شيث
كلمة الله لاتتوقف عند قصة قايين ونسله الشرير. فتقول كلمة الله؛ أن الله أعطى آدم وحواء ابناً آخر عوضًا عن هابيل؛ لأن قايين كان قد قتله (تك 4 :5)؛ وهو شيث ؛ وشيث تعني “المختار”.
لقد وضع آدم وحواء رجائهما الجديد في ميلاد شيث “«لأَنَّ اللهَ قَدْ وَضَعَ لِي نَسْلاً آخَرَ عِوَضًا عَنْ هَابِيلَ»” (تك 4: 25)؛ وهذا النسل الآخر لآدم الذي خرج منه شيث؛ فبعد أن مات هابيل الصديق؛ ظهر وميض يلمع برجاء جديد وسط الظلمة التي سادت بسبب الشر الذي كانت تنتهجه أسرة قايين؛ إذ ظهر من آدم فرع طيب آخر غير قايين الشرير, فؤلِد شيث؛ وابتداً الناس في التسمية باسم اللّه؛ ويزهر الغصن الحسن ويخرج منه أخنوخ الذي سار مع الله ولم يوجد لأن الله نقله؛ وهذا تعبيريدل على العشرة مع الله.
لقد اختار الله شيث أن يكون عوضاً عن هابيل. لكن لماذا كان على شيث أن يحل محل هابيل؟ هذه هي الإجابة: لقد وعد الله في جنة عدن بأن هناك واحدًا سيجيئ للعالم ليغلب الشيطان ويحرر نسل آدم من قوته. وهذا المخلص كان ممكثا أن يأتي من نسل هابيل الذي كان قد آمن بالله. لكن الشيطان جعل قايين يقتل هابيل. لقد أراد الشيطان أن يعوق خطة الله في إرسال مخلص الى العالم. لكن حكمة الله تفوق حكمة الشيطان. لقد كان لله خطة ليخلص بها نسل آدم من خطاياهم؛ ولا أحد يستطيع أن يعوقها ؛ حتى الشيطان نفسه. ومن أجل هذه الخطة؛ أعطى الله لآدم وحواء شيثًا عوضًا عن هابيل الذي كان قد قتله قايين. وهكذا؛ كانت خطة الله في إرسال مخلّص؛ تتقدم في سيرها.
ثم جاء شيث , وذكر الكتاب سبب التسمية “لأن الله قد وضع لي نسلاً آخر عوضاً عن هابيل”؛ شيث كان باراً وذُكر عنه أنه كان ممجدًا وسط الناس (سي 19:49) ؛ وبولادة شيث بدأ عصر جديد فيه كما يقول الكتاب (تك 4: 26) “ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ”وهي جملة غريبة؛ هل قبل شيث لم يكن الرب معروفاً؛ بالطبع مستحيل؛ المقصود هنا هو إنه ابتداً أن يعلن عن الرب كونه المخلص الذي سينفذ الوعد.
كان شيث مؤمنًا حقيقيًا. ومتل أخيه الأكبر هابيل؛ اختار شيث أيضًا أن يسلك طريق الخلاص الذي أسسه الله. ولقد وُلد شيث بطبيعة مائلة للخطية مثل نسل آدم. لكن شيث آمن بوعد الله؛ أن مخلصنًا سيآتي الى العالم؛ وعبِّر عن إيمانه بإحضار دم حمل كذبيحة آمام الله؛ لتكفر عن خطاياه. وهناك أمر هام بالنسبة لشيث؛ ذلك أنه ربَّى أبناءه على معرفة الله. إذ تقول كلمة الله: ” حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ” (تك 7:4)
من كتاب تاريخ بني إسرائيل – الراهب أولوجيوس البرموسي
قايين وهابيل | تاريخ العهد القديم | أخنوخ |