لكي تمجدوا الله

 

“لكي تمجدوا الله أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد” (رو15 : 6)

إن كان فيلسوف الغرب يقول : ” أنا أفكر فأنا موجود ” ؛ فالمسيحي يقول : ” أنا أسبح فأنا موجود ” . ذلك لأن وجود الإنسان المفكر زائل ، ككل فكر ، فهو وجود صوري مآله إلى الانحلال ثم الزوال . أما وجود الإنسان المسبح فهو وجود لا يحده وجود ، لأنه وجود في حضرة الله ومستمد منه . فالذي يمجد بالله يتمجد بالله . والذي يمجده الله لا يخلخله الزمن ، فقد صار أعلى من الزمن ومتفوقاً عليه .

الإنسان المسيحي خليقة جديدة مسبَّحة ، طقسه من طقس السمائيين ، وهو عتيد أن يرافقهم!

المطلوب أن يكون لنا اهتمام واحد لكي بنفس واحدة نمجد الله بفم واحد . هنا الوحدة تصبح في الحال مهيأة ومستحقة أن تقف في خورس واحد تسبح الله .

وهوذا سر نقوله : إن الوقوف في خورس المسبحين في الكنيسة ، في اسم المسيح وحضرته مع استعداد الحاضرين لعمل روح الله بخشوع ، قادر بذاته أن يؤالف النفوس على النفوس ، ويُطيب القلوب المتنافرة ، ويُصالح الأرواح المتباعدة ، ويخلق من النفوس المستعدة وحدة حقيقية لها قدرة بتسبيحها أن تهز القلوب وتجمعها حتى يرتفع دعاؤها إلى حضرة الله ويردد صداها الأبد! فالله غير محتاج إلى أصوات أو نغم ، أيها المسبحون ، بل قلوب متحدة يتمجد فيها وبها .

وأخيراً نقول : إن ضبط النغم والهزات لا قيمة له إلا بعد أن تنضبط القلوب على القلوب ، فتهتف الروح هتاف الفرح للمجد ؛ فيكون التسبيح!

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى