2- في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم (يو 33:16)
3- ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء” (لو 19:10 ).
4- الرب قال: تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم
- یا الله… طوبى لمن ينام واسمك القدوس علی شفتيه. فإن الشياطين تهرب من الإقتراب إليه، ولا تجد فيه مدخلاً ولا محلاً
الشيخ الروحاني
من المسابقة الدراسية – خريجين – مهرجان الكرازة 2012