رؤى عظيمة

للأب أنتوني كونيارس

(یو12: 1-18)

مشكلتنا اليوم هي أننا نقضي وقتا طويلاً مع التلفاز في سلسلة أفلام نهارية رديئة وأفلام رخيصة وأفلام فاضحة ليلاً، كما نرى أفـلام عنف فيها مناظر مرعبة، ورؤى شهوانية، رؤى ترخص وتحط من قيمة الحياة، وغيرها مما يعود بطفح من الشرور علينا. علينا أن نفتح الكتـاب المقدس لنسمح الله أن يملأ قلوبنا وأذهاننا برؤى فاضلة ترفعنا وثلـهمنا. كثير منا يقضون وقتا قصيرا جدا مع الرب يسوع في الكنيسة وفي الصلاة، بينما يقضون وقتا طويلاً جدا وهم يتابعون المشاهد القـذرة والدنيئة، التي تلوث قلوبنا وأذهاننا برؤيا الشر المتكررة التي تظل تكثـر التردد علينا في ليلنا وأحلامنا ونهارنا فتفسد طهارتنا. ومع ذلك، فالرب يسوع، عند توبتنا، يقدر أن يحررنا من هذه الرؤى القذرة أو المخيفة.

نحتاج أن ننظر بصلاة وتخشع في وجه الرب يسوع، الذي هو صورة الله غير المنظور؛ ليعلن لنا رؤيا ما سنؤول إليه؛ ومـا بنعمتـه سنبلغه. يكتب القديس بولس ويقول: «ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف، كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح» (2کو3: 18).

الرؤيا والمهام:

الحياة المسيحية تتكون من رؤى ومهام. يقول فيليـب بـروك: “شيء مرعب ألا تكون لك رؤيا، ولكنّه شيء مرعب أيضا أن تـرى الرؤيا، وتخطف بتأملك فيها ولا تسمع قرع الأيدي المحتاجة على باب منـزلك”. رؤيا الله تقود الإنسان المسيحي إلى مهام كثيرة: واجبـات الحب، غسل الأرجل، إطعام الجائع، زيارة المريض، تغطية العريان. رؤيا الله في المسيح ومهام المحبة صنوان لا يفترقان، فهما وجهان لعملـة واحدة.

نحن شعب الله نجتمع في الكنيسة في يوم الأحد لتتقوى رؤيتنا وتتجلى، حيث هناك أمور يلزم أن تركز عليها ونفهمها ونعيها: ما العالم، وماذا يريد الله منا أن نؤديه فيه. الرؤيا والعمل يـسـيران هو معا، لأن الإيمان بدون أعمال ميت.

رؤيا أعظم من العلم:

قال نورمان كوزينس Norman Cousins ذات مرة: “ما يجعل الإنسان اليوم يتراجع إلى الخلف ليس هو ضغط الواقع ولكن غياب الأحلام. إن كانت الأحلام جيدة بكفاية، ليس من واقع يستطيع أن يقف مقابلها. إنه خيال الإنسان أكثر من العلم هو الذي أوصله إلى القمر. الحاجة إلى رؤى! رؤى!

قالت فتاة أثناء زيارتها لطبيبها النفسي: “هل يمكن أن تعطيني يا دكتور شيئا أطمح به إلى الأمام؟ رؤيا، رجاء في المستقبل الممتد، هذا ما يجب أن يكون لنا، وإلا نتحطم.

نافذة فوق حوض الغسيل:

منذ عدة سنوات مضت، شبت النيران في المنـزل الريفـي لواحدة من الأرامل في فرمونت Vermont ودمرته تماماً. عند إعادة بناء البيت سُئلت المرأة إذا ما كانت ترغب في عمل أي تغيير في نظام البيت الجديد، فأجابت أنها ترغب في أن يبنى البيت كما كان من قبل تماما، مع تغيير واحد، وهو عمل نافذة فوق حوض الغسيل في المطبخ.

فيما مضى، كانت المرأة تغسل الصحون أمـام حـائط مسدود، أما الآن فقد أصبح من الممكن لها أن تطل من النافـذة وهي تغسل لتنظر جبال فرمونت الخضراء الرائعة الجمال.

عندما تقف لتتأمل فيما طلبته هذه المرأة، فأنت ترى ما يهيئه إيماننا المسيحي من إطلالات، تماما مثل الشباك التي طلبتـه المرأة، فتعطينا المسيحية رؤيا أثناء الحياة والعمل.

كلنا نحتاج إلى رؤيا، ونقرأ في سفر الأمثال: «بلا رؤيا يجمح الشعب» (أم29: 18)، العمل بلا رؤيا يكون شاقا، وكل حيـاة تطمح إلى شيء تبدأ برؤيا.

رؤيا في نفسك:

يقول الدكتور ألفريـد ويتهيـد Dr. Alfred Whitehead: ” يستحيل التعليم السلوكي والأخلاقي بمعزل عـن رؤيـا دائمـة للعظمة”، وهذا ما تبتغيه العبادة، تعريض النفس إلى أعلى ما نبتغيه. نحن نميل كأمر محتوم أن ننمو إلى ما يستحوذ انتباهنـا وإعجابنـا وتكريسنا.

قصة:

أراد حكيم هندي أن ممتلكاته لأحد أبنائه الثلاثة، الذي يُظهر أعظم شجاعة ومهارة. وكاختبار لذلك، فقد أشار لهـم إلى أحد الجبال، وطلب منهم أن يصعد كل واحد إلى الجبل، وأن يُحضر معه دليلاً يبين المسافة التي صعدها فوق الجبل. 

عاد الابن الأول وهو حامل على يديه وردة بريـة بيـضاء، فأدرك الوالد للتو أن هذه الأزهار تنمو عند منطقة شجر الأخشاب. وعاد الابن الثاني ومعه قطعة حمراء من حجر صوان بينت لـلأب أنّ الابن صعد إلى قمة الجبل. أما الابن الثالث فقد عاد بعد مدة طويلة وهو خالي الوفاض. سأله أبوه: “إلى أين ذهبت؟” فأجابه: ” لم يكـن هناك شيء يستحق أن أعود به، ولكنني وقفت عنـد قـمـة الجبـل ونظرت من هناك إلى الوادي حيث يصل بحران عظيمان بالمحيط”.

قال له الأب الفخور: “كان طموحي في حياتي أن يكـون لي ابن يرى ما رأيت، فليس لك شيء في يديك، ولكنك حصلت على شيء أعظم، ألا وهو رؤيا في داخل نفسك، هذا أعظم الأشياء”.

رؤى عظيمة:

هيا بنا نتدارس أشخاصا في الكتاب المقدس كان لهـم رؤى عظيمة في نفوسهم.

رؤيا إبراهيم:

ذات مرة قال إبراهيم للرب: «أيها السيد الرب، مـاذا تعطيني وأنا ماض عقيماً؟» ولكن الرب أراد لإبراهيم أن يكون له رؤيا عظيمة وحلما أكبر، فماذا فعل معه؟ يقـول الكتـاب: «ثم أخرجه (الرب) إلى خارج وقال: “انظر إلى السماء وعُد النجوم إن استطعت أن تعدها… هكذا يكون نسلك» (تك15: 2و5).

لماذا أخرجه الرب خارج خيمته وأمره أن ينظر إلى نجـوم السماء؟ لأن الرب أراد أن يكون لإبراهيم رؤيا عظيمة قبـل أن يمتلك الوعد ويكون له نسل كالنجوم في كثرتها. فالرؤيا العظيمة تؤجج روح الإيمان في القلب وثلاشـي منـه الـشعور بالذلة والوضاعة، وترفع النفس من حضيض التعلق بالأمور الحقـيرة والتافهة، حتى يتحقق للإنسان ما هو أكبر وأعظم.

رؤيا يعقوب:

وكانت هناك رؤيا ليعقوب أبي الآباء: «ورأى حلمًا، وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها، وهوذا الرب واقف عليها، فقال: “أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحاق… ها أنا معك، وأحفظـك حيثمـا تذهب، وأردك إلى هذه الأرض، لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به» (تك28: 10-15).

صارت رؤيا يعقوب حقيقة في المسيح، الذي أتـي فيـه الله بنفسه نازلاً على سلم السماء ليكون معنا إلى الأبد. لم يعد الله يتكلم معنا من على قمة السلم كما في زمان يعقوب، بل هـو معنـا الآن أسفل السلّم، متسربلاً ببشريتنا. نرى في المسيح رؤيا الله معنا في كل تجارب الحياة، يرشدنا ويقوينا ويغفر لنا.

رؤيا إشعياء:

كان للنبي إشعياء رؤيا عظيمة لله فيما كان يصلي في الهيكل. يقول الكتاب: «رأيت السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع، وأذياله تملأ الهيكل»، وكانت الأجناد السمائية ثرثم: «قدوس، قدوس قدوس رب الجنود. مجده ملء كل الأرض». وفيما كـان الـنبي في حضرة الرب، انغلب إشعياء حزنا بسبب خطاياه وقال: «ويـل لي! إني هلكت، لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجـس الشفتين»، فأرسل الله ملاكا ليطهر شفتيه من جمرة يحملها في يـده وإذ قد غفر الله للنبي وسامحه، فقد أرسله ليكلم الشعب مـن أجلـه، واستجاب إشعياء للإرسالية وقال: «هأنذا أرسـلني» (إش6: 1-13). كانت رؤية النبي لله فيما كان في الهيكل يصلي نقطة التحول في حياته.

أما جعل الله رؤية إشعياء حقيقة لنا؟ عندما نتقـدّم لنتنـاول الجسد المقدس والدم الكريم في القداس الإلهي، أليست الأسرار عندما تلمس شفتينا تكون مثل جمرة النار؟ وعنـدمـا نـسمع الشعب في الكنيسة يرنّم نفس الترنيمة التي سبح بها السارافيم: «قدوس، قدوس، قدوس، السماء والأرض مملوءتان من مجدك الأقدس »، أليس هو نفسه الإله العالي والقدوس وغير المقترب إلى مجده، ينحني ليلمسنا لمـسة غفران وحب في حضوره السري في الخبز المقدس وعصير الكرمة؟ أما يجب علينا أن نتقدم بهذه الرؤيا المقدسة للسيد المسيح في سر التناول؟ 

رؤيا دانيال:

 عندما أمر الملك داريوس كل شخص في بابل ألاَّ يسجد لإله إلا آلهة بابل، سجد دانيال ثلاث مرات كل يوم في مخدع منـزله، وفتح نافذة غرفته نحو أورشليم، وصلى للإله الواحد الحقيقي. كانت نافذتـه مفتوحة صباحًا وظهرا ووقت المساء. كانت رؤيا الله التي تغذيها الصلاة هي التي مكنت دانيال ليظل أمينا الله وسط بابل عابدة الأوثان.

رؤيا الرب يسوع:

والرب يسوع نفسه رأى رؤيا قبل بداية خدمته. عند خروجه من نهر الأردن بعد معموديته، فإن السماوات انفتحت، ونزل علـى الرب الروح القدس بشكل حمامة، وامتلأ من القوة، وسمع صـوت الآب يقول: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت» (مت3: 17). كانت هذه رؤيا دعمت خدمة الرب يسوع في حياته على الأرض.

وعندما جُرب الرب يسوع على الجبل، كانت هنـاك رؤيـا الشيطان وهو يجربه، ولكن لم تكن هذه هي كل الرؤيا، ولكن كان الجزء الآخر منها عندما جاءت ملائكة لتخدمه (مر1: 13). ومـن ثم، ففي كل تجربة يوجد شيطان، ولكن يكون هناك أيضا رؤيا ملاك الله المرسل ليوجد منفذا للتجربة. هذه هي الرؤيا التي تنقذنا.

رؤيا إسطفانوس :

فيما كان إسطفانوس الذي يعد من أصغر أتبـاع الـرب يسوع والذي كان من الجسورين بإيمانهم، والثابتين في تمسكهم. يُرجم لأجل إيمانه رأى رؤيا: «وأما هو فشخص إلى السماء… فرأى مجد الله، ويسوع قائما عن يمين الله، فقال: “هـا أنـا أنـظـر السماوات مفتوحة، وابن الإنسان قائما عن يمين الله”»، وعند موته: قال: «أيها الرب يسوع، اقبل روحي»، وبعد أن ارتفع إلى علو أكثر ، ، وهو مأخوذ بالرؤيا التي يراها، صلى لأجل الحانقين عليـه بقلوبهم، والذين يصرون عليه بأسنانهم وقال: «يارب، لا تقم لهم هذه الخطية» (أع7: 54-60).

رأى الملك قسطنطين رؤيا صليب منير ولامع في السماء وعليـه مكتوب: “بهذه العلامة تنتصر”، وكانت هذه الرؤيا هي التي قادته إلى الانتصار.

رؤيا بولس:

في طريقه إلى دمشق، رأى شاول الطرسوسي المسيح في رؤيا، وسمع صوته يقول: «شاول، شاول! لماذا تضطهدني؟» (أع9: 4)، وبقوة هذه الرؤيا صار شاول مضطهد الكنيسة هو بولس الرسـول، ولم ينس شاول هذه الرؤيا أبدا. فيما كانوا يسخرون مـن إيمانـه بالمسيح، وهو يقاد من مدينة إلى مدينة، ويرجم إلى الموت، ويسجن، ويجلد إلى أن تغطى ظهره بجلد دام متهتك، كان يتكلم عن: “الفرح الذي لا ينطق به”، فكتب يقول: «شكرا لله الذي يعطينا النصرة»، «في هذه جميعها يعظم انتصارنا» (رو8: 37)، «شكرا لله على عطيته التي لا يعبر عنها» (2کو9: 15)، «الذي قال أن يشرق نـور مـن ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا» (2كو4: 6). سـر قـوة بـولس الرسول وفرحه ومحبته كان في الرؤيا السماوية، وقد أفصح قائلاً: «لم أكن معاندا للرؤيا السماوية» (أع26: 19). 

يُسمي إيفاجريوس البنطـي Evageius Ponticus أحـد بـاء الصحراء حياة الصلاة أنها: “ثيئوريا فيزيك theoria physike” أي رؤيا طبيعة الأشياء، والتي تشرح رؤيا كيف أن الأشياء تتماسك حقيقة معا، رؤيا كيف أن في المسيح تقوم كل الخليقة: «الذي هو قبل كل شـيء، وفيه يقوم الكل» (كو1: 17). الرب يسوع يشكل نموذجا كاملاً للحياة، لي ولك. ليتنا لا نكون غير طائعين للرؤيا السمائية.

ليست لي رؤيا:

كان لكل من إبراهيم ويعقوب ودانيال وإشعياء والرب يسوع وإسطفانوس وبولس رؤى ملهمة من الله في حياتهم، لكنني أسمـع مـن يهمس ويقول: “لا توجد رؤى في حياتي، وأيامي تجري علـى وتـيرة واحدة بدون أي إثارة، بلغت منتصف أيامي، وقمم جبلـي ورائـي، أذهب إلى عملي وأحاول أن أقضي وقتي فيه بقدر ما أستطيع، ولكـن بلا أي اشتياق، ولا أتطلع إلى رؤيا جديدة”. وقد تكون صغير الــن، ولكن موقفك مشابه لما فات فتقول: ” لم أر أي رؤيا كبيرة بعـد، لا يوجد شيء واضح لأمارسه في الحياة، لا يوجد ما يحرك أعماقي ممـا تحدثت عنه في حياة الآخرين”.

دعني أقول لمثل هؤلاء إن الله قد أعطى رؤيا شخصية لكل واحد في ضوء الكتاب المقدس الذي يمتد إلى ما وراء هذا العالم، ففيه أعطانـا الرؤيا لنرى الاحتياجات الواجب علينا أداؤها في عالم يتوق إلى الحـب والنعمة، فيما تكون الحياة رمزها هو فساد الأخلاق والملل والكآبة.

يكتب القديس بولس ويقول: «آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا» (رو8: 18). في المسيح يوجد معنى للحياة، فيه نری رؤى، فيه نرى الطريق الصحيح؛ الطريق إلى الله وهو يمر خـلال طرق وعرة ومنحنية، ولكنه يؤدي حقا إلى حياة تجعل كل الرحلة ذات قيمة وجديرة بالاهتمام. هذه هي الرؤيا التي يحتاج إليها الناس، والـتي بدونها يجمح الشعب. هذه هي الرؤيا التي نحتاج إليها، والتي بدونها تذبل الحياة. هذه هي رؤيانا للمسيح، الواهبة الحياة.

رؤيا الأسبوع المقدّس:

 وعلى سبيل المثال، فالكنيسة تعطينا كل عام، وفي خـدمات أسبوع الآلام، رؤيا جديدة لطول وعرض وعمق وعلو محبة الله الذي لم يشفق على ابنه يسوع بل بذله لأجلنا أجمعين من أجل خلاصـنا. من هو الخاطئ الذي يكون في الكنيسة وهو لا يحتـاج إلى رؤيـة المسيح الإله وهو معلق على الصليب ويسمعه يقول لكل واحد: «يسا أبتاه اغفر لهم… اليوم تكون معي في الفردوس» (لو23: 34، 43)؟ لا تقل لا توجد لي رؤى، ففي كل عام جديد يأتيك الرب خلال الأسبوع المقدس ليمنحك رؤيا عن آلام حبه المخلصة والفادية والمحيية.

رؤيا القيامة:

كما يأتينا الرب برؤيا حبه أثناء أسبوع الآلام، هكذا يأتينا في لقيامة برؤيا الانتصار، نصرته ونصرتنا فيه على الموت: «أنـا هـو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو11: 25). الأخبار سارة جدا، والرؤيا مبهجة للغاية، لا تدعنا أن نتكلم فقط عنها، بل ترتم وتسبح: “المسيح قام من الأموات، بالموت داس الموت، والذين في القبور أنعم لهم بالحياة الأبدية”. من ذا الذي لن يموت؟ ومـن ذا الذي ليست له رؤيا جديدة كلها رجاء للذين رقدوا وهـم الآن في القبور؟ لا تقل ليست لي رؤيا، ففي كل عام جديد يأتينا الـرب في عيد القيامة برؤيا الغلبة على الموت، أعظم وأعتى عدو؛ رؤيا تطـرد الخوف وترفعنا لنطلب الأشياء التي فوق.

رؤيا الصعود:

نرى الرب يسوع، بعد أربعين يوما من قيامته، وهو صاعد إلى السماء، وماذا تكون هذه إلا رؤيا لصعودنا نحن إليه؟ عندما نقـ نقـرأ كلمة الله في الكتاب المقدس، ماذا يكون هذا إلا رؤيا الله يخاطبنا من خلال كلمته؟ عندما نفتح نوافذ نفوسنا الله كل يوم بالصلاة كمـا فعل دانيال، أو نعبد الله في الهيكل مثل إشعياء، ماذا تكون هـذه إلا رؤيا الله؟ وبدون هذه الرؤيا نهلك.

يقول أحد الكتاب:

كل صباح ابسط ذراعيك للحظة،

على عتبة نافذة السماء،

وتأمل في الرب وحملق فيه؛

ثم وبرؤيا في القلب،

قابل يومك ومعك قوة الرب.

الرب يسوع، الذي انفتحت له السماء عندما صعد من المـاء بعد المعمودية، لم يتوقف عن أن يجعل السماء مفتوحة لنا وأمامنـا. الرب هو رؤيانا، رؤيا تجعلنا نقوم وقفتنا، ونمد أكتافنا إلى الـوراء، ونقف ممشوقي القوام كأبناء الله. تطلع فيه كل يوم بإيمـان، وافـتـح قلبك إلى الرؤيا التي يمنحك إياها في الصلاة، في قـراءة الكتـاب المقدس، في حضورك الكنيسة. وبهذه الرؤيا في قلبك، تقابـل مـع يومك بأمل وفرح وإشراق .

< صـلاة >

يارب، هبنا رؤيا،

رؤيا محبتك،

رؤيا غلبتك على الخطية والموت،

رؤيا أننا لك،

ولن يستطيع شيء أن يفصلنا عنك،

رؤيا عظمة دعوتك لنا كأبناء،

رؤيا ترفعنا لنطلب ما فوق.

لك كل المجد إلى الأبد. آمین.

فاصل

الخطية التي صلبت المسيح كتب الأب أنتوني كونيارس تلاميذ معاصرون
كتاب لقاء مع الرب يسوع في الأناجيل – ج1
المكتبة المسيحية

 

زر الذهاب إلى الأعلى