هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة
“هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيَّضوا ثيابهم في دم الخروف” (رؤ 14:7)
التوبة مرتبطة بالخطية ، والخطية مرتبطة بالخلاص ، والخلاص هو تاج أو إكليل الحياة المسيحية ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بممارسة التوبة على طول المدى.
فإن كان الخلاص هو لبس الثوب الأبيض والقيام مع المسيح ؛ فالتوبة هي غسيل كثير بالضيق والتعب وسعي متواصل بالأنين والألم . ولكن لا يُفهم أن هذه الآلام لتبييض ثياب الإنسان هي جهد إنساني و عمل من طرف واحد ؛ إذ يلزم أن لا نغفل كلمة ” في دم الخروف ” التي تحصر كل جهد الإنسان في دائرة النعمة ، بحيث أن أي محاولة لتبييض الثياب بوسيلة أخرى غير دم المسيح بكون عبثاً.
الله يدعو كل إنسان ، ولكن كل إنسان يستطيع أن يستجيب ، لو شاء . فإذا صادفت دعوة الله استجابة ، بدأ في الحال حياة توبة .
دعوة الله هي للخلاص المجاني المعروض على الإنسان ، واستجابة الإنسان بمثابة باب للدخول في هذه النعمة . لذلك فحياة التوبة ليست هي مجرد رجوع إرادي إلى الله ، بل هي أيضا قبول دعوة للدخول في عهد نعمة وحالة خلاص.
۔ هذا الدخول ليس محدوداً بزمن ، وليس له نهاية ، لأن نعمة الله فائقة للزمن ، ولا يمكن استيعاب الإلهيات استيعاباً كلياً . لذلك يظل الإنسان يغشي الحياة الإلهية الجديدة ، ويمتد ويستمر يمتد فيها ما يشاء وما يشاء الله ، ومن ذلك صارت حياة التوبة لا تنتهي إلا بالاتحاد بالله .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين