فنرى أنهم لم يقدروا أن يدخلوا لعدم الإيمان
“فنرى أنهم لم يقدروا أن يدخلوا لعدم الإيمان” (عب ۱۹:۳)
الكلام هنا هو على الشعب المتمرد على الله ، الجيل الذي أهان العلي بعدم طاعته وعدم إيمانه ، مما تعذر عليه دخوله أرض الراحة . ولكن الكلام يتسحب علينا بالضرورة ، حيث الدخول لنا هو إلى الأقداس العليا بالإيمان بدم المسيح.
الرسول في الآية السابقة يقول إنهم لم يقدروا على الدخول لأنهم لم يطيعوا ، وهنا يقول إن سبب عدم دخولهم هو عدم إيمانهم ، فما علاقة عدم الطاعة بعدم الإيمان ؟
في الحقيقة إن الطاعة توصل إلى الإيمان ، ولكن ما هي الطاعة أولاً ؟ هي اقتناع بتسليم الفكر والإرادة لله دون فحص أو تحليل أو تجريب ، فبمجرد أن يرضى الإنسان ويقبل أن يسلم فكره وإرادته لله بدون شرط وبدون خوف ؛ فإنه يحصل على الإيمان . لأن الإيمان هبة وليس اجتهاداً!
لذلك فالإيمان يحتاج إلى جحد الذات ليتسنى للإنسان أن يُلقي نفسه بشجاعة وراء الله دون حساب أو تفكير .
إنها مخاطرة ، ولكنها أنجح مخاطرة يقوم بها الإنسان في حياته : « من يُهلك نفسه من أجلي يجدها » ، « من أضاع حياته من أجلي يجدها » . من هاتين الآيتين يتبين أن مخاطرة الإيمان هي مخاطرة بالذات وبالحياة باحتمال الخسارة والموت ، ولكن الخسارة يتحقق أنها أعظم ربح والموت يتحقق أنه هو هو الحياة الأبدية .
فالذي يريد أن يؤمن بالمسيح ، فلتكن نفسه رخيصة عنده ، بل غير محسوبة ، بل يضع في نفسه احتمال الخسارة حتى الموت .
أخيراً نقول : إن الإيمان يؤول بالنهاية إلى ربح فوق ربح ، وراحة وحياة ورضي الله.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين