البابا غبريال الخامس

البطريرك رقم 88

انتخابه بطريركاً

 طغى الأسى على القلوب عندما أحست بالفراغ الهائل الذي أحدثه انتقال البابا متاوس. إلا أن الاحساس برعايته حتى بعد انتقاله انساب إلى داخل القلوب المسيرة فملأها عزاء روحياً. وبنعمة هذا العزاء المنبعث من المحبة الدافقة المنسابة من قلب البابا المتنيح اجتمع الأساقفة والأراخنة معاً بعد انقضاء ثلاثة شهور وعشرين يوماً للتشاور معا فيمن يصلح انتخابه لرعايتهم وفيما هم يتشاورون ذكر بعضهم أن الأنبا متاوس قد تنبأ بأن خليفته سیكون غبريال المترهب بدير الأنبا صموئيل القلمونی. فكان هذا التذكر حافزاً لهم لأن يستقدموا هذا الراهب من ديره ليكون هو البابا، وتمت المراسيم الدينية المقدسة في سنة ١٤١٠م . في سلطنة فرج بن برقوق وبها أصبح الأنبا غبريال الخامس البابا الإسكندری الثامن والثمانين .

وقد بدأ هذا الراهب حياته العملية كموظف في الحكومة. ثم ترك الوظيفة لأن حياة الرهبنة استهوته ولهذا السبب لقبوه بمستوفی الجيزة نسبة إلى عمله الحكومي وهو جمع الضريبة من أهالي تلك المنطقة . إلا أن حياته الرهبانية جعلت إخوته الرهبان يلقبونه بغبريال الأمجد .

خلو الخزانة البطريركية

 وبما أن الأنبا غبريال قد وصل إلى الكرامة البابوية بعد أن كان الأمير جمال الدين قد ابتز أموال الكنيسة، فقد وجد الخزانة خاوية خالية.

وكأن خلوها لم يكن كافياً إذ قد زاد عليه أن الأحباش قطعوا عادتهم السنوية في أرسال المال الذي كانت العادة قد جرت في أرساله. على أن الأنبا غبريال كان قد عاش أيام رهبنته في تقشف وزهد تامین وعرف أن يدرب نفسه على القناعة والرضى بما يجده من طعام ومن ملبس فكان هذا التدريب خير سند له أيام بابویته إذ أضطر إلى أن يعيش على عطايا أولاده وتقدماتهم . وحين كان يرغب في افتقاد شعبه كان ينتقل على قدميه لضيق ذات يده. ومع ذلك لم يمل من افتقاده وصبر على الفقر في رضی ورصانة.

رسامة بطريرك أنطاكية 

وحدث أن جاء إلى مصر في أيامه كاهن أنطاكي اسمه باسیلیوس بهنام مع عدد من أصدقائه ورجوا من البابا الإسكندرى أن يرسم باسیلیوس بطريركاً على المدينة المحبة للمسيح أنطاكية. ورحب الأنبا غبريال الخامس بهم وسارع إلى عقد مجمع من أساقفته وتشاور معهم في هذا الموضوع الحيوي . وانتهى الجميع إلى تكليف بعض الآباء لتأدية شعائر الرسامة المقدسة وهم : أنبا ميخائيل أسقف سمنود ، أنبا غبريال أسقف أسيوط الشهير بابن كاتب القوصية ، وكان رئيساً لدير الأنبا مكاري الكبير قبل رسامته أسقفا ، وأنبا كيرلس الأسقف السرياني للقدس المعروف بابن نيشان ، والقس الأسعد أبو الفرج كاهن كنيسة القديس مرقوريوس ( أبي السيفين ) بمصر القديمة.

وفرح الآباء بهذا التكليف وقاموا بصلوات الشعائر الخاصة برسامة الأساقفة في كنيسة أبي السيفين وبها أصبح باسیلیوس بهنام بطريركا لأنطاكية باسم أغناطيوس بهنام الأول. وخلال هذه الشعائر قرأ القس أرميا جميع أواشى البطريركية.

وبعد هذه الرسامة الكريمة سافر البطريرك الأنطاكي إلى أورشليم ومنها إلى مقر كرسيه . ومن عجب الله في قديسيه أن البابا الإسكندرى العائش على محبة أولاده قد استطاع أن يزود شریکه في الخدمة الرسولية بكل ما يحتاج إليه في السفر حتى الدابة التي كان محتاجا إلى ركوبها وقد قام بتودیعه وفد من الكهنة والأراخنة فرافقوه حتى المطرية .

تهديد البابا المرقسي بالقتل

 ثم وصلت الأنباء إلى سلطان مصر بأن التجار المسلمين يلاقون الشئ الكثير من سوء المعاملة والتضيق في الحبشة . فلم يحقق في صحة هذه الأنباء ولم يمحصها بل استدعى لفوره الأنبا غبريال الخامس وهدده بالقتل إن لم يمنع الأحباش من اضطهاد هؤلاء التجار. ولقد وعد البابا الإسكندري بالكتابة لملك الحبشة وتوصيته بالكف عن أذاهم . ولقد تدارکت مراحم الله هذا البابا الصبور إذ قد قبل السلطان كلامه وتركه وشأنه بمجرد أن وعد بالوساطة .

سهر البابا على رعاياه

وعلى الرغم من الضيق المادي ومن اضطهاد الحكومة له فإن الأنبا غبريال الخامس ظل ينتقل بین شعبه لمواساته ولتثبيته على الإيمان . كذلك وضع كتاباً في الطقوس الكنسية تذكيراً لأولاده بأهمية هذه الطقوس وبكل ما فيها من روعة.

نياحته

وقد قضى في ریاسة الكهنوت سبع عشرة سنة وثمانية شهور واثنی عشر يوما تنيح بعدها بسلام ودفن بما يليق به من إكرام في كنيسة السيدة العذراء ببابلون الدرج ( في آخر مصر القديمة).

فاصل

البابا متاؤس الأول القرن الخامس عشر العصور الوسطى البابا يوحنا الحادي عشر
تاريخ البطاركة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

زر الذهاب إلى الأعلى