الختم الملوكي والتغيير

هل تعلم ما هو ختم الملك؟

الختم الملكي هو ما يدل على مملكة ما.. وفي القديم لم يكن يمتلكه سوى الملك، وهو عبارة عن الخاتم الذي يلبسه في أصبعه ومنقوش عليه نقوش تدل على المملكة أي لوجو المملكة، وكان يستخدم في الكتابات الملكية من الملك لتدل على شخصه، وكان عندما يولد له ولداً.. فعند ولادته يقوم الملك بخلع خاتم المملكة من أصبعه وتسخينه في النار لدرجة التوهج والإحمرار، ويختم به فخذ المولود.. لماذا؟ليدل على أن هذا المولود مولود ملكي، أي ابن ملك، وهو ملك، أيضا، فإذا ضل أو تاه في أي مكان يعرف من هو ويعامل على أنه ملك…

صدیقی هل لك هذا الختم.. وما هو ختمك؟

1- إحضر بذرة فاكهة / زرعة (فول – حمص – ترمس……) ونفس البذرة ازرعها في قصيص صغير.
2- أو لاحظ دودة قز نجدها تتحول إلى فراشة: بيضة > دودة > شرنقة > فراشة

فلنتأمل في هذه الأشياء (قبل وبعد تطورها). 
1- الشكل: شكل الدودة والبذرة قبل تطورها ليس جميلاً ولا منظر لها، أما بعد التحول والتطور يصير لها شكل جميل.
2- الصفات: البذرة والدودة / البيضة – ليس لها أي دور، ولكن بعد تحولها لشجرة تعطي طعاماً وظلاً وثماراً… ولها فوائد وكذلك الفراشة (كلاهما يستطيع أن يعطى ويفيد من حوله الكثير من الفوائد بعد التطور أو التحول). 
3- الخطوات: يجب على الحبة / البذرة أن تدفن في التراب وتموت، وتتعرض للألم لكي ما تنمو وتصبح على الشكل الجميل، أما إذا ما استكفت أن تصبح على أرض صلبة أو في الظل فلن تنمو وإن نمت بالصدفة ستموت سريعاً لذلك الزرع الذي ينمو على قطعة قطن لا يصمد طويلاً.

 كذلك البيضة أو دودة القز > تصبح شرنقة لا منظر لها، وقد يظن البعض أنها قد ماتت.. ولكنها يجب أن تمر بهذه المرحلة القاسية لكي ما تصبح فراشة. ولكي تصبح فراشة يجب أن تجاهد وتتألم وتبذل أقصى مجهود لكي ما تخرج من الشرنقة، وتصبح فراشة جميلة.

هكذا تكون المعمودية: لنتنافش سويا ما هي أوجه الشبه بين ما ذكرناه (البذرة والدودة) والإنسان الذي سينال المعمودية مع الفارق.

الإنسان قبل المعمودية  الإنسان بعد المعمودية
فقدنا صورة الله التي خلقنا عليها. استعدنا صورته مرة أخرى.
غرباء عن الله.  صرنا أهل بيت الله وضمن عائلته.
بعدين عن رعوية الله.  أبناء الله.
نولد لنموت (زمنی). كتبت لنا شهادة الميلاد السمائی (أبدي).
غرباء عن الميراث السمائی.  صرنا ورثة للملكوت.
ليس لدينا أي إمكانيات روحية.  صار لنا ينبوع الحياة الذي ينبع منه طاقات جبارة.
إنسان تحت ثقل الطبيعة البشرية. فوق الطبيعة.
ليس له کیان. اصبح يحمل کیان روحانی

 

وهناك العديد من القصص التي تشير وترمز للمعمودية في العهد القديم وتقدم نفس المعني، تعالوا نتأمل فيها ولنرى أن بها نفس هذه المراحل.

1- الطوفان كرمز للمعمودية

كانت المياه مثل القبر الذي أنهى فيه نوح وعائلته عالم الخطية، وتمثل الخلاص من عقوبة الخطية (1بط 20:3 -21).
نوح آمن بالله وقدم هذا الإيمان بطاعته الله في بناء الفلك. الله يطلب منا نفس هذا الإيمان اليوم.

+ (1بط 20:3 ، 21) تركز على خلاص عائلة نوح من القبر المائي وخلاصنا شبيه بذلك بواسطة المعمودية.

لنتأمل حياة نوح وعائلته قبل الطوفان وبعد الطوفان:
كان نوح يسكن وسط عالم شرير كله خطية ولكن هذا العالم مات بالطوفان (رمز المعمودية), أما بعد الطوفان فكان هناك العهد الذي يرمز إليه قوس قزح والعلاقة الشخصية مع الله ويرمز لذلك الذبيحة التي قدمها.
ونوح يقدم لنا مثالاً رائعاً في الإيمان والأعمال أي الطاعة. فلو كان نوح قد آمن فقط دون أن يبذل مجهود ويطيع الله ويبني الفلك ما كان من الممكن أن ينجو.
لو كان بني الفلك فقط دون إيمان لم يكن له أن يتمتع بالعشرة الرائعة مع الله ولم يكن للفلك أي معنى. وهكذا المعمودية بل كل أسرار الكنيسة إذا مارسناها كطقوس جوفاء دون الإيمان بفاعلية السر، لن نستمتع ببركات السر إذ نصير أبناء الله، وأعضاء في جسد المسيح الذي هو الكنيسة، ونرث معه في الملكوت الأبدي.

2- عبور البحر الأحمر كرمز للمعمودية

  •  بنو إسرائيل كانوا عبيداً لفرعون: (وفرعون هنا يشير للشيطان) ونحن قبل المعمودية كنا عبيداً للشيطان، وبالمعمودية خلصنا (خر 23:2 , 21:4 ), (رو 16:6 )
  • ما هو حال بني إسرائيل عند خروجهم من أرض مصر؟ كانوا خائفين ومتأهبين وخصوصاً عندما رأوا فرعون يلاحقهم بعد خروجهم.
    ويقول يوسيفوس: المؤرخ أن فرعون ذهب ورائهم ب 600 عربة حربية و 50.000خيال و 200.000 رجل كيما يعيدهم إلى عبوديته أو يقتلهم (خر 7:14-10).

ولكن بينما كان بني إسرائيل خائفون، كان أمر الله لموسى أن يضرب البحر بعصاه خطوة تحتاج لإيمان وفعل في نفس الوقت (خر 15:14, 16). 
ماذا فعل موسی…. هل أطاع؟ هل عمل الشعب كما أمر (عدد 22)؟ ماذا حدث لفرعون وجنوده؟ (خر 23:14 -25), (عب 29:11 ). 

لقد غمر البحر فرعون وجنوده وأغرقهم، أما بني إسرائيل فتنعموا بالحرية.

لنتأمل ونقارن بين عبور بنو إسرائيل البحر الأحمر ومعموديتنا (1 كو 1:10, 2). فهناك توازي واضح جدا.

+ موسى هنا يرمز للسيد المسيح (اكو 2:10) “وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر”.

في كلا الحدثين، أي الطوفان وعبور البحر الأحمر، خلص الله بطريقة معجزیه شعبه الذي آمن به وأطاع. والمعمودية كذلك تحتاج إلى إيمان بالله وذبيحته، التي قدمها لنا على الصليب والتي محت خطايانا القديمة.

* نوح أظهر إيمانه ببناء الفلك، وموسى أمر شعبه للمضي قدماً للبحر الأحمر وأطاع الله ورفع عصاه ليشق البحر الأحمر، وكذلك يكون الإنسان المعمد يجب أن يؤمن بأن الله من خلال مياه المعمودية سيطهر ويغسل وستمحی خطاياه القديمة، وإنه بعد المعمودية سينعم بالحياة الجديدة كابن للمسيح، وحياته يقودها الروح القدس.

ودعونا الآن نتحدث عن سر المعمودية نفسه:
– المياه. – الزيت. – الملابس البيضاء. – الشموع 
هذه الأشياء نراها في سر المعمودية فماذا ترمز إليه في سر المعمودية. ويجب أن نضع في إعتبارنا أن السر ليس رمز أو تمثيلية إنما السر عملاً إلهية غير منظور، يقدم من خلال شياء منظورة (مواد منظورة).

