لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى
“لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى” (كو 3 : 16)
أن نقرأ الإنجيل شيء ، وشيء آخر أن نردد كلام المسيح ، مراراً وتكراراً داخلنا . لذلك من الضروري الهذيذ واللهج بالكلمة ، نحفظها كطالب يحفظ جدول الضرب ، حتى تصبح كلمات المسيح وكأنها صادرة من أعماق قلبنا.
في الحقيقة إن كلمة المسيح حسب قصد الله ، وارتفاع قيمتها في حياتنا ليس مكانها في العقل مهما حاولنا حفظها غيباً ؛ بل مكانها بحق ، هو القلب ، تسكن فيه كأعزّ ما نملك في الحياة .
ويقول الكتاب إن كلمة المسيح إن هي دخلت القلب تُغنيه أي تُصّيره أعظم من المال والغني ( مز 118 : 4 ) . ذلك لأن كلمة المسيح هي كالمسيح ، إذا عاشت فينا ، عاش المسيح نفسه فينا ، ولا نعود نعيش بعد لأنفسنا ، بل المسيح نفسه يصبح هو الحيّ فينا .
لذلك فإن مطالبة الرسول لكي نُسكن كلمة المسيح ، أي الإنجيل ، بكل غناها في قلوبنا ، تعني فوراً أن الإنسان عليه الانتقال من صورة البشرية الزائلة إلى صورة المسيح بواسطة الكلمة الحية والمحيية .
فإن كان العالم يفرض علينا بالإلزام أن نحفظ الأسماء والأماكن والأعداد ؛ فالله بالأولى يطالبنا أن نحفظ كلمة المسيح بحكمة وعمق ، ونجتهد لنستعلن ما تخفيه الكلمة من معانٍ واتجاهات تُزيدنا من حكمة المسيح وغناه في المجد.
فإن كنا لا نزداد في الإيمان ومعرفة ابن الله ، فلماذا نعيش ؟ هل لمجرد أن نأكل وننام لنقوم لنأكل وننام ؟. فإذا لم تسكن كلمة الله بغنى في قلوبنا ، فسوف يسكن العدو بشهواته وتزييفه للحق .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين