هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضاً
“هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضاً” (يو 12:15)
التزام المحبة لا مفر منه ، في اللاهوت المسيحي : “من يحب فقد وُلد من الله ويعرف الله ، ومن لا يحب ، لم يعرف الله لأن الله محبة” ( 1 يو4 : 7 ). هنا المحبة ثمرة حتمية للعلاقة الإيمانية التي تربطنا بالله ، وغيابها يعني غياب الإيمان المسيحي كله ، وغياب الله من حياتنا . أما حضور المحبة ونشاطها وفرحها بالبذل من أجل الآخرين ، فهذا يعني حضور الله في روح الإنسان وقلبه ، وإعلان عن إيمان حار وفعَّال .
والقديس يوحنا يجعل ثبوت المؤمن في المحبة دليلاً قاطعاً على الثبوت في الله ، وثبوت الله فيه ، أي دليل حالة اتحاد : “من يثبت في المحبة يثبت في الله ، والله فيه ( 1يو 4 : 16 ) .
صحيح أن المحبة هبة عظمى مجانية ، ولكننا لا نأخذها إلا لنعطيها . وعطاؤها هوهو بذل النفس وإنكارها حتى الموت . ومن لا يتشجع ويعطيها ، تُسحب منه ، فيبيت بلا محبة ، ويمسى غريباً عن صليب المسيح . أما الذي تشجع وأبغض ذاته و أهلكها ، بمعنى أهلك كبرياءها وجعلها تحت أقدام الآخرين ، حبا لهم وللمسيح ، وذلك حسب الوصية ، فقد عاش وانتقل من الموت إلى الحياة.
إذن ، فالوحدة التي وهب لنا الله أن نبلغها في المسيح ، ليست بدون مقابل أو التزام ، فالذاتية في الإنسان تلزم أن تكون هي ضحيتها الأولى . فإذا كانت ” الأنا ” التي فيَّ قد ماتت ، فقد انفتح لي باب الحب على مصراعيه ، فأحب أعدائي ، حتى صالبي ، وأبارك من يلعن ذاتي ، لأني سبق وأن دفنتها في قبر المسيح . أصلي لمن يُسيء إلى نفسي ، فنفسي لم يُعد لها حساب عندي بعد .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين