الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه

 

اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ،“(2كو 5: 19)

نحن في بيت لحم أمام حدث إلهي في صورة حدث زمني “الله ظهرفي الجسد”. التحام مذهل بين ما هو أزلي وما هو زمني ، اتحاد فائق العقل والوصف بين طبيعة الله غير المحدودة وغير المدركة وبين طبيعة الإنسان المحدودة المُدركة.

ونتيجة هذا الاتحاد المذهل ، هو ميلاد ابن الله في صورة ابن الإنسان . الله أنهى كل نشاز في طبيعة الإنسان عندما وحدها بطبيعته الإلهية في المسيح دون أن يلغيها . الصعوبة في هذه العقيدة ليست راجعة إلى منطق لاهوتي ، بل إلى كونها دعوة حرجة للبشرية إلى التواجه مع الله في شخص المسيح تواجهاً كاملاً وكلياً بالرغم مما هي عليه من ضعف وخطية ونجاسة ، كيف ندخل دخولاً فعلياً إلى دائرة هذا الاتحاد الذي وحد الطبيعتين الإلهية والبشرية في المسيح ؟

الصعوبة والحرج والمشكلة العظمى هنا هي الإيمان من جهتنا ، كيف نؤمن بأن كل عجزنا وكل خطيتا يستطيع أن يحملها المسيح في كيانه فيلاشيها في الحال ، ولكن أليس هذا بالتالي هو سر التجسد ، بل هدفه ، بل عظمته الفائقة بكل حب الله المتركز فيه تركيزاً يفوق كل ما يتصوره الإنسان ؟

ابن الله لم يدخل عالمنا لزيارة قصيرة أو طويلة لمواساة الإنسان أو تهذيبه ورفع معنوياته ؛ بل إنه دخل دخولاً لا خروج منه ، لقد تجسد ، أي لبس جسد إنسان ولن يخلعه عنه إلى الأبد . ولقد حمل بعد ذلك على الصليب وفي جسده هذا كل ضعفات الإنسان وخطاياه بلا استثناء ، ومات بها ، ليرفع سلطانها عنا ويرفعنا فوق سلطانها . لقد حمل المسيح في جسده كل ” الإنسان ” بأسره ، بكل ما له وما عليه ، وصالحة مع الله أبيه . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى