اضبط مسمارك … كيف تصبح عامل صيانة؟

احذر هذه اللعبة

كثيراً فى الرحلات ما نلعب معاً لعبة أوعى تقول لأ، التى تقتضى ألا تقول (لأ) طوال اللعبة لئلا تكون من الخاسرين وتخرج من اللعبة، ولكنى اليوم أحذرك من مخاطر ألا تقول لا… فقد تخسر الكثير بسبب عدم قولك (لا) فى الوقت المناسب، فهى كلمة هامة فى بعض المواقف قد تساعدك وترشدك وتقودك…
إن أراد عامل صيانة أن يضبط جهاز ما مُعطل فإنه يحتاج الأدوات اللازمة للصيانة. إن كلمة (لا) هى الأداة المجهزة لصيانة بعض العيوب والأعطال فى حياتنا… فقد نحتاج فى حياتنا لبعض الضبط فى أمور كثيرة…

سنتناقش معاً في:
1- لماذا الضبط؟     2- ماذا وكيف أضبط؟

1- لماذا الضبط؟:
 ￾ هل كنت يوماً فى الطريق وكان في يدك ساعة غير مضبوطة، هل تضايقت عندما تذكرت أنه عليك أن تقوم بإصلاحها.. لأنها تسببت فى لخبطة مواعيدك وأمور كثيرة فى يومك…
￾ هل سرت مرة فى طريق غير مستوى أو غير ممهد.. وشعرت أنك تعبر على مطبات وتقع فى حفر.. وقد تلتوى رجلك تحتك بسبب الطريق غير الممهد… هل كان هذا سبب إنزعاج لك أم سبب سعادة؟ …
َ ￾ إذا كنت منزعج من هذه الأمور.. فأنت بالضرورة أيضا قد تنزعج إذا رأيت بحياتك بعض صور عدم الإنضباط… فإن كنت لا تقبل ساعة غير مضبوطة وطريق غير ممهد فأنت بالضرورة لا تقبل أن يكون كيانك غير منضبط فى أى أمر من الأمور…
اعلم أنه إن لم تصلح أنت ساعتك فلن يصلحها لك أحد، كما أنه لا أحد يُضر من عدم انضباطها سواك، فأنت الخاسر لوقتك ولتقدير الناس لك…
إذن من مصلحتك أن تضبط ساعة حياتك، وكذلك من مصلحتك أيضا أن تضبط حياتك الداخلية لما فى ذلك من فائدة وسعادة.

قصة:

يحكى أن شخص كان ماشياً فى مساء يوم على البحر، وكان قد وجد فى طريقه كيس، ومن شدة الظلام لم يتبين الموجود بالكيس، ولأن الصمت كان يضايقه، فأراد أن يقوم بعمل يقطع به هذا الصمت ويشعر بالإستمتاع بممارسته، فقام بإلقاء الحجارة التى وجدها فى الكيس، طوال سيره على طريق البحر حتى قرب على بيته، وكان مستمتعا بصوت الحجر وهو يسقط فى البحر، ولكنه عندما وصل إلى بيته إتضح له أن الذي كان موجود بالكيس هي جواهر غالية الثمن.

2- مجالات الضبط : ماذا أضبط وكيف؟

عندما خلق االله الإنسان خلقه إنسانًا ً كاملا ً طاهراً، مقدسًا على صورة االله. ولكن هذا الإنسان هو الذى إختار سبيله وطريقه فى البعد عن االله، لقد أعطاه االله وصية أن من جميع شجر الجنة يأكل ما عدا شجرة واحدة وهى شجرة معرفة الخير والشر، ولكن لضعف إرادة الإنسان وعدم مقدرته على ضبط نفسه.. أكل من الشجرة المحظور عليه أن يأكل منها، وسقط وفسدت طبيعته…
وهنا يقول سليمان الملك: “مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة (أم 16:32)


أولا ً ضبط الحواس

الحواس هى أبواب الفكر.. فإحرص هذه الأبواب: أضبط البصر والسمع واللمس حتى لا تدخل إليك فكراً خاطئاً.. ولتكن حواسك طاهرة وما يصل لحواسك بدون إرادتك لا تفكر فيه ولا تعد إليه بإرادتك، قد تكون النظرة الأولى مصادفة أو بغير إرادتك، ولكن النظرة الثانية لاشك أنها إرادية تحاسب عليها.
اعلم أن حواسك لا تجلب لك أفكاراً فقط، وانما قد تترسب فى عقلك الباطن، وتتحول إلى أحلام وظنون… فضبط الحواس يساعد على نقاوة الفكر، وأيضا نقاوة المشاعر.

ثانياً ضبط الفكر

ما من عمل يعمله الإنسان إلا وفى بدايته يكون عبارة عن فكرة، إن فكرة سقوط الإنسان كان فى بدايته فكرة الشيطان ألقاها إلى حواء، وانخدعت حواء بالفكرة ونفذتها، لذلك ربنا لا يحاسبنا على أفعالنا فقط، لكن أيضا على أفكارنا..
ممكن إنسان يقول:” إن فكرى الداخلى لا يؤذى أحدًا.. فما هى المشكلة؟ المشكلة هى أن هذه الأفكار ممكن تخرج فى يوم من الأيام فى صورة فعل لا يليق، لذلك فهى خطر على حياتك، مثل الذى يربى كلب على الإفتراس والتوحش.. ويقول: أنا لا أؤذى به أحداً، والباب مغلق عليه.. لكن الكلب لو انتهز الفرصة وخرج، أول شخص سوف يؤذيه هو أنت شخصياً…
كذلك يجب أن نعرف أن االله سيدين خفايا الإنسان وأفكاره، كما يقول داود النبى: “إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب”(مز66: 18) لأنك بمراعاتك الفكر الشرير،تكون قد إنفصلت عن الله.
￾ لو جالك عدو الخير وقالك لو سرقت هـاتبقى غنـى وربنـا مـش هايزعـل لأن إحنـــا بنعمـــل تـــوازن إجتمـــاعى، وكـــل النـــاس كـــده… ليـــه يكـــون فيـــه غنـــى وفقير… شوف فلان وفلان سرقوا.. ولولا ربنا زعلان منهم مكـانش وصـلوا للى هما فيه…
￾ ممكـن بــلاش تبقـى رجعيــة ومتخلفـة عــن العـصر… كــل النـاس بتعمــل كده، هو ده اللبس اللى فــــى الـسوق، وحيـاة الـشباب لازم تكـون كـده، لازم تجربى كل حاجة.. هو المجتمع بقى كله كده…

تذكر هذا جيداً

￾ إن الفكـر هـو أول وأهــم ميـدان فى الحرب مع إبليس.
￾ الفكر أساس العمل.
￾ االله يعلـــم.. وســـيدين أفكـــار البـــشر..  وليس فقط أعمالهم.
￾ الفكـر الباطـل يمنــع استجابة االله لنا.

مهم أعرف إزاي ممكن أضبط فكري؟

 1- قداسة الفكر: رأس الإنسان تشبه المطحنة أو المفرمة،  اللى هاتملى به المفرمة هتفرمه، يعنى لو وضعت فى مخى حاجات حلوة هايطلع حاجات حلوة، ولو وضعت صور وأفلام وحكايات غير مقدسة وأغانى، فلا تتوقع إلا إنها تخرج أفكار غير مقدسة بالمثل.
المشكلة ليست فى الفكر فى حد ذاته.. ولكن المشكلة الأكبر هى ما ينتج عن هذا الفكر.
 2- هدم لمح الفكر: يعنى إيه… ببساطة لو جاءت ذبابة أو أى طير حاولت تدخل عينى، بسرعة أبعدها (يعنى أهشها علطول قبل ما تدخل عينى) هو ده هدم لمح الفكر، يعنى أول ما تلاحظ إن فيه فكرة مش حلوة هتدخل.. أرفضها من أول لحظة، وهذا لعدة أسباب:
أولاً:  لو تركت الفكرة تدخل وتملك، ولما أفوق أقول لأ… هيبقى صعب التخلص منها، لأن  الأفكار عاملة زى الضيف الثقيل، يدخل ثم يقول أنا ما أكلتش من الصبح، ويأكل وبعد الغذا يقول: أنا تعبان وعايز أريح، يقولوا له إتفضل، وبعدين يقولهم أنا شغلى قريب منكم، ممكن آخذ مفتاح شقتكم علشان أبقى آجى أريح عندكم شوية، ثم يبدأ هذا الضيف الثقيل أن يتحكم فى نظام البيت، ويأمر وينهى ويبقى صعب التخلص منه..
الفكرة فى حد ذاتها ممكن أكون غير مسئول عنها، جاءت من المجتمع والشارع والإعلانات… لكن أنا مسئول عن التجاوب مع الفكرة، والسعى إليها بالكلام أو الحكايات والأفلام والصور الغير لائقة..

لذلك فاالله لا يديننا على الفكرة فى حد ذاتها، بل على التجاوب مع الأفكار، التى كلما تركتها تكون أصعب فى طردها، لذلك لابد من هدم الفكر فى الحال، ولدينا سلاح قوى وفعال ضد الأفكار، وهو اسم ربنا يسوع المسيح … “اسم الرب برج حصين يركض إليه الصدِّيق ويتمنع(أم 18: 10)

3– ترديد كلمة ربنا بإستمرار: عدو الخير يحاول بإستمرار السيطرة على مخيلتنا، لذلك يجب علينا أن نقدس خيالنا بكلمة ربنا، لما أشغل فكرى بأمور مقدسة تغير الفكر وتطرد منه أفكار الظلمة، وفكرك ينور بكلمة ربنا لأن الظلمة لاتأتى إلا فى غياب النور..
4- احذر فراغ العقل: وذلك لأن العقل الفاضى معمل للشيطان، بمعنى.. إجعل ً دائما فكرك مشغول بأمور قيمة، ومن أجمل المجالات التى تشغل الإنسان هى القراءة …  لأن الإنسان عندما يقرأ يجد أن فكره قد تجدد، لذلك الكتاب يعلمنا سبيل التغيير.. وهو تجديد الذهن: “تغيروا عن شكلكم بتجديد أَذهانكم(رو 12: 2)  بمعنى ان الشكل يتغير لما الذهن يتغير… أنظر إلى فكرك … غيَر الأفكار السلبية بأخرى إيجابية … فكر فى مدى صلاحية هذه الفكرة قبل أن تقبلها وتتبناها.
5- كشف الأفكار: اكشف أفكارك بإستمرار أمام أب إعترافك، لو فيه فكر كراهية أو إدانة أو أفكار حسية، وشهوة، لأن كشف الأفكار يساعد على الشفاء والتخلص منها.

ثالثاً : ضبط المشاعر

إن عدم ضبط الحواس يجلب لك فكراً…. وإن وصل إليك الفكر ولم تضبطه يتحول إلى مشاعر، وقد تصل إلى شهوة… لذلك حتى تضبط مشاعرك عليك فى البداية أن تضبط أفكارك، وقبل منها أن تضبط حواسك، لأن كما قلنا أن الحواس هى منافذ الفكر، والفكر يتطور إلى شعور، فإن وجدت شعوراً خاطئاً قد دخل إلى قلبك، فلا تتجاوب معه بل أطرده بسرعة، قبل أن يرسخ فيك، لا تستسلم لأى شهوة، اضبطها حتى لا تتحول إلى عمل، ٕوان تدرجت فى العمل، فإمتنع عنه بسرعة حتى لا يتحول إلى عادة ويسيطر عليك…

اضبط مشاعر الغضب والخوف… والحسد والغيرة… اضبط أعصابك فلا تجعل كل كلمة تثير مشاعرك وتغير ملامحك.

اعلم أنك إن لم تنضبط من الداخل، فسوف ترغم على  الإنضباط من الخارج، الإنسان الروحى ينضبط من الداخل بإرادته، حباً منه فى الخير،  وحبا منه فى االله وفى تقويم نفسه.. فخير للإنسان أن يضبط نفسه وينال أجراً ً إلهيا على ذلك، من أن يضطر إلى الإنضباط بقوة خارجية أو ينضبط بغير إرادته..
إن ضبط النفس يشمل الحياة كلها… فالإنسان الروحى يضبط نفسه من جهة محبة الراحة أو المتعة، يضبط نفسه من جهة الوقت واحترام المواعيد.. يضبط نفسه فى علاقاته بالآخرين… يضبط مـشاعر قلبه.


من المسابقة الدراسية – المرحلة الثانوية –  مهرجان الكرازة 2010

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى