العلامة ترتليان
نشأته
من الكنيسة الأفريقية، وقد ولد في قرطاجنة في شمال أفريقيا، وكان ابناً لقائد مئة روماني وثني في خدمة الحاكم الإداري الروماني في أفريقيا.
أتقن اللغتين اللاتينية واليونانية، وحصل جميع علوم عصره الطبية والطبيعية، والأدب والبلاغة والحقوق وصار محامياً في روما، ثم تزوج، وحوالي سنة ۱۹۳م قبل الإيمان المسيحي، وسیم قساً سنة ۲۰۰م وبدأ إنتاجه الأدبي في دفاعه عن المسيحية.
يُعد مع القديس أغسطينوس أشهر لاهوتيي الغرب، ويدين له اللاهوت الغربي بالعديد من المصطلحات. فهو يعد حقيقة بنوع ما، من صاغ اللاهوت الغربي بلغة واضحة.
السقوط
حوالي سنة 205 أو 207م سقط في البدعة المونتانية وهاجم المسيحية بعنف.
هجر المونتانية وأنشأ بدعة جديدة اتخذت إسمه، وعاشت زماناً حتى أعاد القديس أغسطينوس من بقي من الذين اعتنقوها إلى حظيرة الكنيسة في صدر القرن الخامس.
شخصيته
يعد ترتليان أكثر الكتاب اللاتين إنتاجا وأصالة. تُشكل كتاباته العديدة القوام الأول والرئيسي للأدب المسيحي اللاتيني.
في كتاباته دافع عن المسيحية ضد الوثنية وشرح العقيدة المسيحية ضد الغنوسية والهرطقات الأخرى وبخاصة الماركيونية، وناقش مواضيع خاصة بالأخلاق المسيحية.
وهو يكتب غالبا بدون اعتدال، يندفع في المعارضة أكثر من الإقناع. وتعبيراته جريئة، موجزة، معقدة، ولا يهتم بجمال الاسلوب.
كان الحق هو هدفه العظيم في دفاعه عن المسيحية وفي هجومه على الوثنية والهرطقات. ففي دفاعه ذكر أن الجهل بالحق هو السبب الذي من أجله يُكره المسيحيون ويضطهدونه.
في كتابه “ضد الهراطقة” 11 كتب ترتليان :
“لا أحد يبحث إلا الشخص الذي فقد ما يبحث عنه. أغبياء (يقصد الهراطقة وغير المؤمنين) أولئك الذين يبحثون دائما لأنهم لن يجدوا مطلقا، لأنهم يبحثون حيث لا يمكن أن يوجد شيئاً. أغبياء أولئك الذين يقرعون دائما لأن الباب لن يفتح أبداً، لانهم يقرعون حيث لا يوجد باب ليفتح. أغبياء أولئك الذين يسألون دائما لانهم لن يسمعهم أحد، لانهم يسألون حيث لا يوجد سامع.”
أخذ موقفا معادياً للفلسفة إذ يقول في دفاعه:
أي شركة بين الفيلسوف والمسيحي؟ بين تلميذ اليونان حلي الباطل وتلميذ السماء عدو الباطل وحليف الحق؟ (دفاع 46).
كاتباته
تقسم كتاباته إلى: دفاعية – عقائدية جدلية – نسكية عملية:
كتابات دفاعية:
- الدفاع إحتجاجه الفريد: الذي كتبه سنة ۱۹۷م وهو من أقوى كتاباته، ووجهه إلى حكام المقاطعات الرومانية، ويقع في جزئين، الأول: يتناول اتهام المسيحيين بجرائم سرية، والثاني: الجرائم العامة.
- كتابان: إلى الوثنيين، في شهادة النفس كتبهما حوالي سنة ۱۹۷م يسخر فيهما من العبادات الوثنية ويوضح أن الاتهامات الموجهه ضد المسيحيين هي حقيقة تخص الوثنيين.
- كتب خطاباً مختصراً نحو ۲۱۲م إلى الحاكم الروماني في أفريقيا الذي كان يضطهد المسيحيين، يذكره فيه بالمصير الذي لاقاه المضطهدون الآخرون.
- ضد اليهود كتبه بین ۲۰۰، ۲۰۹م: مناقشة يثبت فيها أن اليهود رفضوا نعمة الله.
أعماله العقائدية الجدلية:
- ضد ماركيون، وهو أهم ما كتبه، في خمسة كتب، كتبها في فترة حوالي اثنتي عشرة سنة من سنة ۲۰۰ إلى سنة ۲۱۲م.
- ضد الغنوسية، ضد هرموجينيس، ضد براكسياس، الترياق ضد سم العقارب، مقال في النفس، قيامة الأجساد، جسد المسيح، في المعمودية. كتبها جميعا في الفترة ما بين ۱۹۸، ۲۱۳م.
كتابات نسكية عملية:
- مقالتان عن التوبة، التواضع، في ملابس السيدات والزينة، عهد (أو ميثاق) روحي يشجع فيه زوجته على عدم الزواج ثانية، ويقع في كتابين، الكورونا (الاكليل) في التعارض بين المسيحية وخدمة الجيش، في الصبر، في الصلاة، إلى الشهداء، في المشاهد، الحث على على العفة، في العدم لدحض النفسانيين، في الرداء اليوناني”الباليوم” (De Pallio-Pallium وهو رداء الفلاسفة).
في “الدفاع” ۱۷ كتب ترتليان:
“إن هدف عبادتنا هو الله الواحد الذي خلق الكون الكبير بكل عُدته من عناصر وأجساد وأرواح، هو الذي أوجده من العدم بكلمته، أعطى الأمر ورتب ونظم كل شيء وفقا للتصميم الذي أبدعه، بقوته أنجز خطته وجعل الكون زينة لجلاله الخاص. ومن ثم يدعو اليونانيون الكون بكلمة كوزموس Cosmos والتي تعني “زينة”.
الله لا يُرى ولكنه يُرى، لا يمكن الإحاطة به، على الرغم من ظهوره بالنعمة، غير مفهوم، ولكنه يُفهم بالحواس الإنسانية. وفي هذا تكون حقيقته وعظمته. ولكن كقاعدة عامة، ما يمكن أن يُرى، أو يُفهم، أو يُدرك هو أقل للأعين التي تری وللأيدي التي تمسك، والحواس التي تكتشفه، بينما ذلك الغير محدود لا يعرفه إلا نفسه فقط. إنها لا محدودية الله التي تعطينا أن نفهم الله الغير مفهوم، لأن جلاله الغامر يقدمه للإنسان في الحال كمعروف وكغير معروف في آن معاه.
الكنيسة الجامعة | |||
تاريخ الكنيسة |