وكان روح الله على عزريا بن عوديد

 

“وكان روح الله على عزريا بن عوديد وقال : الرب معكم ما كنتم معه” (۲ أخ ۱:۱۵)

الله ليس موجوداً فقط ، بل هو أيضاً الوجود ذاته ، الوجود الكلي ، الذي يستمد منه كل كائن وجوده … ويستحيل أن يوجد شيء ما بدون الله . لذلك ما أسهل أن نطلب الله فنجده ، لأنه موجود في صميم وجودنا . ففي اللحظة التي نشخص إليه في أعماقنا ؛ حتماً نجده .

كما أنه مستحيل أن نجد الله خارج أنفسنا ، أي خارج وجودنا ، وعبثاً نطلبه ، أو نفتش عليه في غير قلبنا . ولكن السؤال : كيف نجد الله ونبقى معه ؟

حينما نسلم كل عواطفنا وحبنا ، حينئذ نتواجه في الحال مع عطفه وحبه.

حينما نُسلم له كل قلبنا ، نبدأ نحس بقلبه.

حينما نُسلم له العين ثم الأذن ثم اللسان ، يبدأ شخصه يتصور في إحساسنا ، ويبدأ صوته يرن في أعماقنا ، ويوقظ ذهننا ، ويبدأ لساننا يتلذذ بكلامه ويتعود عليه ، ويلتقطه من وسط آلاف الكلمات .

وباختصار ، حينما نُسلم كياننا كله لله ، حينئذ نجده ونحسه ، لأن عملية تسليم الكيان لله هي ، في حقيقتها ، انفتاح على الله ، الذي تستمد منه النفس كيانها . فإذا انفتحت النفس على الله وجدته ، وأحسته ، وتعرفت عليه .

فيا روح الله ، الذي كشف هذه الحقيقة لعزريا ؛ نتوسل إليك أن نعلم علم اليقين أنك موجود فقط لمن يطلبك . وإنك كائن مع الذي يكون معك . وإنه ما من وسيلة للتعرف على صفاتك ، إلا بالحب . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى