ما هو صلاح الإنسان؟

القديس يوحنا الذهبي الفم

 

نحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون االله، الذين هم مدعوون حسب قصده” (رو 8: 28).
لا يكمن صلاح الإنسان في الغنى حتى نخاف الفقر، ولا في الصحة البدنية فنرهب المرض، ولا في نظرة الناس إليك حتى تحذر ما يقوله الناس عنك بشرٍ ولا في الحياة هنا في ذاتها حتى ترتعب من الموت…
إنما يكمن صلاحه في التمسك بالتعاليم الحقيقية، والاستقامة في الحياة، الأمر الذي لا يستطيع أحد، حتى الشيطان نفسه، أن يسلب الإنسان إياه طالما كان حريصاً عليه كما ينبغي.
هذا الأمر يدركه تماماً حتى أخبث الشياطين وأشدهم. لهذا جرد الشيطان أيوب من مادياته لا ليجعله فقيراً، إنما ليُلزمه أن ينطق بكلمة تجديف على االله. وعذب جسده، لا ليذله بالمرض، بل ليحبط صلاح نفسه… وحرمه من أبنائه… ومزق جسده بوحشية لا يقدر الجلادون أن يمارسوها، لأن أدوات التعذيب لا تقدر أن تمزق كل جانبٍ من جوانب الجسد كما يفعل الدود الذي كان في جسده، وأفسد الشيطان سمعته حتى أعلن أصدقاؤه الحاضرون معه أن هذا جزاء له عن خطاياه التي يستحقها، موجهين ضده اتهامات كثيرة.
كل هذا لم يؤذِ أيوب بل بالعكس تمجد بالأكثر على حساب هذه المكائد التي صبها ضده.

+++
أنا معك في وادي الدموع
اعلم يا ابني إني خلقتك لتحيا في الجنة، متهللاً بحبي.
الآن وقد نزلت إلى وادي الدموع لا أتركك.
أنا رفيق لك في جهادك.
لن أفارقك، بل أجمع على الدوام دموعك، فهي ثمينة جداً لدي.
لقد نزلتُ إلى عالمك، ودخلتُ في تجارب عديدة،
لكي أُعينك في تجاربك.
فيما أنا مجرب أقدر أن أعين المجربين.
أنا أعلم قسوة الحياة، لماذا لا تُلقي بأتعابك عليَّ؟!
في تجاربك يتخلى الكثيرون عنك،
ولا يقدر أحد أن يدرك أسرار قلبك.
أنا معك، أُشاركك آلامك،
وقادر أن أدخل إلى قلبك لأضمد جراحاتك.
ارفع عينيك وسمرهما فيَّ، فإني لست ببعيدٍ عنك.
تنسى أتعابك وآلامك،
وتجد فيَّ تعزيات لا حصر لها.
إني أعدك لا أن أُزيل عنك التجارب،
بل أشاركك آلامك،
أحولها إلى رصيد مجد أبدي.
أنا الطبيب الذي يشفي القلوب المنكسرة،
ويضمد جراحات النفس

+++

من كتاب لقاء يومي مع إلهي للقمص تادرس يعقوب ملطي

زر الذهاب إلى الأعلى