الإيمان فضيلة عظيمة
للمتنيح الأنبا غريغوريوس
الإيمان
الإيمان فضيلة عظيمة والإيمان فضيلة عظيمة ، من حيث هو ثقة في الله وفي قدرته ويقين في صدق وعوده ، ولذلك يحسب فعل الإيمان أمام الله عملاً صالحاً، ويحسب المؤمن بالله من حزب الله ومن أتباعه المنتمين إليه ، فهم يسلكون في مسيرة الحياة بالإيمان ( 2 كو 7:5 ).
قال الكتاب المقدس “آمن إبراهيم بالله فحسبه له براً ودُعي خليل الله” ( التكوين 15 : 6 ) ، ( مزمور105 : 31) ، ( روميه 4 : 3 ، 5 ، 22) ، ( غلاطية 3 : 6 ) ، ( يعقوب 2 : 23) .
كذلك طوبت أليصابات بالروح القدس الذي حل عليها القديسة مريم العذراء ، ومدحتها لأنها آمنت وصدقت بشارة الملاك لها بحبلها وحملها لكلمة الله على الرغم من بتوليتها ، وأنها لم ولا ولن تعرف رجلاً، ولم تشك في قلبها في قدرة الله. قالت أليصابات لمريم العذراء “فطوبى لك يا من آمنت بأنه سيتم ما قيل لك من قبل الرب” ( لوقا 45:1 ) .
كذلك طوب المسيح له المجد من آمنوا به ولم يروه طوبی للذين لم يروا وآمنوا ، ( يوحنا ۲۹:۲۰ ) .
وقد سلك المسيح له المجد ، الإيمان بین جوهريات الشريعة المسيحية الثلاث . قال : “جوهريات الشريعة هي العدل والرحمة والإيمان” ( متی ۲۳:۲۳ ).
عدم الإيمان رذيلة
وبينما يحسب الله للمؤمن إيمانه براً ، يحسب للإنسان عدم الإيمان أو نقص الإيمان رذيلة ونقيصة . قال الكتاب المقدس “وبغير الإيمان لا يمكن إرضاؤه . لأن الذي يتقرب إلى الله لابد له أن يؤمن بأنه كائن وأنه يكافئ الذين يبتغونه” ( العبرانيين 6:11 ) بل إن الله توعد من لا يؤمن بالدينونة لاسيما إذا سنحت له فرصة للإيمان فأهملها ، أو دعى إلى الإيمان فرفض الدعوة وتنكر لها.
قال المسيح له المجد “فمن آمن واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن أدين” ( مرقس 16:16) وقال “فالذي يؤمن به لا يدان ، وأما الذي لا يؤمن به فقد أدين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد … فمن يؤمن بالابن له الحياة الأبدية ، ومن لا يؤمن بالابن لن يرى الحياة ، وإنما يحل عليه غضب الله” ( يوحنا 3 : 18 ، 36) . انظر ( رومیه ۲۰:۱۱ ) ، ( العبرانيين ۱۲:۳ ، ۱۹ ).
وفي مواضع متفرقة من الإنجيل يظهر أن الله يغضب على غير المؤمن ، ويوبخ غير المؤمن على عدم إيمانه . قال المسيح له المجد “أيها الجيل غير المؤمن … حتى متى احتملكم ؟ ” ( متی ۱۷:۱۷ ) ، ( مرقس ۱۹:۹ ) ، (لوقا 9: 41 ). ولما قام من بين الأموات ظهر لتلاميذه ” ووبخهم على عدم إيمانهم وغلظة قلوبهم إذ لم يصدقوا الذين رأوه بعد أن قام” ( مرقس 16 :14) وقال لتلميذه توما “ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً” ( يوحنا ۲۷:۲۰ )
ومن آيات عدم رضاء الله على غير المؤمنين أنه يهملهم ( متی 58:13 ) . ( 20:17 ) ، ( مرقس 6 : 6 ) .
فعاليات الإيمان
إذا كان الإيمان صادقاً وحقيقياً وقوياً وكاملاً ، فإنه يصير قوة فعالة وخلاقة.
- إن صاحب هذا الإيمان ينال أول ما ينال رضاء الله ومحبته :
بل ويصبح ذا دالة وأثيرا لدى الله ، بل إن الله يكشف له ما لا يكشفه لغيره.
قال الكتاب المقدس عن إبراهيم أبي الآباء إنه لإيمانه العميق بالله قد دُعی خلیل الله ، “أمن إبراهيم بالله فحسب له ذلك براً ، ودُعى خليل الله” ( يعقوب ۲ : ۲۳) ..” وبعد أن جُرب بشدائد كثيرة صار خليلاً لله” ( یهودیت ۸ : ۲۲ ) ، ( ۲. أخبار الأيام ۷:۲۰ ) ،
وقال الكتاب المقدس أيضاً عن إبراهيم “فقال الرب هل أخفى عن إبراهيم ما أنا صانعه” ( التكوين ۱۷:۱۸ ) - . إن الإيمان يرقى بالمؤمنين في علاقتهم بالله إلى مرتبة الأبناء:
قال الإنجيل “وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم السلطان لأن يكونوا أبناء الله أولئك هم المؤمنون باسمه ، الذين ولدوا ، لا من دم ولا من مشيئة جسد ، ولا من مشيئة إنسان ، وإنما من الله ولدوا” ( يوحنا ۱۳،۱۲:۱ ) فالذين يؤمنون يستحقون المعمودية فيدخلون بها إلى ملكوت الله على الأرض أي الكنيسة ، ويصيرون من شعب الله ، ومن رعويته وأبناء مملكته ، وإذا ثبتوا على الإيمان العامل بالمحبة ( غلاطية 5 : 6 ) ، ( متی 2:9 ) ، ( كولوسي 1 : 4 ) ، استحقوا الدخول إلى ملكوت الله في السماء . قال المسيح له المجد ” من آمن بي وإن مات فسيحيا ، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد” ( يوحنا 11 : 25، 26) وقال أيضاً”إن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له الحياة الأبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير، (يوحنا 6: 40) “لتؤمنوا بأن هو المسيح ابن الله، ولتكون لكم إن آمنتم الحياة الأبدية بأسمه” (يوحنا ۳۱:۲۰ ). - وبالتالي فإنه بالإيمان يتبرر الإنسان :
أي يصبح باراً أمام الله فتغفر خطاياه “الإنسان يتبرر بالإيمان” (رومیه ۲۸ : ۳ )، ( أعمال الرسل ۱۳ : ۳۹)، ويتطهر قلبه من الإثم “طهر بالإيمان قلوبهم” (أعمال 15 : 9) .”كل من آمن به ينال باسمه غفران الخطايا” (أعمال 10: 43). “فمن آمن به لا يخيب” (رومية ۹: ۳۳) - وبالايمان ينال الإنسان كل ما يطلبه من الله، وكل ما يرجوه :
قال المسيح له المجد “إن كل ما تطلبونه في الصلاة آمنوا بأنكم ستنالونه فيكون لكم” ( مرقس ۱۱ : ۲۶ ) ، ( متی ۲۲:۲۱ ). وجاء في رسالة القديس يعقوب الرسول “إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير ، فسيعطي له . ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة” ( يعقوب 5:1 ، 6 ) . - ثم إن للإيمان فعاليات في نفس المؤمن : فإلايمان “يشدد” الإنسان ( أعمال 3 : 16 ) ، ويقويه ( رومية 4 : 20) ، أو به يسترد الإنسان قوته التي يبددها الشك والاحباط النفسي ، وبه يثبت أمام التجارب والمحن والآلام ( رومية ۲۰:۱۱ ) ، ( ۲. كورنثوس 1 : ۲۶ ) .
والإيمان يعزي الإنسان ( رومية ۱۲ : 1 ) فيصبر على النوائب وتسكن نفسه وتهدأ ويصير في سلام وراحة قلب وإنشراح .
والإيمان ، درع ، للمؤمن ( ۱. تسالونيكي 8:5 ) وترس له به يحارب الشيطان عن نفسه ، فيطفئ به جميع سهام الشرير المشتعلة والملتهبة نارا ( أفسس 16:6 ) . - وبالإيمان يصنع الإنسان المعجزات :
إن الإيمان ينقل الجبال : قال المسيح له المجد “الحق أقول لكم إنكم لو كان لديكم من الإيمان مثل حبة الخردل ، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل . ولا يكون شئ غير مستطاع لكم” ( متی ۲۰:۱۷ ) “إذ الحق أقول لكم إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر بدون أن يخامره الشك في قلبه ، بل يؤمن بأن ما يقوله سيكون ، فإنه يتم له ما يقول” ( مرقس ۲۳:۱۱ ) ، ( متی ۲۱:۲۱ ) . “قال الرب لو كان لديكم من الإيمان مثل حبة الخردل ، لقلتم لشجرة التوت هذه إنقلعي من جذورك وإنغرسي في البحر فتطيعكم” (لوقا 6:17 ) انظر أيضا ( ۱.كورنثوس ۲:۱۳ ).
والمعروف أنه قد تم فعلاً بالإيمان نقل الجبل من موضعه كما حدث هذا بالنسبة إلى جبل المقطم في أيام البابا إبرام الثاني والستين من بطاركة الكرس الأسكندرى ( 975 – 978) بناء على طلب الخليفة المعز الفاطمی (931 – 975). ا - بل إن الإيمان يجعل الإنسان المؤمن قادرا على أن يصنع كل ما يريد :
قال المسيح له المجد ” وستتبع المؤمنين هذه الآيات فيطردون الشياطين باسمى ، ويتكلمون لغات جديدة ، ويقبضون على الأفاعي ، وإن تجرعوا شيئاً قاتلاً فلن يؤذيهم ، ويضعون أيديهم على المرضى ، فيبرأون” ( مرقس 17:16 ، 18) انظر أعمال الرسل 16:5 ).
ويزيد المسيح الرب على ذلك بقوله “فكل شي مستطاع للمؤمن” ( مرقس ۲۳:۹ ) ، “ولا يكون شئ غير مستطاع لكم” ( متی ۲۰:۱۷ ) .