تاتيان السرياني
نشأته
وُلد في شرق سوريا حوالي عام 110 م ، من أبوين وثنيين غنيين.
تعلم البلاغة والفلسفة اليونانية، وسافر إلى أثينا وروما وقبل الإيمانالمسيحي في روما ما بین 150 و 165م.
وتتلمذ على يدي القديس يوستين، لكنه اختلف عنه في آرائه. وبعد استشهاد معلمه القديس يوستين (165 -167م) أنشأ مدرسة في روما قاد فيها التعليم وشرح الأسفار المقدسة للمؤمنين حديثا، ونبغ من تلاميذه رودون.
شخصيته
عُرف بالتطرف في آرائه، فقد علم بالرفض التام لكل فلسفة يونانية، وأظهر امتعاضه حتى من الحضارة اليونانية من فن وعلم ولغة، لكنه لم يقدر أن يتخلص من الفكر اليوناني تماماً.
غادر روما على أثر خلافات مع كنيستها. فعاد إلى الشرق على الأرجح إلى الرها في حوالي ۱۷۲م حيث ألف الدياتسارون. وزاول نشاطه في سورية وكيليكية.
سقط في بدعة فالنتينوس الغنوسي وانتمى إلى طائفة الإنكراتيين Encratites “المغالون (أو المتطرفون) في العفة” الذين يمتنعون عن شرب الخمر حتى أنهم استعاضوا عنه بالماء في سر الافخارستيا، ويحرمون أكل اللحوم وينظرون إلى الزواج على أنه زنا، ويحرمون على النساء استخدام الحلي، ويرى البعض أنه هو مؤسس هذه الهرطقة ومعلمها في ۱۷۲م في سوريا.
وتوفى حوالي 180 م.
يوجد العديد من الأخطاء اللاهوتية في كتابات تاتیان. يقول عنه إيريناوس أنه عمل “خليطاً من جميع الهرطقات” وأنكر خلاص آدم.
يرفض العهد القديم بكامله وبعض رسائل بولس الرسول. ولكن الاقتباس التالي من الفصل الرابع من “مقالة إلى اليونانيين” هو أحد الأجزاء القليلة الخالية من الأخطاء. وهو يشرح كيف أن المسيحيين يعبدون الله وحده:
“الله هو الذي يجب أن نخشاه الذي هو ليس مرئيا لأعين الناس، ولا يمكن أن تحيط به مهارة البشر. عندما أأمر أن أنكره لن أطيع مفضلا الموت عن أن أبدو خائناً وناكراً للجميل. إن إلهنا لم يبدأ في الزمن، هو وحده بلا بداية، وهو نفسه بداية كل الأشياء. الله هو روح؛ ليس مادة منتشرة أو عامة، بل هو صانع الأرواح المادية، والأشكال التي في المادة؛ هو غير مرئي، غير محسوس وهو نفسه آب (يقصد أصل) كل من الأشياء المحسوسة و الغير مرئية. نعرفه من خلال خليقته، ونفهم قوته الغير مرئية من خلال أعماله. أنا أرفض أن أعبد هذه المصنوعة بالأيدي والتي صنعها هو لأجلنا. خُلقت الشمس و أيضا القمر من أجلنا: كيف إذن أعبد الذين يخدمونني (عبيدي)؟ كيف أتكلم عن الخشب والحجارة كآلهة؟… ولا يجب حتى أن الإله الفائق الوصف يهدي بعطايا؛ لأن ذاك الذي لا يحتاج لشيء لا نزعم خطأ أنه كما لو كان معوزاً.
أعماله
يتبقى من أعماله فقط كتابان : المقال إلى اليونانيين والدياتسَّارون . The Diatessaron
أولاً: مقال تاتيان إلى اليونانيين حوالي سنة 165م:
في مقالته إلى اليونانيين”، لم يهدف للدفاع عن المسيحية بقدر ما كان يدعو لمدرسته. وتضمن المقال في جزئه الأساسي أربعة أقسام:
1. علم الكونيات المسيحي (الفصول 3:4-6:7):
- المفهوم المسيحي لله (304-5). |
- علاقة اللوغوس مع الآب، وخلق العالم (2).
- خلقة الانسان، القيامة، الدينونة الأخيرة (6- 1:7).
- خلقة الملائكة، حرية الإرادة، سقوط الملائكة، خطية آدم وحواء، الملائكة الأشرار أو الشياطين (7: 2-8).
٢. المعتقدات المسيحية فيما يتعلق بالشياطين (8-20):
- علم التنجيم هو اختراع من الشياطين (8-11).
- لكي نستطيع التغلب على قوة الشياطين، يجب أن نحاول أن نعيد وحدة نفوسنا بالبنفما، أي الروح السماوي (12-15: 1)
- لا يستطيع الشياطين أن يقوموا بأعمال التوبة، لكن البشر هم صورة الله ولذلك يستطيعون أن ينالوا الخلود بإماتة الذات (15: 2-16: 6).
- يجب على الإنسان أن لا يخاف (16: 7- 20).
٣. الحضارة اليونانية (۲۱-۳۰):
- سخافة كل أشكال اللاهوت اليوناني تشكل تناقضاً صارخاً مع سمو سر التجسد (۲۱)
- المسارح اليونانية هي مدارس للرذيلة (22-24).
- الفلسفة اليونانية والقانون هما نقيضان ومضللان (25-28).
- الديانة المسيحية تضيء في تألق (29-30).
4. قدم المسيحية وقيمها الأخلاقية (31-41):
- الديانة المسيحية هي أقدم الديانات لأن موسي عاش قبل هوميروس، وسبق بزمان كثير كل المشرعين اليونانيين
- الفلسفة المسيحية والسلوك المسيحي في الحياة يختلف عن حكمة الكتاب اليونانيين
ثانيا: الدياتسَّارون (دمج الأربع بشائر في رواية واحدة حوالي ۱۷۲م):
هو الكتاب الذي سبب له الشهرة. و فيه يمزج الأربع بشائر في قصة واحدة متصلة.
يتضمن الدياتسارون خمسة وخمسين فصلاً، وإن حوت سيرة ربنا يسوع المسيح وتعاليمه الإلهية إلا إنه أغفل فيها ذكر نسب السيد المسيح. وضعه أولاً بالسريانية ولكن سماه حسب اللفظ اليوناني دیاتسارون أي “من خلال الأربعة” يقصد الأناجيل الأربعة.
كان الدياتسَّارون يستخدم في الكنيسة السريانية حتى القرن الخامس، حين أبطله مار رابولا الرهاوي مطران الرها (ت. 435م) واستبدله بالأناجيل الأربعة المنفصلة المألوفة.
وقد أعدمت نسخ الدياتارون فلم يبق منها بالسريانية والعربية سوی شذرات قليلة، ولكن هناك ترجمة عربية له من السريانية في النصف الأول من القرن ۱۱، سميت بالرباعي. وقد فسره القديس مار أفرام السرياني.
من كتاب نظرة شاملة لعلم الباترولوجى للقمص تادرس يعقوب ملطي
الكنيسة الجامعة | |||
تاريخ الكنيسة |