الهروب إلى مصر

مصر تؤدي واجب الضيافة (مت 2: 13-15)

[ في غسق الليل تسللت العذراء حاملة يسوع
ومعه حملت رجاءها في قلبها لعودة سريعة
فأشرقت الشمس عليها وهي
على حدود مصر]
(بابيني)

لم تكن مصر غريبة عن اليهودي فهي الوطن الثاني بعد فلسطين؛ إذ أقاموا فيها إقامة دائمة دامت 400 سنة.

[المسيح ابن ثماني سنوات يتكلم يسوع: أماه ! أنا أتذكر جيداً كل ما كان يعملــــه موسى وحتى المكان الذي ولد فيه والصحراء التي تغرَّب فيها مريم ترد: يا ابني لم تبلغ الثامنة مـــــن عمرك كيف تتذكر هذه وهي منذ آلاف السنين؟ يسوع: أواه، أنا أتذكر حجـــارة مـصـر الكبيرة كالجبال المخروطة (الأهرام) وهي تلقي بظلها الكبير على الأرض، فوق الرمال. وأتذكر النهر الواسع الساكن، لقد عبرناه يا أماه في قارب بثلاثة أشرعة بيضاء، هناك ولـــد موسى. ورأيت الصحراء التي سار فيها مع شعبنا إسرائيل وأمضوا فيها أربعين سنة. أنا لم أنس شيئاً من هذا ] (تأمل للكاتب أوتو همفري)

لقد كانت وظلت مصر حلم اليهود، وكان في مصر جالية يهودية كبيرة يقول عنها فيلو الفيلسوف اليهودي إن هذه الجالية سنة 40م كانت تقدر بنحو مليون يهودي. وكانوا متمركزين في بابليون (مصر القديمة) والإسكندرية وصعيد مصر.

فقام يوسف وأخذ الصبي وأمه ونزل إلى مصر. ولا شك أن الذهب الذي أعطاه المجوس غطى مصاريف الرحلة والإقامة في مصر. وكانت الطرق التي عبدها الإسكندر الأكبر وأقام فيها نقط حراسة وعلامات الطريق قد أعطت أمناً وسلاماً وراحة للمسافرين. وقد وصف المؤرخون المواضع التي أقام فيها المسيح في مصر وأهمها المطرية بالقاهرة بجوار المدينة العتيقة القديمة التي كان اسمهــا ليونتوبوليس، وقد ذكرها العالمان الألمانيان باولس وشوبيرت.

أما في تقليد الكنيسة القبطية فيذكر التقليد أنها أقامت في مصر القديمة موضع كنيسة “أبو سرجة” الآن في المغارة التي أسفلها وهي مزار عالمي. وعاشت في بابليون مصر العتيقة، ونزلت إلى قسقام وأسيوط وجبل الطير في الطريق. ولقد تباركت ديار مصر جميعها بنزول المخلص هارباً من وجه الغاضب؛ كما هرب يوسف من غضب إخوته، فكان أن أحيا مصر والبلاد المجاورة بمخازن القمح. وهكذا نزل المسيح، وهو خبز الحياة، ليُحفظ قليلاً من أجل حياة كل العالم.

وما كان دعاء داود عن الكرمة والابن الذي أخذه من مصر وهو يكلم الله، سوى دعاء توصية لحفظ الابن: «كرمة من مصر نقلت (شعب إسرائيل) … يا إله الجنود ارجعنَّ، اطلع من السماء وانظر وتعهد هذه الكرمة، والغرس الذي غرسته يمينُكَ والابن الذي اخترته لنفسك» (مز 80: 14,8و15). ولكن المسيح كشف سر الكرمة والابن معاً فإذا هو هو المخلص!! 

«وكان هناك إلى وفاة هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني» (مت 15:2). هذه النبوة قالها هوشع النبي متخذاً من دعوة إسرائيل للخروج من مصر تعبيراً مسيَّانياً لدعوة المسيح الابن الوحيد من مصر. وأصل الآية جميل: «ما كان إسرائيل غلاماً أحببتـــه، ومن مصر دعوت ابني هو (1:11). وهنا يزيد الانطباق جدا، فهوشع هنا غير مشغول بالتاريخ، ولكن النبوة مسلطة على شخص الابن وهو صغير.

ولم تدم إقامة المسيح في مصر كثيراً بعكس كل الظنون، لأن هيروس مات بعد ذلك بقليل.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى