بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه

 

“بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه”(عب 11 : 6)

من الأمور التي تُضعف تدبيرنا الروحي جداً عدم إدراكنا لقوة الإيمان، ثم عدم استخدامنا لهذه القوة في حياتنا، فالإيمان هبة يعطيها الله للإنسان ليستخدمها في تدبير حياته؛ فهي قوة وطاقة روحية إضافية أعلى من كافة القوى البشرية الطبيعية التي يعتمد عليها الإنسان، فكل ما يعسر على الإنسان عمله أو تنفيذه بقوته وقدرته وكل إمكانياته يستطيع أن يعمله بالإيمان.

والمسيح أفهمنا ذلك بوضوح أنه “بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً”،  لذلك شجعنا جداً أن يكون لنا إيمان به، أي نثق بقوته وقدرته اللانهائية. ثم أعطانا سر الصلاة المستجابة بواسطة اسمه “مهما سألتم باسمي فذلك أفعله” (يو14: 13).

ولكن لاحظ أن الإيمان كقوة فاعلة لا توهب جزافاً لكل من يؤمن بالمسيح، وإنما تستلزم شروطاً هامة، حينما يستكملها الإنسان يُستأمن على سر الإيمان وقوته.

هذه الشروط بعضها إيجابي وبعضها سلبي، ومهما بدت هذه الشروط  صعبة في البداية فإنه بمجرد أن يشرق الإيمان بقوته الفائقة في القلب تصير سهلة جدا.

الشروط الإيجابية لنوال سر الإيمان: هي تسليم النفس لله، تماماً كما يستسلم طفل لأبيه ببساطة قلب واتضاع حقيقي وطاعة مستعدة لتنفيذ كل أمر، والواقع أن الطفل لا يستسلم لأبيه إلا من واقع إحساسه بانه قادر أن يحفظ نفسه. فالإيمان يعتمد اعتماداً شديداً على معرفة قدرة الله، ولكن في سر الإيمان يعتمد على التسليم الفعلي لهذه القدرة، هنالك فرق، فالإيمان بالله شيء ومحبته شيء آخر، ولكن إذا اجتمعا معاً ظهرت منهما قوة جديدة هي الثقة بالله ثقة عظمي.

أما الشروط السلبية لنوال سر الإيمان فهي :

أولاً- عدم الاعتماد على المعرفة البشرية : ذلك لأنها تعتمد على أصول تختلف جذرية عن تلك التي يقوم عليها الإيمان ، في حين أن قوة الإيمان لا تعتمد على قوانين المادة ولا على المنظورات الحسية أو التقديرات النسبية التي يلجأ إليها العقل . بل إن قوة الإيمان تتجلى وتعمل عندما يقف العقل وتعجز الإرادة وتفشل كل الحلول البشرية ، ويقف الإنسان حائراً يائساً مقهوراً.

ثانيا- عدم استخدام الحيلة أو الحكمة القائمة على المكر والخداع . الإيمان قوة جبارة أعطيت للإنسان ليسود بها على الموت وبالتالي على كل العوامل المؤدية للموت . وهو أعطي لنا لنواجه أصعب الظروف ونخوض به الأهوال وقوات الظلمة بل جنود الشر غير المنظورة ، فكيف ينفع الحذر وبماذا يصلح الاحتياط وما قيمة الحيلة أو ما هي فائدة المكر ؟؟؟ إنها طرق الشيطان نفسه ؛ ونحن إن استخدمناها في حربنا الخفية معه وقعنا في فخاخه دون حرب وسلمنا نفسنا له بدون مقاومة .

ثالثا- عدم الدفاع عن النفس لا بالقول ولا بالعمل ، لا بالقوة ولا بالسلطان ، فالذي يؤمن بالعناية الإلهية ومحبة يسوع المسيح وأبوة الله ، كيف يدافع عن نفسه ؟ الإيمان بالله معناه الاعتماد عليه . الذي لا يعتمد على الله وحده ؛ كيف يقول إنه يؤمن به ؟ فإما تهتم أنت بنفسك وتدافع عن حقوقك وحينئذ تفقد كل حقك في دفاع الله عنك ؛ وإما تترك مسئولية حياتك على الله وسلمه كل حقوقك ، وهذا هو الإيمان.

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى