لأن نيري هين وحملي خفيف

 

“لأن نيري هين وحملي خفيف” (مت 30:11 )

لا مفر للإنسان إن هو أراد الله والحياة الأبدية إلا أن يخضع للوصية لأنها أمر. ولكن من الوجه الآخر فإن الله لا يعطي أوامره جزافاً ؛ بل إن كان الله قد أمر أمراً فهو حتماً قابل للتنفيذ ، وبالتالي يحمل سر قوة الآمر ، أي يحمل قوة الله نفسه الذي أمر أمراً أن تُصنع هذه الوصية أو تلك . بمعنى أنه بمقدار ما إن وصية الله هي إلزامية فهي حتماً تحمل سر قوة تنفيذها داخلها.

فمثلاً إن سمعت المسيح يقول : أحبب عدوك وبارك لاعنك ، فإذا قرأتها على أنها مجرد تعليم ؛ فمن البداية تجدها صعبة ومستحيلة حتى لمجرد قبولها شكلاً. ولكن إذا أخذتها باعتبارها وصية إلهية خرجت من فم الله ، تبتدئ تحس أولاً أنها وصية مهيبة حقاً وتحمل أفكاراً وتدبيراً ومستقبلاً للإنسان أعجب ما يكون ، حيث لا يبقى للإنسان عدو!

بعد ذلك إذا بدأت بالضمير أولاً أن تقبلها ، بمعنى أن تحاول أن تنفذها تجد ما هو أعجب ، إذ إنها تفتح عليك ككلمة الله لتعطيك قوة على التنفيذ . فإذا تشجعت معتمداً على صدق وعود الله وابتدأت تنفيذها ، تنجح وتخرج بتجارب وتدرك شيئاً من سر حب الله الأعظم الذي قال هذه الوصية وغيرها ، كمن يقول لك : (نفذ وأنا أعطيك القوة ، نفذ وأنا ضامن نجاحك) ، نفذ وسينكشف في قلبك معنى الحب الحقيقي والحياة الأبدية : « ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب » ( مز 34 : 8 ).

يجب أن تصدق وتؤمن أن أوامر الله صالحة وللخير المطلق . فإن أنت اعتمدت على الله وبدأت تنفيذ الوصية ؛ تجد أن الوصية نفسها تعطيك القوة المطلوبة لتنفيذها حتى النهاية . لذلك جيد أن يكون هذا اختبارنا المسيحي الأول : أن نمارس الاعتماد على الله قليلاً قليلاً حتى نسلمه الحياة برمتها . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى