توبني فأتوب

 

لكي تكون التوبة ناجحة، يجب أن تشتمل على الملامح التالية:

اولاً: سريعة

فما أخطر تسويف العمر باطلاً…

+ “انها الأن ساعة لنستيقظ من النوم فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا” (رو 13: 11 ) 
+”فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضياً عن أزمنة الجهل” (أع 30
:17 ) 
+”هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص” (2كو 2
:6).

إن خطورة تأجيل التوبة تأتي من التالي :

  • من يضمن عمره، حتى يؤجل توبته إلى الغد؟ 
  • القيود الحريرية للخطية، ستتحول مع الوقت إلى قيود حديدية، تصعب معها التوبة، وتتطلب جهاداً أكبر…
  • إن تأجيل التوبة يعطي فرصة لأصدقاء السوء أن يسحبونا إلى الخلف، و يورطونا في نوعيات وكميات من الخطايا، أكثر مما كان.

إن التائب الصادق، يجب أن ينطلق بتوبة كالصاروخ حاصل سفينة الفضاء، الذي يجب أن يخترق عنان السماء بسرعة معينة، حتى يفلت من الجاذبية الأرضية ليتنا نقلت من قبضة الخطية وربطها

ثانيا: حاسمة 

فالتائب المتردد: هو “رجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه” (یع 1: 8). ومن المهم أن يحسم الإنسان أموره، بعد أن يحسب حساب النفقة قائلاً مع الإبن التائب:الأبن الضال “كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاً! أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له: يا أبي، أخطت إلى السماء وقد امك…” (لو 15 : 17 ،18 )..
إن الحسم ينتج عن الاقتناع ..
فإذا ما اقتنع الإنسان بخطورة الخطيئة، وإمكانيات الدمار الهائل الذي تحدثه في الكيان الإنساني، سوف يسرع بالتوبة دون تردد،  ودون التفات إلى الوراء، وإلا صار کامرأة لوط التي تحولت إلى عامود ملح، حين نظرت وراءها إلى سدوم المحترقة.. لهذا يوصينا الرسول قائلا: “أذكروا امرأة لوط!” (لو32:17) .
وإن كانت امرأة لوط شبيهة بني إسرائيل حين خرجوا من أرض مصر، ولكن قلوبهم لم تخرج مع أجسادهم، فتذمروا علی موسی كثيرا ًمشتهين العودة إلى قدور اللحم والكرات، إلا أن إبراهيم أب الآباء يقدم لنا النموذج البديل، إذ خرج من أرضه ومن عشيرته، في حسم شديد، وباقتناع كامل، حتى دون أن يعلم إلى أين هو ذاهب، لأنه آمن بالرب، وتنع أنه قادر على تحقيق الوعد.
من هنا نقول: أن التوبة العقلانية أكثر ثباتاً من التوبة العاطفية
. توبة الحسابات أثبت وأعمق من توبة الانفعالات، توبة الاقتناع الواعي أقوي من توبة المشاعر الجياشة… نعم … لابد من عاطفة ومشاعر نحو الرب… لكن المشاعر دون اقتناع، لا تثبت أمام عواصف الشيطان، وإغراءات الخطيئة، وضغوط الأصدقاء.

ثالثا: شاملة 

فالتوبة السليمة يجب أن تشمل كل جوانب النفس، وزوايا الحياة
+إنها توبة الفكر، عن كل إنحراف ذهني.
+وتوبة الحواس، عن كل إستخدام خاطيء له
+وتوبة القلب، عن كل مشاعر سلبية.
+ونوبة الإرادة، عن كل نية غير سليمة أو إتجاه غير بناء.
+وتوبة الاعمال، عن كل تصرف سلبي، أو سلوك لا يمجد الله .
+وتوبة الخطوات إن تلتزم بطريق الملكوت.

إن أخطر ما في التوبة، أن تظل خطيئة محبوبة، مقبولة منا، ولا نجاهد ضدها… فالذي لا يعطى الرب كل شئ، كأنه لم يعطه أي شیء۔

رابعا: مستمرة

فالتوبة في المفهوم الأرثوذكسي و الكتابي – هي توبة مستمرة طول العمر، وهذا واضح من غسل الرب لأرجل تلاميذه، دون تکرار غسل أجسامهم… فالمعمودية لا تتكرر… لكن التوبة تتكررة إذ تتسخ أرجلنا من سلوكيات هذه الحياة ونحتاج أن تغسلها.. وما أحلى أن يحاسب الإنسان نفسه بعد كل سقطة، ويقوم !!

ولكن أحلى من ذلك، أن يحاسب الإنسان نفسه قبل أي سقطة، فينتصر بنعمة الله!!

إن التائب الحقيقي يتوب كل يوم، بل كل لحظة راجعاً بقلبه إلى الله على الدوام.. إنه في حركة دائبة بين الترابيات والسمائيات… كلما جذبه العالم أو الجسد أو إبليس إلى أسفل… أسرع منتفضاً و منطلقاً إلى أعلى.

التوبة تجديد ذهنی مستمر.. وميطانيا دائمة.. التوبة قيامة أولى.. وحياة متجددة.. تمهدنا للقيامة الثانية. وتنقذنا من الموت الثاني

خامسا: مثمرة

“فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة (مت 8:3)… فالمسيحية لا تكتفي بالشق السلبي في التوبة، أي الخلاص من السلبيات، بل تتجه بنا إلى الشق الإيجابي، أن نصنع أعمالاً مقدسة، وتطرح ثماراً لائقة. ومن غير المعقول أن شجرة التوبة تظل عقيمة، بينما الرب يطلب منا ثمار الروح: “محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف (غل 22:5 )
+لقد أثمرت السامرية بتوبتها قداسة شخصية وخدمة جهارية وصارت مبشرة بالرب المخلص.
+ وأثمر زکا بتوبته عطاء سخياً وتعويضاً مناسباً لمن ظلمهم…
+وأثمرت مريم المجدلية حباً، وبقدر ما أحبت الخطيئة، أحبت الرب، محبة نادرة وقوية وتبعت الرب اينما ذهب.

+ اطلب التوبة في كل لحظة.. ولا تدع نفسك للكسل لحظة واحدة” …. القوى الأنبا موسى الأسود
+ “التوبة هي أم الحياة ”      القديس ماراسحق السرياني 
+ “التوبة هي رفيق الطريق إلى الله حتى النهاية”   
قداسة البابا شنوده الثالث


من المسابقة الدراسية – مسابقات سمعان الشيخ –  مهرجان الكرازة 2011

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى