المسيح محور الكرازة

“وكان (فيلبس) يكرز لهم بالمسيح” (أع 8: 5)

كانت الكرازة بالمسيح المخلص – بالنسبة للرسل – مهمة عسيرة أشد العُسر، وشاقة غاية المشقة ولكنهم مع ذلك لم يتهاونوا في إنجاز المهمة على أكمل وجه، رغم كل ما لاقوه في طريق كرازتهم من صعوبات و آلام وضيقات ومقاومات.

كان الكارزون بالمسيح يحملون مشعل الخلاص لإنارة الطريق أمام البشرية التائهة عن الله. وكان محور كرازتهم هو المسيح الرب والمخلص، الذي جاء ليؤسس ملكوته بقوة روحه ملكوت الحب والسلام، وكان الروح بقوته الخفية يلمس القلوب العاتية فيجددها ويغيرها.

المسيح الرب عنده خلاص أكيد، وفيه جاذبية وعذوبة وقوة روحية محررة وعمق وروحانية، لذلك تلاقت حوله القلوب وتجمعت.

وقد أعلن الكارزون في كرازتهم أن المسيح جاء يعلن حب الله للبشر الساقطين، ويكشف عن أحشاء رأفاته واشتياقه لخلاصهم، وقد قدم الخلاص للبشر بدمه على الصليب، وأبطل سلطان الخطية بذبيحة نفسه. . وهو مستعد أن يقيم موتى الخطية بقوة قيامته. فهذا هو المسيح المخلص الذي بقوة صليبه وقیامته يهدم سطوة إبليس، ويحرر النفوس من قبضته المستبدة وسلطانه الغاشم.

وهذا هو المسيح الرب الذي فيه تحققت كل النبوات والوعود الإلهية، الذي جاء ليؤسس أصول الحياة الأبدية في الطبيعة البشرية بسكنى روحه، لتصبح حياة الله في الناس واقعاً حياً متجسدا.. وبذلك صار المسيح هو أصل الحياة الجديدة وهدفها.

والجدير بالذكر، أن كل الذين قبلوا الإيمان بالمسيح وولدوا من فوق، قد اختبروا قوة المخلص، وذاقوا لذة الخلاص، وصاروا آنية كرامة نافعة للسيد..

إن قوة روح المسيح فيهم هيأتهم لتحول جديد وتغير ملموس، وقد أحسوا أنهم بقوة المسيح المحرر قد انعتقوا من أغلال الماضي، وتأسست علاقة قوية جديدة مع المسيح الفادي، وأصبحوا مدينين بالفضل لمن أنقذ حياتهم من الهلاك الأبدي. ولما ملك المسيح على قلوبهم بالحب، تعلقت نفوسهم به فهانت عليهم الحياة ليضحوا بها من أجل إيمانهم به، ولم تعد هناك قوة في الوجود تحول بينهم وبين فاديهم المحبوب.

على أن هذا التحول الجديد لم يكن يعتمد على مقدرة النفس الذاتية في استكشاف الحق المجيد، بل يعتمد على إذعان القلب لسلطان الكلمة الحية وعدم رفض الإنسان للنور الواصل إليه، أي نور الإنجيل نور المعرفة الجديدة الذي يلاشي ظلمة الجهالة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى