لأن الله هو العامل فيكم
“لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة” (في ۱۳:۲)
ليس تفضلاً من الإنسان أن يقف أمام الله ويتعهد أن يسلم حياته لله ، ولكن في الحقيقة يُعتبر مثل هذا العهد عقداً من باطن عقدٍ ، لأن المسيح هو الذي تعهد أن يسلمنا حياته !! فالحياة الجديدة التي نحياها الآن هي ممنوحة لنا بعهد إلهي.
إذن ، يلزم للإنسان جداً أن يصلي بلجاجة وبصورة جادة وبدموع ومرات كثيرة ولأيام كثيرة دون أن يمل أو يهدأ طالباً من المسيح أن يقبل حياته ويستلمها ، لأنه إما أن يستلمها المسيح وإما أن يستلمها العالم . فإذا استلمها العالم ، هيهات أن يحس بها الإنسان وهو يحيا موته.
أما كيف نسلم حياتنا للمسيح فذلك بأن نتخلى نحن عن سيطرتنا على كل تدبيرات الحياة ونقتنع بالسير خلف المسيح ووراء الروح القدس وتدخلات النعمة : « لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة » ( في ۱۳:۲ ) . فبهذا الإيمان المسنود بالصلاة تصبح إرادتنا نفسها هي نتيجة عمل الله فينا ، وعملنا أيضاً الذي نعمله هو نتيجة عمل الله داخلنا ، وإن قصد الله الأساسي من عمله في إرادتنا وفي أعمالنا هو لحفظنا وإدخال السرور والسعادة في قلبنا ونكون مؤهلين لعمل النعمة.
فتسليم الحياة لله هو بعينه حياة عمل الله فينا ، والنتيجة هو الفرح الدائم بالله والمسرة بعمله فينا. ولا يمكن أن يحصل الإنسان في حياته على فرح يوازي إحساسه أن الله يعمل فيه وبواسطته ، إذ تبلغ النفس بهذا إلى تحقيق أقصى ما يمكن أن تبلغه من وجودها وحياتها على الأرض !!
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين