لأنه لا يتكلم من نفسه
“لأنه لا يتكلم من نفسه” (يو 16 : 13)
يمكن تشبيه الروح القدس بالتلسكوب ، الذي يكشف لنا أسرار السماء ويقنعنا بحقيقتها دون أن يكشف نفسه هو ، فعندما نضع عيننا على التلسكوب نرى السماء في الحال بكل وضوح وجمال ومجد ، دون أن تقع عيننا على شيء من تركيب التلسكوب ، أو يتدخل التلسكوب في إضافة أو حذف أي شيء من حقيقة النجم الذي نرصده … بل نقتنع أن أعيننا هي التي ترى مباشرة كل مجد السماء ، إذ لا ترى أي أثر لهذا الوسيط الذي يتوسط بين عيننا وبين السماء!!
الروح القدس يعمل هكذا : يمجد المسيح دون أن يتمجد هو ، لأنه يُخلي ذاته : “لا يتكلم من نفسه ” ، ” ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم” .
بدون الروح القدس لا يمكننا أن نرى المسيح إلا “رجل أوجاع ومختبر الحزن ، مضروباً من الله ومذلولاً” إش ۳:۵۳ ) ، ولا نرى الصليب الا “جهالة” و ” عاراً، و”لعنة “!! لأننا نرى ذلك من خلال إحساسنا بذاتنا وخضوعنا لمنطقنا العقلي . أما بتوسط الروح القدس أو بالحري من خلال – الملء بالروح القدس ، فنحن نرى المسيح ( مع اسطفانوس الشهيد ) عن يمين الآب في السموات ، كما نرى الصليب ( مع بولس الرسول) قوة الله للخلاص الذي به استُعلن مجد المسيح والآب .
أي أن الروح القدس يعطينا أن نرى المسيح ونفهم عمله بصورة من المجد حتى وهو على الصليب ، تلك التي لا يمكن أن تُرى بالعين البشرية أو تُفهم بالعقل البشري .
أنا في ملء الروح القدس أرى نفسي بكل ثقة أو برهان أني : مع المسيح صُلبت ، ومع المسيح قمت ، ومعه جلست في السماويات .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين