إن سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم

 

“إن سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم” (عب3: 15)

يا ابني ،

1- التوبة ترضي الله وتُعيد إليك علاقتك الحبيبة بالرب . لأن الخطأ الذي يبدر منك يكون دائماً رد فعله هو ابتعاد روح الله عنك ، يعني هذا شعور غربة قاسٍ تشعر خلاله أنك بلا إله ، بلا معز ، بلا حبيب ، بلا معين.
فعندما تشعر بهذه الغرية ، اعلم أنك أخطأت في حق الله ، فأسرع في الحال وتُب إليه ، بمعنى أن تعيد عهد الطاعة والخضوع له وتعتذر عن الخطأ الذي بدر منك . ربما يكون هذا الخطأ خطاً بسيطاً لم تنتبه إليه ، كأن تكون كذبت على إنسان أو غضبت على إنسان أو وشيت بإنسان أو … ، هذه كلها تدخلك في حدود المتعدي على عهد الأمانة والمحبة والصدق مع الله ، فانتبه لحياتك.

2- ربما تكون التوبة محتاجة إلى أن تعتذر لمن أخطأت إليه ، فاضغط على نفسك إذا استمعت لصوت الله في الضمير يحثك على الاعتراف بخطئك وطلب السماح مع الاعتذار لله .

3- ربما تحتاج التوية أن تُصالح إنساناً خاصمته ، سواء بسبب أو بدون سبب. فلا تخجل من أن تذهب إليه بجرأة أولاد المسيح وتعتذر له أنك أنت المُسيء ، مهما كان هو المسيء ، وتطلب سماحه ورضاه ، كمن يطلب لنفسه رحمة ومغفرة ، لكي تُحسب لك أنها من الله.

4- كُن حساساً جداً لأخطائك لكي تستغفر عنها بمجرد أن تأتي على فكرك ، ولا تُبت خطأ واحدة يقلقك ، فتصير أيامك كلها هادئة مضيئة حلوة . 

5- اعلم أنه إذا استقرت أي عداوة في قلبك أكثر من يوم ، تهدم ما تبنيه بالصلاة ، وتخرب علاقتك بالرب . ويوماً بعد يوم تصير العداوة جزءاً من أخلاقك وفكرك وتصرفك ، فتصبح عبداً للشيطان تبخر له كل يوم على مذبح العداوة .

فاقطع عنك أي عداوة استقرت في قلبك حتى ولو كانت موروثة من أهلك . لا تجعل لك عدواً في حياتك وإلا استحال عليك حب المسيح ، فالذي يحب المسيح حتماً يحب عدوه ، فطهر قلبك أولاً بأول من أي إحساس بالعداوة ليشرق في قلبك حب المسيح وتستمتع به . لأن محبة المسيح تُبهج القلب وتعوض عن كل تعب أو حزن أو مرض . محبة المسيح هي حياة منيرة وليس فيها ظلمة البتة.

6. بمجرد ما تحس أن الكراهية دخلت قلبك من جهة أي إنسان كبير أو صغير ، اعلم أن الشيطان بدأ يلقي فخ العداوة ليجذبك إلى خاصته ؛ فاسرع واقطع خيوط الكراهية ، وأظهر لهذا الإنسان محبتك وقدم له هدية وامدح سيرته بين الإخوة ، فتذوب الكراهية وتسكن المحبة ، وتنسكب عليك محبة المسيح كابن له .

7- إذا سمعت أن أخاً يذمك ، فلا تجزع وكن شجاعاً ، واستغيث بروح المسيح ، روح الود والمحبة الأخوية ، واذهب إليه واطلب منه باتضاع ومطانية ودموع أن يغفر لك ، ربما تكون قد أخطأت إليه دون أن تدري ، وأعلن له محبتك ، واطلب منه أن يسامحك ، واسأل في مسكنة إن كان بلغه شيء رديء عنك ، وأوعده أنك ستكون دائما عند حسن ظنه .

8- وحينما تكمل التوبة وتصير حياتك مكشوفة أمام الله ، حينئذ تختبر حضور الرب لأن الرب يقبل التائبين إليه ويقترب منهم .

حضور الرب له إحساس في القلب : شيء من الدفء والبهجة والسلام . غياب هذا الإحساس معناه أنه توجد خطية معتمة هذه العلاقة ، ومانعة للإحساس بحضور الرب . ولذلك ؛ أسرع وفتش ودقق في حياتك ، وارم نفسك تحت قدميه ، واطلب من روحه القدوس أن يشير لك على الخطأ والخطية التي تسببت في غياب الرب .

9- حضور الرب والإحساس بالدفء الروحي والبهجة القلبية هي غنى المسيحية وهي عينها تُدعى : ” مجد الرب” .

فحضور الرب معناه حضور مجده كغطاء يشمل النفس ويفرحها ، وغيابه يقبض النفس ويجعلها تشعر أنها فقدت شيئا هاماً وكأنها فقدت حياتها . فلا تسكت ولا تهدأ حتى يعود الرب ويسكن قلبك ، لأن هذه هي الحياة الأبدية ، نأخذها هنا كالعربون وهناك ترافق الرب أينما سار .

10- أشرك الرب في حياتك : في أكلك وشربك ، ونومك ويقظتك ، وعملك وراحتك ، وفرحك وحزنك . اطلبه دائما فهو قريب ، استشيره في كل صغيرة وكبيرة ، واشكره بمجرد نجاح مشورته ، واعتذر عن كل خطا يحدث منك حتى يظل الرب شريك حياتك كلها ، وحينئذ تحصد ثمرة هذه الشركة حينما تحس أنه موجود يسمع ويستجيب ، ويشير ويعلم وينصح ، وعينه عليك

11 – احذر من الكذبة البيضاء بأن تقول غير الحقيقة ، لكي تنقذ نفسك ، أو تسهل أمورك ، أو تخلص من الذي أمامك ، أو تنهي موضوعاً شائكاً ، أو تفك عقدة وقفت أمامك . فهذه هي إصبع الشيطان الذي يغرس في النفس المكر والخداع والمخاتلة والتنكر للحق ، هذا الذي يعاقب عليها الناموس في العهد القديم بالرجم أي بالقتل . أما في العهد الجديد ، فيختفي وجه الله من حياتك ، لأن الكذب هو إنكار للحق ، والحق هو المسيح احذر من الكذب وشبه الكذب ، لأنه يصنع قطيعة مع المسيح

12- اعمل عهداً مع المسيح أنك لن تكذب قط حتى وإلى الموت وتقول الحق ، كل الحق ، مهما كانت الغرامة ، وذلك حتى تكسب رضا القدير وتنعم بقرب الرب وحضوره المريح . لأن حضور الرب هو الحياة ، وغيابه هو الموت . 

13- احذر من أن تُقدم عذراً كاذباً لكي تتخلص من الموقف ، كأن تقول : إنني كنت نائماً أو غائباً أو مشغولاً أو لم أسمع ، أو أنا لا أعرف هذا الإنسان ، أو أنا أجهل هذا الموضوع . وفي الحقيقة ، أنك كنت عارفاً وعالماً وصاحياً وسامعاً.

هذا الكذب هو كذب على الحق والحقيقة ، وهو بعينه إنكار للمسيح الحق والحقيقة ، فأين تخبئ وجهك منه ؟ المسيح بالمقابل يقول : أنا لست أعرفك . فتفقد الحق الذي تنكرت له ، ولا يعود الحق يستأمنك على نفسه أو وجوده ، فلا تعود تحس بوجود الرب وبدفئه وبهجته المريحة . 

14 – فحذار أن تختلق الأسباب والأعذار لأي خطأ تفعله . اعلم أن كل شر تصنعه هو مسجل ضدك في كتاب الحياة الذي سيعرض عليك ، لترى وتسمع كل خطاياك ، وليس من يعطيك العذر أو يدافع عنك ، لأنها فعلت بتصميم وسبق إصرار .

15 – إن انتبهت لأخطائك فستتعلم كيف تعيش مع الرب وتنعم بحضوره كرفيق كل الطريق.

وتيقظ دائما عندما تجد نفسك حنت للطريق القديمة ، أمسكها واضبطها واشكوها للمسيح لكي يتعامل هو معها بروحه القدوس .

16 – بعد أن تذوق حضور الرب ولو مرة واحدة ، خُذ هذه ذريعة لتطلبه نهاراً وليلاً ليغشي حياتك كلها . فالرب رفيق وأفضل من كل رفيق في طريق الحياة كلها . إنه يسعده أن ترافقه أنت أيضاً في حياتك بذكر اسمه الليل والنهار ، وتسبحه وتشكره ما دمت حياً.

17- لا تهتم بنتائج تجاربك وعلاقاتك بالناس . اهتم بتجربة وجود الرب معك ، فهذه هي الحياة وهي غاية كل تجارب الحياة . 

18- أنت سجلت اسمك لتكون بين صفوف القديسين ، وهذا كان عهداً بينك وبين الرب يسوع ، والرب أمين على هذا العهد ، وهو واقف كل يوم على بابك يقرع ليدخل ويهبك روح الحياة الجديدة ، فلا ترفضه ولا تستهن بمحبته لأنه دفع ثمن خلاصك من دمه . فخلاصك غال عليه وهو سيظل يلح عليك أن لا ترفض دمه وصليبه . 

 

زر الذهاب إلى الأعلى