  1.  المياه: رمز قوي جدا في الكتاب المقدس (كما شرحنا من قبل في الطوفان والبحر الأحمر).
    وفي العهد الجديد كانت أول معجزة هي تحويل الماء إلى خمر وكانت هذه أولى معجزات السيد المسيح على الأرض، ليعلن وجود الله المنظور (بتجسده) وطبعاً التغطيس في مياه المعمودية يرمز إلى الموت مع المسيح والقيامة إلى الحياة الجديدة.
  2.  الزيت: دائما ما يرمز الزيت إلى القوة وحلول الروح القدس الذي يعطي قوة. وكان في القديم في الأولمبياد… كان الرياضيون يدهنوا عضلاتهم بالزيت کي ما يعطيهم قوة، ونحن كذلك نحتاج الزيت و قوة الروح القدس، لنقف ونجاهر ونعيش مسيحيتنا بقوة في وسط عالم صعب.
    وأيضا كان الزيت يستخدم في مسح الملوك والأنبياء، ونحن بالمعمودية أصبحنا أعضاء في الكنيسة وجسد المسيح (الكاهن والنبي والملك).
  3.  الملابس البيضاء: رمز أننا لبسنا المسيح رمز البر، وبالنظر إلى الإنسان المسيحي يجب أن يرى الناس فينا صورة المسيح التي تجذب الناس، كما أن الملابس الجميلة الجديدة البيضاء تجذب انتباه أي شخص.
  4.  الشموع : رمز الاستنارة، فالإنسان المعمد يأخذ استنارة المسيح. وكما أن للنار سرعة رائعة في الانتشار، كذلك المؤمنون يجب أن ينيروا وينشروا إيمانهم لكل من حولهم ليس فقط بالكرازة، ولكن بالمثال الجيد والأمانة.

لحظة تحول.. لحظة حاسمة وفاصلة بين حياة وحياة.
فقبل المعمودية يكون الإنسان ليس من شعب الله، وليس له حق في الدخول إلى الجماعة المقدسة (الكنيسة) لأنه لم يرتدي ثوب البر بعد، الذي هو شخص ربنا يسوع المسيح.. “لأنكم أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح” (غلا 27:3 ).

نعمة المعمودية شرط لكى نأخذ كل عطايا الله، وندخل في شركة مقدسة معه، ومع الكنيسة الجامعة.. لماذا؟
لأننا قبل المعمودية نحمل طبيعة فاسدة قابلة للموت، بسبب ولادتنا بالخطية الجدية التي ورثناها من آدم وحواء.
فندخل المعمودية لدفن هذه الطبيعة الفاسدة، ونقوم بطبيعة جديدة لا تخضع لسلطان الموت، بل قابلة للخلود.. طبيعة أبناء الله (لا أعود أسميكم عبيد بل أبناء) بالتبني لا بالطبيعة.

+ عيد الثيؤفانيا.. هو عيد عماد السيد المسيح في نهر الأردن، ليؤسس لنا سر المعمودية وبداية ممارسة كل إنسان مؤمن علاقته مع الله.
زمن هذه اللحظة أخذت الكنيسة قوة هذا السر، لأنة بعماد السيد المسيح في نهر الاردنرتقدست كل مياه المعمودية.

المعمودية ليس حدث أو قصة مضت.. لذا نجد الأنبا أنطونيوس يقول لأولاده : (يا أولادی جددوا في كل يوم عماد معموديتكم)

صدیقی.. أعرف أنك قد تعمدت.. وكل منا نال نعمة المعمودية، ونحن أطفال لا ندری لذا نجد أنفسنا لا ندرك تلك النعمة العظيمة، التي بدونها ليس لنا أي وجود، ولا كيان..

+ فأنت قد تتلامس مع الكتاب المقدس من خلال قراءاته،
+ وتتلامس مع سر الإعتراف والتناول من خلال ممارساته المقدسة.
+ وتتلامس مع القديسين من خلال الشفاعة.

ولكننا قد لا نتلامس مع سر المعمودية، التي هي بمثابة ميلاد ثان لنا.. لذا تعال معي لنسترجع مفاعيل المعمودية في حياتنا، ونجددها في كل يوم في سر التوبة.

مفاعيل المعمودية

1- جحد للشيطان :

تدرك الكنيسة أن الشخص قبل المعمودية هو في سلطان إبليس ابن الظلمة. ولكي تقوم بعماده لابد أن يرفض انتمائه للشيطان، ويعلن رغبته ليصير ابنا لله.
لذا في البداية المعمد في حالة عماده كبيراً، أو الأشبين في حالة عماد الطفل، يرفع يده وينظر جهة الغرب ويجحد الشيطان.
هنا يعلن المتقدم للمعمودية تمرده ورفضه للشيطان وكل مملكته. والغرب يرمز للموت والخطية.. وبعد ذلك مباشرة ينظر للشرق ويعترف بسيادة السيد المسيح قائلا: أعترف لك أيها الرب إلهي وبكل نواميسك المخلصة وكل خدمتك المحيية وبكل أعمالك المعطية الحياة.
وأيضا يقر بالإيمان الثالوثي والقيامة والكنيسة الواحدة قائلا: أؤمن بإله واحد الله الأب ضابط الكل وابنه يسوع المسيح ربنا والروح القدس المحي وقيامة الجسد والكنيسة الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية.
* نجد هنا التفات المعمد من جهة الغرب للشرق والاعتراف بالكنيسة.. لماذا يتجه للشرق ويرفع يده؟

+ جهة الشرق

  1.  الإنتقالنا من مملكة الظلمة (الغرب) إلى مملكة النور. النور يشرق من الشرق، ونحن بعد المعمودية صرنا أولاد النور، لذا في صلاة نصف الليل نقول: “قوموا يا بنى النور”.
  2.  السيد المسيح في سفر ملاخي يُدعى شمس البر، والشمس تشرق من الشرق، ونحن ننظر نحو المسيح مخلصنا.
  3.  ننظر للشرق لأننا نتطلع إلى الفردوس الذي طردنا منه.
  4.  نعلن إنتظارنا للسيد المسيح الذي صعد من جبل الزيتون شرقا.ً وسيأتي في المجئ الثاني ليأخذنا معه.

رفع اليد

* في جحد الشيطان إعلان التمرد والرفض، وكأننا نضع أيدينا في وجهه.

* في الاعتراف، نحن في حالة صلاة، أي صلة الآن مع الله، وأيضا علامة تسليم حياتنا له، وكأننا نصرخ ونستنجد به.

2- نأخذ علامة مميزة كأولاد لله :

المعمودية تعني صبغة (مثل صباغة القماش مثلا) ولكن مع الفارق فالإنسان يدخل المعمودية بشكل واسم فلان مثلا ويخرج من المعمودية شكله وجوهره جديدا “هوذا الكل قد صار جديدا” (2كو 17:5 ).. وقد أصبح مسيحياً وعضوا في جسد المسيح (الكنيسة)، وهذه العلامة تصحبه في كل مكان. لذا نحن نختلف عن أهل العالم، لا نسير حسب قانون الأغلبية، ولكن لنا علامة، ونسير حسب هذه العلامة التي تميزنا حسب قانون إلهى كابن لله.

3- البنوة لله

عندما ننزل في جرن المعمودية يحدث لنا تشكيل من جديد – إعادة صياغة داخلية، ونأخذ بنوتنا.. فأنا الآن تخلصت من الخطية الجدية التي تعوق إلتحامي وإندماج في عائلة الله.
بالمعمودية نخرج من سلسلة أنساب عائلتنا البشرية لندخل في سلسلة جديدة.. سلسلة عائلة ربنا يسوع المسيح.
فنحن بالمعمودية ننتمي إلى عيلة واحدة، ورعية واحدة، عائلة أهل بيت الله.

لذا نستطيع أن نقول: أننا كلنا أخوة، لأننا من أب واحد – ربنا يسوع المسيح، وقد إتخذ الكنيسة كعروس، وثمرة هذه الزيجة هي نحن، وقد ولدنا عن طريق المعمودية التي هي رحم الكنيسة. هنا ندخل الملكوت كأبناء وورثة للملكوت.
لذا نجد الكينسة تتغنى بهذا المجد الذي لأولادها في القداس قائلة: (وأنعم لنا بالميلاد الفوقاني بواسطة الماء والروح). 

صدیقی الشاب..

– لقد أصبح لك الآن الحق في كل غنى المسيح.. لأنك صرت إينا للمسيح بالمعمودية..
فالمعمودية ليست لحظة حدثت في الماضي وحسب، بل هي مستمرة معنا كل الحياة کسمة في أجسادنا وأنفسنا وأرواحنا.
وفي كل معمودية تحضرها، هي استحضار لعماد ربنا يسوع المسيح لحساب البشرية.

فاسمع لصوت القديس الأنبا أنطونيوس عندما يقول: (يا أولادی جددوا في كل يوم عهد معموديتكم).

فكرة من ذهبي الفم

 لو عندنا قطعة من الذهب ونريد أن نصفيها ماذا نفعل؟
نأخذ هذه القطعة الذهبية وندخلها الفرن لكى تسبك وتأخذ لها شكل جديد.

هذا ما يحدث لك داخل جرن المعمودية؟

يحدث لك تشكيل جديد وتأخذ شكل جديد على صورة من يسبكك ويشكلك.


 

من المسابقة الدراسية – جامعيين-  مهرجان الكرازة 2012

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى