إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون

 

 “إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون” (لو 13 : 3)

التوبة سر من أسرار الكنيسة ، بل هي مدخل لجميع الأسرار ، إذ لا يمكن أن يتم أي سر في الإنسان إلا إذا كان تائباً إلى الله .

إذا نظرنا إلى الحياة المسيحية على أساس الخبرة الروحية والسلوك الإنجيلي ، نجدها عبارة عن عمل توبة مستمر ، أي رجوع متواصل لله . لأن دخول الخطيئة في كيان الإنسان جعلته ينزع إلى الابتعاد عن الله : “فاختبأ آدم” وهو في حالة خشية وخوف منه لم تكن من طبيعته أصلا ، وذلك بسبب مخالفته الوصية .

المسيح جاء ليرفع الخوف ويرد الإنسان إلى الله ، برفع الخطية من كيان الإنسان ، وهذا هو عمل الغفران ، الذي يتم بفعل إلهي ، يستمد قوته من سفك دم المسيح : « ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية » (1يو1 : 7 ) . وهذا هو مضمون سر الفداء .

التوبة ، إذن ، هي في الواقع دخول في سر الفداء ، وقبول فعل المحبة المستقر في دم المسيح ، لذلك صارت التوبة باختصار سراً إلهياً . ولكن ، الرجوع إلى الله لا يمكن أن يتم بقدرة الإنسان وحده : « لا يقدر أحد أن يقبل إلى إن لم يجتذبه الآب » ، وقديما قال النبي : « تؤبني فأتوب » .

كذلك ، فإن الله لا يجذب الإنسان إلا بناء على سعيه واشتياقه ، أي يلزم أن يكون عنصر مشيئة الإنسان فعالاً في التوبة ، لأن الله لا يطلب الإنسان قسراً.

إذن فالتوبة هي تقابل بین مشيئة الله الُمحبة ، الجاذبة للإنسان الخاطئ ؛ وبين مشيئة الإنسان المُتعب الخائف الراغب في العودة لله . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى