أين رجاؤك؟
مساء الخير أخوتي وأخواتي الحكماء… أعرفكم بنفسي…
أنا أخوكم جرجس … كعادتي كل يوم وأنا أقلب بين صفحات الجرائد وقنوات التلفزيون، لم أجد نفسي أقرأ أو أرى سوى أخبار مزعجة، وأحداث محبطة للنفس و ما بين ثورات وحروب وكوارث طبيعية وجرائم، فشعرت بداخلی بالخوف والقلق والكأبة من تلك الأيام، وشردت بذهني وبسرعة دار هذا الحوار بيني وبين ربنا يسوع.. .
عم جرجس: يارب.. أشعر بخوف في هذه الأيام. فلم يعد بها أمان, أشعر بأن سفينة حیاتی تضطرب في وسط أمواج الحياة.
الرب يسوع: يا إبني الحبيب.. لماذا كل هذا الخوف والقلق الذي أراه في عينيك؟! هل نسيت إن اسمك منقوش على كفي , “من يمسكم يمس حدقة عينه” (زك 8:2). وأني أرعاك ليلاً ونهاراً دون أن أغفل أو أنام, فإن نسيت الأم رضيعها أنا لا أنساك ولا أتركك.
عم جرجس: أعلم يا أبي السماوي… ولكني أشعر إني مكبل بهموم الدنيا وأثقالها، وأشعر إني مقيد بأمراضى وأحزاني ومخاوفي من الأيام والمستقبل.
الرب يسوع: ألم أقل لك: “تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم” (مت 28:11 )، تعالى والقی بأحمالك علىَّ، سأحملها عنك، فأنا رجاء من ليس له رجاء… ومعين من ليس له معين.
عم جرجس: ولكن كيف آتي إليك يا الهي وأنا قد أمضيت عمري كله بعيداً عنك؟! فلم أكن أجد وقتاً للجلوس معك، فكنت أحب دنیای وحیاتی واهتماماتی… وأهتم بهم أكثر منك، فكيف آتي إليك بعد كل هذا، وقد جرى بي العمر.
الرب يسوع: إني أتوق وأشتاق للجلوس معك يا بني من زمان، فهل تعتقد أنك إن جئت إلى الآن سأقول لك إن الوقت قد تأخر، لا يا بني فأنا من قبلت توبة اللص اليمين في آخر لحظات حياته، وأنا من مشيت الساعات لأربح السامرية، أنا من خلقتك على صورتي في القداسة.. وأنا من تركت مجدى وصلبت على صليب العار لأخلصك وأفديك، فإني أتوق لرجوعك لأحضانی.
عم جرجس: ولكني مليء بخطايا وذنوب يا إلهي، أخاف أن تعيقني في المجيء إليك.
الرب يسوع: تعالى إلى يا حبيبي بتوبة صادقة واعتراف أمين.. وأعدك إني سأمحيها عنك و أطرحها في بحر النسيان ولا أعود أذكرها أبدا.. فقد جعلت لك الكنيسة المقدسة لتحيا بالأسرار المقدسة: فبعد أن صرت إبنة لي بالمعمودية، عليك أن تنظف نفسك بالتوبة والإعتراف، وتتحد بی بالإفخارستيا فأسكن فيك وتثبت أنت في.. وتنال عربون الحياة الأبدية، في ملكوت السموات في المكان الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهد في نور القديسين، وهو المكان الذي لم تراه عين.. ولم تسمع به أذن.. ولم يخطر على قلب بشر.. المكان الذي أعددته خصيصاً لك. ربما تمر ببعض الآلآم والتجارب على الأرض، ولكن ثق بإحتمالك ستئول إلى فرحك الأبدي.
عم جرجس: هل ستحتملني يا إلهي، فكل من حولي لا يتحملوني.. وغالباً ما أقضي وقتي وحيداً، فليس من يتذكرني باستمرار، وقليل من يسأل عنى برغم إحتياجي، فهل معك سأجد شبع لكل ذلك.
الرب يسوع: نعم يا بني فأنا مصدر كل شبع، أنا القادر على كل شيء، فمعی ستشعر بسلام يملأ قلبك، وستشعر أنك لست وحيداً.. فإني إله ذو اقتدار, فسأحملك على يد قوية وذراع عالية. أحفظك من الشياطين ومن الناس الأشرار، وأحفظك حتى من نفسك. “الرب يحفظك من كل شر…” (مز121). ويسقط عن يسارك ألوف وعن يمينك ربوات وأما أنت فلا يقتربون إليك (مز91)
عم جرجس: كم أنت حنون يا إلهي وطيب.. وكم هي معزية وعودك التي ترافق أولادك طوال مسيرتهم في غربة هذه الحياة. كم أنت تعمل وقوتك الحافظة تعمل, مفرحة هي أقوالك التي تشجعنا بها نحن أولادك.
الرب يسوع: هل سمعت داود حين قال ذات مرة: “أكثر من شعر رأسي الذين يبغضونني بلا سبب” (مز 69:4 ) ومع ذلك نراه في كل ضيقاته ومع كثرة أعدائه ينسى كل هذا ويقول: ناموسك هو درسی، شهادتك هي تلاوتی (مز119) فلن أخاف شراً، حتى إن سرت في وادی ظل الموت لأنك أنت معي (مز23)
عم جرجس: أشكرك يا إلهى… من الآن ستجدني وكلی شجاعة وإيمان ورجاء بوعودك الإلهية، إنه منظر عجيب حقاً.. أن نرى أولاد الله سائرين في طريق الحياة.. ونرى الله ممسكاً بيد كل منهم، ويقول له وهو يشجعه: ها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب”.
أخيراً
الرجاء يمنع الخوف ويمنع القلق والإضطراب، ويبعث الإطمئنان، بل إننا نكون فرحين في الرجاء رؤ(12:12)
لا تنظر إلى المتاعب مجردة بدون عمل الله. الذي يقدر أن يحول الشر إلى خير.
ثق انك لست وحدك… أنت محاط بمعونة إلهية وقوات سمائية تحيط بك، وقديسون يشفعون فيك، لهذا كله كان أولاد الله دائما فرحين و مطمئنين… عاشوا بقلب مطمئن في جهادهم الروحي، وفي كل الحروب الروحية، ولم ينجوا من حروب الشياطين وصراعهم مع أجناد الشر وقوات هذا العالم المظلم، بل تركوا العالم يضطرب حولهم كما يشاء، وتمسكوا بالوعد الإلهي المملوء رجاء وعزاء “ها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر” (مت 28: 20).
وأنت كذلك في كل حروبك الروحية وفي كل ضيقاتك ومشاكلك لا تنظر إلى القوى الخارجية التي تحاربك، ولا تفكر من سيقابلك في الطريق ويعترض بك، ركز فكرك ومشاعرك في وعود الله التي تشجعك وتسندك وتعزيك.
من المسابقة الدراسية – مسابقات سمعان الشيخ – مهرجان الكرازة 2011