نحن الذين نعبد الله بالروح

 

 “نحن الذين نعبد الله بالروح ولا نتكل على الجسد” (في 3: 2)

الروح القدس لا يُحول الإنسان إلى روح محض ولا يلغي المادة ، وإنما يجدد نظرتنا ويعدل غايتنا ، ويحول طريقنا من المستوى المادي المحض إلى المستوى الروحي في استخدام غرائزنا وعواطفنا ومواهبنا من الإحساس المقفل بالحاضر المادي إلى إحساس منفتح وممتد في المستقبل .

وبدون الروح القدس يُحتمل وقوع الإنسان في إحدى هاويتين : إما هاوية الاعتماد الكلي الشديد على المادة والقوة والذكاء والغريزة لتأمين حياة الإنسان حسب واقع الحاضر ؛ وإما هاوية اليأس الشديد من قيمة المادة والقوة … حيث يقف الإنسان وسط ركب الدنيا ويسقط في بالوعة اليأس .

ولكن الروح القدس يمسك بالإنسان ليعبر به هاتين الهاويتين ، فهو يفتح بصيرته لينكشف له أن المادة ليست هي كل شيء ، وأن حياته ليست بالقوة أو القدرة . كذلك يكشف له الروح حقيقة المادة وأنها وسيلة طيعة للارتقاء إلى الروح .

الإنسان بكيانه المادي معرض للسقوط من المستقبل ؛ وبكيانه الروحاني معرض للسقوط من الحاضر .

عمل الروح القدس هو أن يحقق للإنسان مستقبله في حاضره ، لأن الروح القدس هو نفسه حقيقة الحاضر والمستقبل معاً.

الروح القدس هو القوة التوازنية التي تحفظ مستوى الإنسان روحياً وهو في صميم واقع الدنيا المادية!

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى