الكرازة بالفرح في الرب

 

لم يختر السيد المسيح القديسة مريم من بين الاثني عشر تلميذاً ولا من بين السبعين رسولاً، غير أنها كانت نموذجاً رائعاً وفعالاً في ممارستها الكرازة العملية .

1- بصمتها لم تخبر خطيبها القديس يوسف عن بشارة الملاك جبرائيل، ولا أعلنت له عن تجسد الكلمة في أحشائها، غير أنها بصمتها المقدس ، ظهر ليوسف ملاك في حلم قائلاً : “یا يوسف بن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع ، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم ” ( مت ۱ : ۲۰-۲۱ ) . ما قُدم ليوسف في حياته أفضل من الحوارات البشرية .

2- بحوارها المقدس مع الملاك جبرائيل أيضا کرزت، فقدمت للبشرية عبر الأجيال فهماً لسر التجسد ، ودور الثالوث القدوس فيه ( لو 1 : 34).

3- كما كرزت بالصمت المقدس والحوار المقدس، کرزت أيضاً بعمل المحبة الباذلة المقدس، إذ قيل: ” فقامت مريم في تلك الأيام، وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا… فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت اليصابات من الروح القدس” ( لو 1 : ۳۹-۶۱ )

۔ بعمل المحبة تحول بيت زكريا الكاهن إلى شبه سماء متهللة : الجنين ارتكض مبتهجاً، واليصابات امتلات من الروح القدس، وصار البيت كله مسبحاً الله بفرح وتهليل. يا لعظم كرازة مريم ، التي لم تخبرهم شيئا ، إنما جاءت حاملة السيد المسيح جنيناً في أحشائها!

لا يحتاج العالم إلى عظات وكتب بقدر ما هو متعطش إلى دخول السيد المسيح إلى القلوب وفي البيوت ، وأينما وُجد الإنسان؟

الحياة المتهللة المقدسة والكرازة

صالح أن تهتم الكنيسة بالكرازة والتبشير ، فتعد مناهج للتبشير يتعلمها المؤمن بروح الإيمان والثقة في عمل روح الله القدوس فيه وفي المخدومين. وصالح أن يخدم المؤمن غير المؤمنين في كل جوانب الحياة، فيشعر بالمحبة العملية الصادرة عن الكارز بالله محب البشرية . إنما كل هذا يفسده التعصب الأعمى أو الحرفية القاتلة أو التشامخ والكبرياء، فإن نعمة الله القدوس تعمل فيمن يحيا مُقدساً بروح التواضع والحب؟

لم يذكر الكتاب المقدس أن القديسة مريم أخذت معها هدايا للجنين ووالديه، ولا فكرت كيف تخدم نسيبتها الحبلى وهي بلا خبرة في مثل هذه الحالة ، وربما لم يكن لديها إمكانيات مادية تقدمها لهم.

لقد شعرت بالغنى الحقيقي ، إذ تحمل في أحشائها مخلص العالم ، واهب الفرح السماوي والتهليل القلبي، قدمت القديسة مريم للكاهن وزوجته وجنينها رب المجد نفسه الساكن فيها ، فصار البيت أشبه بسماء لا يعوزها شيء.

هب لي يا رب روح الكرازة الصادقة
انطلق مع القديسة مريم حاملاً إياك في قلبي
هب لي الصمت المقدس ، فتتكلم أنت فيَّ وبي
هب لي يا رب الحوار المقدس معك
فأطلب لأجل خلاص البشرية
هب لي القلب المتسع بالحب ، والعقل المملوء حكمة
هب لي أن أثبت فيك ، وتثبت فيَّ
فاصير بك مصدرا للفرح لكل من ألتقي به

القمص تادرس يعقوب ملطي
كيهك 1737 ش 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى