محب للعشارين والخطاة

 

 “محب للعشارين والخطاة” (لو 7 : 34)

لماذا كان المسيح يحب الخطاة ؟ ولكن لنسأل أولا من هم الخطاة ؟ الخطاة هم أصلاً الناس الذين اختارهم الله في المسيح قبل إنشاء العالم ، وسبق وتبناهم في المسيح وباركهم بكل بركة روحية في السماويات في المسيح .

فالخطاة أصلاً مختارون في المسيح ، وأبناء لله في المسيح ، ومباركون ومقدسون في المسيح. وقد أخذ المسيح من الأب مهمة أن يعيدهم إلى وضعهم الأول.

فإن كان يحبهم فهو يحبهم لأنهم أصلاً أهلاً لحبه وحب أبيه ، ولكن بعد الخطية استمر يحبهم وظهره مسنود على الصليب الذي سيدفع عليه ثمن عداوتهم ثم صلحهم . فالمسيح كان يعمل عملية مذهلة : كان يأخذ عداوتهم التي غرستها الخطية في نفوسهم ويعطيهم حبه . ففي مجلس المسيح مع الخطاة كانت العداوة تنحل من قلوبهم وفكرهم وأعضائهم ، ويحل محلها حب إلهي وعطف جارف ، فكانوا يجرون وراءه ويسألون عن مكان وجوده ويتدافعون لرؤيته وسماعه أو الجلوس معه ، لأنه كان يهبهم راحة قلب وضمير وفكر وحباً وحياة مجاناً : « وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه » ( لو 15 :1 ) .

إليك ، قارئي العزيز ، كنت من كنت ، إن من استكثر على نفسه التوبة وأخفى خطيته في قلبه وداری عليها ؛ فهو واقع في وهم ، وهذا بذاته خطية أعظم من كل خطاياه . لأن في الدينونة ستكون العلانية وتفضح أسرار القلوب وتنكشف أعمال التعدي ، وحينئذ يأكل أصحابها الندم والحسرة إلى الأبد . فالخطية تقترف في لحظة ، وفضيحتها هناك أبدية لا شفاء منها . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى