أيها الروح الناري

أيها الروح النارى الذى حل على الرسل يوم الخمسين .. كم أنا أحتاجك اليوم. أحتاج لهيبك المتأجج وشعلتك المضطرمة.

لكى ما تحرق أشواكى:

فكم من رغبات دنيئة قد نمت خلسة على أركان نفسى لعل العدو الخبيث قد زرعها بمهارته أثناء نومى. انها تضايقني وتجرحنى تدمى غرائزي ورغباتي الصالحة التى جعلها الله في كانسان مخلوق على صورته ومثاله، فيسيل الصديد وتفوح النتانة . انني أخشى أيضا أن تتشعب الأشواك وتملأ القلب فتخلو حياتى من حنطة الملكوت.

بل كم من شوائب صغيرة تسربت الى أعمالى الروحية كما يتسرب الماء العطن بين ثنايا النسيج دخات الذات الى عبادتي فحادت عن طريقها الى قلب الله . فبدلا من أن تفتح قلبي الى الآخر اللانهائي حصرتني في نفسى .. في همومى الخاصة .. فأردت منه أن يحلها كما أريد أنا . أخاف أنه عندما أدخل وأغلق باب مخدعى انما أنا أغلق مدخل قلعة أحصن فيها ذاتي وباب برج بابل الجديد الذي بنيته لنفسى. وما أخافه على عبادتى أخافه أيضا على باقى جوانب حياتي الروحية من .. خدمة واتضاع. وشهادة للحق. وكل شيء.

من يجفف لى النسيج دون أن يفنيه؟ من يحرق الأشواك دون أن يقترب من الحنطة؟ من يزيل الشوائب من السبيكة ويبقى على ما فيها من ذهب فتلمع بصفاء حقيقى ونقاء باطنى؟ من يختبر ذبيحة حياتي فيصعد بخورها باستقامة أمام العرش الكلى القداسة ؟

من ؟ ؟ .. الا أنت أيها الروح النارى !!

لكى ما تنير سبلى ..

فكم من طرق بدت لى صالحة وكانت آخرتها مرة ؟ ! وكم من دروب دخلتها بغرض طيب وتاهت أقدامي في داخلها وأنا أتلمس نور الحياة من جديد؟! كانت كلها كنفق مظلم أتخبط فيه وكأني في كابوس ثقيل.

بل الأمر الأصعب تلك المسالك المجهولة التي في داخل نفسي دروب وشعاب وطرق تتفرع من ميادين. ومنها تخرج شوارع ضيقة.

من يكشف لى نفسى ؟ ويساعدني على فهم أعماقي ؟ ويأخذ بيدى في برية غربتي ؟ من يعرفنى ماذا أطلب وبماذى أصلى ؟ من ينظم لى تركيبة جهازى ويعطى انسجاما لطاقاتي الدفينة حتى ما تعمل نحو هدف محدد واضح ؟

من ؟؟ الا أنت أيها الروح النارى ! !

لكى ما تلهب أشواقي ..

فكم من فترات تمر على ومشاعرى فيها متجمدة في شتاء بارد كالصقيع . حتى وأن ذابت الثلوج يبقى القلب في فتور تداعبه أشعة باهتة اللون عاجزة أن تحركه بفوران الحياة . ان قلبا مثل هذا لا تقبله المسيحية بل ويتقيأه المسيح . فالمسيحية هي دائما التهاب هي قلب يضطرم بنار الحب التي لا تخمد حتى وان هدأت العواطف شأن طبيعة الانسان المتقلبة المزاج ولكن يجب أن تبقى الارادة حية ومتحركة وفعالة.

من يديم لقلبي التهابه؟ ويحفظ للشعلة اضطرامها؟ رغم تيارات هواء الدنيا الباردة وضعف طبيعتى التى تحن للبرودة والكسل.

من ؟؟ إلا أنت أيها الروح النارى ! !

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى