ولكنك من أجل قساوتك
“ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً في يوم الغضب” (رو 2 : 5)
يومان في حياة الإنسان : يوم هو الآن المحسوب أنه يوم الخلاص : « هوذا الآن يوم خلاص » ، حيث الخلاص مُعد في كل لحظة ، والمعونة حاضرة والصلاة مسموعة ، والقبول حاضر : “في وقت مقبول سمعتك ، وفي يوم خلاص أعنتك ، هوذا الآن وقت مقبول ، هوذا الآن يوم خلاص » .
أما اليوم الثاني : فهو للذي فاته اليوم الأول ، وهو يوم الغضب الذي ينتظر القساة غير التائبين ، يقول فيه النبي : “ذلك اليوم يوم سخط ، يوم ضيق وشدة ، يوم خراب ودمار … ” ( صف 1 : 15 ) .
وهنا يسرع الرسول ويتحدث عن الفرصة المعروضة اليوم ، يوم اللطف والإمهال ، يوم التوبة ، الذي سيُرفع ليحل محله الغضب المعلن والدينونة المُعدة.
أما يوم الغضب ، فهو يوم ينتهي فيه تاریخ لطف الله مع الخطاة ويتوقف طول أناته ، يوم ينتهي الوقت المقبول ، ويوم الخطاة المفتوح خصيصاً لحساب الخطاة ، حيث يغلق التاريخ آخر صفحاته ، ويتوقف عمله ويفقد وجوده ومعناه! حيث اللطيف الطويل الأناة على الخطاة يعلن نفسه الديان!
ولكن أي غضب هذا الذي يحمله اللطيف الطويل الأناة إلا غضب الحق ، الذي إذ يسمعه المُدان يقول : “نعم آمين ، أنا المستحق لغضب الله” لأنها قضاء العدالة التي استوفت كل ما يمكن أن تستوفيه من إعطاء الفرص والتغاضي عن المماطلة أياماً وشهوراً وسنين دون جدوى ، لقد أطالت العدالة كل ما عندها من طول الأناة ، لذلك سماها الرسول الدينونة العادلة .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين