حينئذ يضئ الأبرار كالشمس

 

 “حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم” (مت 13: 43)

على قدر ما يحتمل أولاد الله من ضيقات هذا العالم مع مؤذياته من شرور وأوجاع ؛ على قدر ما أعد لهم الله من أمجاد يذوقونها في ملكوت أبيهم .

المسيح هنا يصف حالة الأبرار الذين جازوا ضيقات العالم وغلبوه باحتمالهم وصبرهم وشكرهم ، أنهم يضيئون كالشمس ، وهذا أقوى تعبير عن شركة الإنسان فيما لله .

والإضاءة كالشمس لا تجيء من فراغ ، إذ يكون الله قد صفاهم من ظلمة الخطايا التي طبعتها أعمالها عليهم ، فالإضاءة هنا هي القداسة في التعبير الإلهي.

وهذه الآية تشيع في النفس راحة وسعادة مسبقة ، وتجعلنا نشعر أن لغربتنا التي على أرض الشقاء هذه النهاية السعيدة التي لا يحلم بها إنسان ، فأنى للإنسان أن يُحسب من أهل السماء ، وأنى له أن يضيء بينما الظلمة تحيط بنا الآن ، فلا نرى نوراً ولا ضياء .

إن لنا في وعد المسيح عن الأبرار الذين يضيئون في ملكوت أبيهم عزاء ما بعده عزاء ، وننتظر تحقيقه بكل الاشتياق ، ولا نفتر عن التمني بهذه الأيام ، وهل هي حقا من نصيبنا ؟

إن وعد المسيح فائق على قدرتنا في التصور ، لذلك نأخذ كلام المسيح هنا كوعد سيضطلع هو بتنفيذه ، لأنه يخرج عن محيط كياننا ، لأننا لا ننسى أبدا أننا من تراب الأرض أخذنا ، ونهایتنا هي تراب الأرض ، إن لم يرفعنا المسيح نفسه من تراب الأرض إلى حقيقة السمائيين .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى