رجل وجد نعمة عيني الرب

 

عنــدما وُلــد طفــل صــغير.. قــال عنــه أبــواه: “ هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ” (تك 29:5). ولذلك أسمياه (نوح) أى (عزاء). 
َ وعــاش نــوح حيــاة مقدســة..”وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. (تك 8:6). أى أحبـه االله وفـرح بروحانيتـه. فقيـل عنـه: “ كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارًّا كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ.” (تك 9:6). 

وكان نوح هو الشـخص الوحيد فى كل جيله الذى يتقـى الـــرب ويعبـده بأمانة واخـلاص وطهـــارة. وقيـــل عنه فى سـفر يشـوع بن سيراخ: “ نُوحٌ وُجِدَ بَرًّا كَامِلاً، وَبِهِ كَانَتِ الْمُصَالَحَةُ فِي زَمَانِ الْغَضَبِ.” (سى 17:44).
وهــذا يعلمنــا أن نتمســك ببرنــا ومبادئنــا ومحبتنــا لله, حتــى ولــو كــان كــل الجيــل الــذى نعــيش فيــه يسلك فى الخطية والظلام.. فليس انتشار الشر سبباً لأن نسلك نحن أيضاً بالشر والخطية.

نوح صديق الله

فَقَالَ اللهُ لِنُوحٍ: «نِهَايَةُ كُلِّ بَشَرٍ قَدْ أَتَتْ أَمَامِي، لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ ظُلْمًا مِنْهُمْ. فَهَا أَنَا مُهْلِكُهُمْ مَعَ الأَرْضِ.” (تك 13:6).
لقد أخبر االله نوحاً بمـا سـوف يعملـه برهاناً علـى محبـة االله لـه والصـداقة العميقـة بينهمـا. وأمـره االله أن يبنى فلكاً لينجو فيه من الطوفان..

 “ فَفَعَلَ نُوحٌ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ اللهُ. هكَذَا فَعَلَ.” (تك 22:6).
 “وَقَالَ الرَّبُّ لِنُوحٍ: «ادْخُلْ أَنْتَ وَجَمِيعُ بَيْتِكَ إِلَى الْفُلْكِ، لأَنِّي إِيَّاكَ رَأَيْتُ بَارًّا لَدَيَّ فِي هذَا الْجِيلِ.” (تك 7: 1).
 ” فَدَخَلَ نُوحٌ وَبَنُوهُ وَامْرَأَتُهُ وَنِسَاءُ بَنِيهِ مَعَهُ إِلَى الْفُلْكِ مِنْ وَجْهِ مِيَاهِ الطُّوفَانِ.” (تك 7:7).
لقــد اســتغرق بنــاء الفلــك نحــو 120 ســنة، كــان نــوح أثناءهــا عرضــة للــتهكم مــن النــاس، لأنــه يبنى الفلك فى أرض صحراء.
ربـــى يســـوع.. أنـــا مســـتعد أن أســـمع كلامـــك، وأنفـــذ أوامـــرك، حتـــى ولـــو تهكـــم النـــاس عليَّ، ، وظنـــوا أننـــى متخلف، أو أطلقوا عليَّ النكات والشائعات .
كـان عدد الداخلين إلى الفلك من البشر ثمانيـةِ فقـط.. “فِي أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى، الَّذِي فِيهِ خَلَصَ قَلِيلُونَ، أَيْ ثَمَانِي أَنْفُسٍ بِالْمَاءِ.“(1بط 3: 20)

ورقم (8) يرمز إلى القيامة من الأموات، لأن السـيد المســيح قام فى اليـوم الثــامن مـــن الأســبوع.. وهنــا إشــارة جميلــة أن نجــاة نــوح وأولاده مــن مــوت الطوفــان كــان رمــزاً لقيامــة الســيد المسيح من الموت، وكذلك رمزاً  لقيامتنا نحن أيضاً من موت الخطية.
ودخل مع نوح إلى الفلك جميع أنواع الطيور والحيوانات.. “ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ. وَالدَّاخِلاَتُ دَخَلَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ، كَمَا أَمَرَهُ اللهُ. وَأَغْلَقَ الرَّبُّ عَلَيْهِ.(تك 7: 15-16 )

لقد أمـر الـرب أن يـدخل مـن كـل نـوع ذكـراً وأنثـى لاسـتبقاء النـوع علـى الأرض، أمـا الحيوانات التى أراد االله أن يقدم منها نوح ذبائح فأمر أن تدخل منها سبعة سبعة حتى يتسنى لنوح أن يأخـذ منها للـذبائح..
 ” وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ، فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا.” (تك 8: 20-21).

ربـى يسـوع.. دعنـى أقـدم لـك فـى كـل يـوم ذبيحـة الحمـد والتسـبيح، وأشـترك فـى ذبيحـة القداس بالصلاة والتناول من أسرارك المقدسة ، فأثبت فيك وأنت تثبت َّ فى.

 – عند انتهاء الطوفان بشرت الحمامة نوحاً بانتهائـه.. “فَأَتَتْ إِلَيْهِ الْحَمَامَةُ عِنْدَ الْمَسَاءِ، وَإِذَا وَرَقَةُ زَيْتُونٍ خَضْرَاءُ فِي فَمِهَا. فَعَلِمَ نُوحٌ أَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ قَلَّتْ عَنِ الأَرْضِ.” ( تك 8: 11).
فالحمامـــة رمـــز للسـلام, وهـــذه الحمامة هـى رمز للعذراء مريم التى أتـــت إلينـــا بســـلام االله للبشر.. بسبب ميلادها لرب المجد يسوع.

 – وبعــد الطوفــان بــدأ االله عهــدا ً جديــداً مــع البشــر عنــدما “وَبَارَكَ اللهُ نُوحًا وَبَنِيهِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ. ” (تك 1:9). ِروا

 نفــس العبــارة التــى قيلــت قــديماً عن آدام وحواء”وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». ” (تك 28:1).
إن االله لا ييــأس من البشـر، بل فى كل يــوم يقطع معنا عهداً جديــداً، علــى أمــل أن نتــوب ونتحسن ونرضيه بالأعمال الصالحة.
لقد نال نوح مكانـة عاليـة عنـد الـرب، وهـو شـفيع قـوى فـى السـماء، حتـى أنـه عنـدما غضـب االله على شعبه فى أيام حزقيال قال له:  يَا ابْنَ آدَمَ، إِنْ أَخْطَأَتْ إِلَيَّ أَرْضٌ وَخَانَتْ خِيَانَةً، فَمَدَدْتُ يَدِي عَلَيْهَا وَكَسَرْتُ لَهَا قِوَامَ الْخُبْزِ، وَأَرْسَلْتُ عَلَيْهَا الْجُوعَ، وَقَطَعْتُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، وَكَانَ فِيهَا هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ: نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ بِبِرِّهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.” (حز 14: 13-14).

أى أنه فى الظروف العاديـة يكون وجود هــــؤلاء الثلاثـة المحبـــوبين عنـــد االله ســـبباً فـــى نجـــاة النـــاس.. “فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ خَمْسِينَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ، فَإِنِّي أَصْفَحُ عَنِ الْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ أَجْلِهِمْ». 27فَأَجَابَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ. ” (تك 18: 26-27).

فاالله يصفح عن مدينة خاطئة بسبب وجـود عشـرة فقـط أبـرار فيها، ولكن عندما يفيض كأس غضبه بسبب شر الإنسان وعناده وإصراره على المعصية.. لا يصفح.


 إن كرامـــة القديسـين عظيمـــة عنـــد االله .. وأنـــت أيضاً يمكـــن أن تكـــون ســـبب نجـــاة لبيتـــك وكنيستك وعملك والمجتمع كله.. لو أنك سلكت بكمالك ومحبتك لله. فاالله يشفق على الأخرين بسبب صلواتك وبرك، وقد تتسبب فى قيادة الأخرين للتوبة ومعرفة االله
 

زر الذهاب إلى الأعلى