ملحمة جلجامش
ملحمة جلجامش هي ملحمة سومرية شعرية مكتوبة بخط مسماري على ١١ لوحاً طينياً عُثر عليها مجزأة في موقع اثري اكتشف بالصدفة عام 1853 م وعُرف فيما بعد أنه كان المكتبة الشخصية للملك الأشوري آشوربانيبال (669 -629 ق. م) في نينوى في العراق ويحتفظ بالألواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني.
الألواح مكتوبة باللغة الأكادية ويحمل في نهايته توقيعاً لشخص اسمه شين ثيقي ئونيني الذي يتصور البعض أنه كاتب الملحمة التي يعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان. تحتوي على3600 بيت شعري. وفي سنة 1872م أعلن الموظف البسيط بالمتحف البريطاني بلندن “جورج سميث” عن توصله لحل رموز أحد الألواح؛ وتتابعت البعثات الاستكشافية على المنطقة إلى أن تم الكشف عن الألواح الاثني عشر؛ وبعد دراستها
آعلن بعض البحاث أن هناك تشابهًا بينها وبين قصة الطوفان التوراتية؛ فيقول زينون
كوسيدوفسكي “وقد أثبتت آدق التفاصيل صحة نظريته (نظرية جورج سميث الذي فك رموز ملحمة جلجامش) وذلك كإطلاق الغراب والحمامة؛ وكوصف الجبل الذي رسا عنده الفلك، وكطول مدة الطوفان، وكالعبرة من الأسطورة: عقاب البشرية على أخطائها وآفعالها الدنيئة وإنقاذ الإنسان المؤومن الشريف.
تتحدث الملحمة عن ملك مدينة أوروك السومرية جلجامش. كانت أم جلجامش إلهة خالدة اسمها ننسُن وكان والده رجلاً عادياً مما جعل منه ثلث بشر وثلثي إله. في بداية القصة كان جلجامش ملكاً ظالماً وغير محبوب من شعبه.
دعى سكان مدينة أوروك للآلهة من أجل التخلص من جلجامش. استجابت الآلهة لصلواتهم وقامت الإلهة أرورو بخلق رجل بدائي اسمه إنكيدو ليكون نداً لجلجامش.
كان إنكيدو يعيش في البرية ويأكل ويشرب مع الحيوانات وكأنه فرد منهم، وكان يفسد فخاخ الصيادين، فقام أحد الصيادين بإخبار جلجامش، وأرسل جلجامش عاهرة من معبد الإلهة عشتار اسمها شمخات لكي تروضه وتعلمه التحضر.
توجهت شمخات لمكان تواجد إنكيدو وقامت بمجامعته وعلمته التحضر وحينها رفضت الحيوانات مصاحبة إنكيدو وأصبح جزءاً من عالم البشر. قامت شمخات بتعليم إنكيدو عن حياة البشر. وعندما علم عن ظلم جلجامش غضب وأراد وضع حداً له.
سافر إنكيدو لأوروك وقام بمصارعة جلجامش، كانت الغلبة بالنهاية لجلجامش ولكن أصبح الإثنان أصدقاء بعد المُصارعة ويقترح جلجامش على إنكيدو أن يسافرا الى غابة الأرز المحرمة على البشر لذبح حارس الغابة نصف الإله خومبابا لكسب الشهرة والصيت.
يسافر جلجامش وإنكيدو للغابة المُحرمة ويتصارعان مع خومباما ويتغلبان عليه بمساعدة إله الشمس، شمش، ومن ثم يقتلانه ويقطعان أشجاراً من الغابة المحرمة لبناء بوابة ضخمة لمعبد الإله إنليل وقارباً للعودة لأوروك ويجلبان معهما رأس خومبابا.
لدى عودتهما، عشتار إلهة الحب تقع في حب جلجامش وتعرض عليه الزواج ولكنه يرفض بسبب سوء معاملتها لعشاقها السابقين كالإله تموز. فتغضب عشتار وتطلب من أبيها آنو إله السماء بأن يرسل ثوراً مقدساً من السماء لينتقم من جلجامش، فيرسل آنو ثور السماء العظيم المعروف بجوجلانا ويعيث خراباً بأوروك ولكن إنكيدو وجلجامش يتمكنان من قتله.
تجتمع الآلهة وتتفق على أن تعاقب أحد الصديقين إنكيدو او جلجامش بسبب معاصيهما. فيقررون معاقبة إنكيدو لأنه بشر، أما جلجامش فدم الآلهة يجري في عروقه. يمرض إنكيدو ويموت ويصيب جلجامش الحزن لموت صديقه العزيز.
بعد موت إنكيدو، بدأ جلجامش يفكر بمصيره إذ كان يعلم أنه ليس خالداً كباقي الألهة. فقرر إيجاد إنسان يدعى أوتنابشتم لمعرفة سر الحياة الأبدية. أوتنابشتم هو الإنسان الوحيد الذي استطاع بلوغ الخلود وكان جلجامش يأمل أن يعلمه كيف يتجنب الموت.
بعد رحلة طويلة ومليئة بالمصاعب، يلتقي جلجامش بأوتنابشتم. ويحدّث أوتنابشتم جلجامش كيف قررت الآلهة التخلص من البشر عن طريق الطوفان ولكن إله الحكمة إيا أفشى مخطط الآلهة جاء لأوتنابشتم وأمره أن يبني قارباً عملاقاً ويأخذ زوجين من كل كائن وعائلته وبذور النباتات. بعد الطوفان ندمت الآلهة لمحاولتها تدمير الإنسان وقررت منح أوتنابشتم الخلود.
يطلب جلجامش من أوتنابشتم أن يعلمه سر الخلود، فيقرر أوتنابشتم أن يعطي إختباراً بأن يبقى مستيقظاً لمدة أسبوع وإذا أنهاه سيصبح خالداً، ولكن جلجامش يفشل على الفور. فيطلب أوتنابشتم من جلجامش أن يعود من حيث أتى، إلا أن زوجة أوتنابشتم تقنعه بأن يُخبر جلجامش عن مكان النبتة المعجزة التي تعيد الشباب.
يجد جلجامش النبتة ويقرر أن يجربها على شيخ لدى عودته لأوروك. وفي طريق عودته يسرق ثعبان النبتة ويأكلها ويغير جلده ويسترجع شبابه ويبكي جلجامش لسوء حظه وعلى مجهوده الضائع ويرجع خاوي اليدين حزيناً إلى أوروك.
عند عودته لأوروك، يرى جلجامش المدينة العظيمة والسور الذي بناه حولها ويُدرك أن اسمه سيخلّد إذا كان حاكماً جيداً للمدينة العظيمة. في نهاية الملحمة، يموت جلجامش ويحزن سكان أوروك عليه حيث أنهم يعلمون أنه لن يأتي حاكم مثله أبداً. وبالفعل بقي اسمه خالداً حتى يومنا هذا.
من كتاب تاريخ بني إسرائيل – الراهب أولوجيوس البرموسي