هلم يا شعبي ادخل مخادعك

 

“هلم يا شعبي ادخل مخادعك” (إش 26 : 20)

من العسير جداً على أي إنسان أن يلتقي مع نفسه في مواجهة داخلية كاشفة طالما هو يمارس حياته اليومية الروتينية ، من أكل حتى الامتلاء ، وحديث لا يهدأ ، وانشغالات جانبية تافهة ، وتسليات .

لذلك أصبح اختزال كل ما هو غيرهام أمراً ضرورياً في الصوم المقدس ، حتى تتهيأ لنا فرصة للاعتكاف الداخلي . وبالتأكيد ستواجهنا صعوبات عند بدء هذا الاعتكاف ، ولكن هذا مرجعه إلى سببين : أولاً: حكم العادة ، ولكن التغلب عليها أمر هين . وثانيا : رغبة النفس الشديدة في الهروب من الاعتكاف خوفاً من مواجهة حقيقتها الخاطئة ورغبة منها في الاستمرار في ما هي عليه. وهذا أمر يحتاج لصرامة وحزم شديدين وانتباه للأعذار الواهية والكاذبة التي ستخلقها باستمرار للهروب من الاعتكاف.

فإذا نجح الإنسان في التغلب على عاداته ، ثم نجح في السلوك بصرامة وحزم وانتباه تجاه أعذار النفس ومراوغتها ، واستطاع أن يوفر لنفسه فرصاً للهدوء والخلوة والصلاة ؛ يكون قد نجح فعلاً في الدخول في بركات الأربعين المقدسة وتهيأ لكي يجني ثمارها.

وثمار الاعتكاف ومواجهة النفس كثيرة ، وأهمها اثنتان :

الثمرة الأولى : اكتشاف مدى الخسارة التي أصابتنا بسبب توانينا وإهمالنا في حياتنا الروحية ، وبالتالي وقوعنا في انحلال وخطيئة وجعل حياتنا في النازل.

الثمرة الثانية : اكتشاف مدى الخطأ الذي أصاب الهدف الروحي الذي نعيش له . لأن أي انحراف في الهدف كفيل أن يعرقل مسيرتنا ويجعل طريقنا في النهاية مسدوداً بالرغم من كل مظاهر النجاحات التي نظهر بها أمام الناس .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى