الكلام
“الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة” (يو6: 63)
الإنجيل هو المصدر الأول للتدبير الروحي . والسر العجيب الذي في الإنجيل هو أن أي وصية فيه قادرة أن تقودك بمفردها لملكوت الله لو أخلصت لها من كل قلبك ودققت في تنفيذها ؛ لأنك إذا نجحت في تنفيذها ؛ تجد نفسك دون أن تشعر تطبق بقية الوصایا.
فالإنجيل يوصيك مثلا بالمحبة القوية الطاهرة الكاملة الشاملة ، فإذا أخلصت للمحبة وكرست فكرك وضميرك ووقتك ومالك وذاتك لتنفيذ واجباتها بكل أمانة ؛ تجد نفسك في نفس الوقت تسلك بالوداعة والاتضاع دون أن تشعر. كما تجد قلبك دائماً أبداً مرتفعاً إلى الله بالشكر والتسبيح والصلاة ، ونفسك في الداخل تصير فرحة نشيطة متيقظة وفي استعداد مستمر للعطاء والبذل.
وهكذا تتم وصايا الاتضاع والصلاة والسهر الداخلي والبذل والعطاء بجوار المحبة ، دون أن تبذل أي جهد فيها ، هذا لأن الوصية في حد ذاتها قوة روحانية ونور سماوي وروح وحياة. فبمجرد أن ينفتح قلب الإنسان لقبولها قبولاً كاملاً يصبح في مستوى كل وصية أخرى ويتحرك لتنفيذ بقية الوصايا بمعونة وإلهام.
الإنسان صعب جداً تغيير طباعه وأخلاقه وسلوكه، ولكن العجيبة التي تحدث أمام عيوننا كل يوم في أنفسنا وفي الآخرين ، أن هذه الطباع تتغير والعلل تزول والعقد النفسية تتحل والسلوك يتبدل والقلب والفكر يتجددان ، وكأنما الإنسان أصبح شيئاً آخر غير نفسه الأولى ، وذلك بممارسة وصايا الإنجيل يوميا بإيمان واهتمام وتدقيق.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين