نعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق

 “نعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق” (1 یو5 : 20)

معرفة الحق هي الدخول فيه ، والحياة به وامتلاكه . لذلك كل من يعرف الحق يتحرر من كل باطل وفاسد ، فالحق يحرر . والحق حينما يحرر يقدس ، أي يحفظ الإنسان من الشر والعالم ، يحفظه في الله لله . فالحق والله ، والحق والمسيح ، والحق والقداسة ، والحق والحياة الأبدية ، هي متساويات مطلقة . والحق لا ينقسم ولا يتجزأ ، فهو كل مطلق. لذلك ، فهو مصدر الوحدة الحقيقية . لذلك أيضا ، فإن الذين أحبوا الحق وعاشوه ، هم واحد ، لأنهم صاروا متحدين في الواحد ، وبالواحد ، فالحق يوحد ، وهو رجاء الإنسان المتفتت.

لذلك فإن كل ما هو قابل للازدواج ، وكل ما ينقلب إلى ما هو ضده ، هو خداع وزائل : فالنور الذي ينقلب إلى ظلمة ، هو خداع ، النور والظلمة كلاهما ، أما النور الحقيقي فهو لا ينطفئ قط ، وليس فيه ظلمة البتة.

والفرح الذي ينقلب إلى حزن ، هو خداع ، الفرح والحزن كلاهما ، أما الفرح الحقيقي ، فهو لا يُنزع قط ، ولا يقدر العالم أن يلغيه . والسلام الذي يتحول إلى قلق واضطراب ، هو خداع ، السلام والقلق كلاهما ، لأن السلام الحقيقي يبدد كل قلق واضطراب في العالم . والحياة التي تنتهي بالموت هي خداع ، ذلك لأن الحياة الحقيقية ليس فيها موت.

كل من عرف الحق ، ينفتح وعيه ليدرك الغش الذي يقوم عليه العالم ؛ لذلك لا يمكن أن يتآلف الحق مع الخداع ، فكأس الله ليس فيها موضع لكأس الشيطان.

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى