اهتمام الجسد هو موت
“اهتمام الجسد هو موت ، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام” (رو 8: 6)
إنسان العالم لا يرى أي شيء في الحياة يستحق الاهتمام والسعي والتعب إلا جسده ، حياته الخاصة ، رأس ماله الذي يوفر له رغد العيش ومتعة الجسد ، مركزه الأدبي الذي يعتمد عليه في الترقي والحصول على مركز أقوى وأغنى ، قوته الجسدية والشخصية التي تجعله يتبوأ الرئاسة والسيادة .
في الحقيقة إن كل ما يختص بالجسد في العالم ليس هو الأصل الذي خُلق عليه الإنسان ، بل هو خداع وقناع كاذب لابد أن يخلعه يوماً ما . فالجسد زائل وكل اهتمام بالمتغير الزائل يزول ويفنى ، يقولها القديس بولس بمنتهى الاختصار إن : “اهتمام الجسد هو موت” ( رو 8 : 6 ) .
أما الروح ، فهو الروح القدس الإله الأزلي ، الذي هو أصل الحياة ومُقيمها ، فكل اهتماماته هي للحياة . والحياة التي يسكبها فينا هي لله ومنه . لذلك نحن حين نسلم أنفسنا له ، فسوف لا تستطيع هموم الجسد والحياة أن تطغى علينا ، وهذا هو السلام . مع العلم أننا لن نذوق السلام إلا إذا انحصرت اهتماماتنا مع الروح القدس فيما لله بعيداً عن جذب العالم ومشاغبات الجسد . حينئذ يتولى الروح القدس انتشالنا كل مرة من ورطات الجسد والزمن ، ويلقينا في أحضان السلام الأبوي الذي منحه لنا المسيح بالروح إزاء بغضة العالم وضيقاته .
فسلام الروح هو المعادل لضيق الزمان الحاضر وأتعابه والجسد بأمراضه وأوجاعه . فإذا غاب الروح ، غاب السلام الذي يفوق العقل . وإذا سقطنا في هموم العالم والجسد ، أحاط بنا الحزن وهم الموت .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين